مَنْ يؤيِّد مذبحة؟ ترجمة: أمين خير الدين
15/06/2017 - 02:50:22 pm

مَنْ يؤيِّد مذبحة؟ جدعون ليفي

هآرتس، 2017/6/15                               ترجمة: أمين خير الدين

    إسرائيل وغزّة لا تقتربان من حرب أخرى، ولا تقتربان حتّى من "عمليّة عسكريّة" أو "جولة".  يهدف هذا القّوْل الكاذب إلى التضليل وتغفيل ما تبقى من ضمير. ما يتصدّر الجداول في الوقت الحاضر أننا نقترب من مذبحة جديدة في غزة. مذبحة مُراقبة، ومفصّلة، ليست شائعة جدّا، لكنها مذبحة. ربما تكون فظيعة كسابقتيها، وربّما تكون أكثر فظاعة – وفي كل الحالات، ستكون مذبحة. عندما يتحدّث ضبّاط، أو سياسيّون، أو مُحلِّلون عن "الجولة القادمة"، هذا يعني أنهم يتحدّثون عن المذبحة القادمة..لن تكون حرب في غزة، لأنه ليس في غزّة مَن يواجه أكثر جيوش العالم تسليحا، حتّى لو  تكلّم ألون بن دافيد عن " قوّات بحجم أربع فرق" لدى حماس. ولن تكون بطولة إسرائيليّة في غزّة، لأن مُحاربة مواطنين عُزّل ليست بطولة. ومن الطبيعي أنّها لن تكون حربا عادلة أو أخلاقية في غزة، لأن مهاجمة قفص مُحاصر على أهله ليس أخلاقيا، حتى أنه ليس لديهم باب للهروب.

        دعونا نسمّي المخلوق باسمه: اسمه مذبحة. عن هذا يتحدثون اليوم في إسرائيل. من يؤيّد ومن يُعارض. هل سيكون لصالح إسرائيل. هي سيضيف شيئا لأمنها، لمصالحها. هل سينهي  سلطة حماس، نعم أو لا. هل يخدم "معادلة الاحتمالات "بايز" لليكود، نعم أو لا. هل هناك خيار لإسرائيل، طبعا لا. كل هجوم على غزّة ينتهي بمذبحة، ليس هناك ما يُبرر ذلك، ليس هناك ما يُبرّر ارتكاب مذبحة. لذلك دعونا نسأل: هل نحن مع مذبحة في غزّة، أو ضدّ.

  الطيّارون يسخِّنون الخطوط، ومثلهم جنود المدفعيّة والجنديات على عصا التّحكّم. إضافة ساعة أخرى من انقطاع الكهرباء – وتُعْطى الإشارة. صواريخ قسّام. ومرة  أخرى إسرائيل هي الضحيّة. خرجنا من غزة وهذه هي النتيجة التي حصدناها.هي، حماس لا ترحم، حماس، تثير الحروب.

  وهل لدى غزّة وسيلة أخرى لتُذكِّر بوجودها، ولتذكر بضائقتها غير الإنسانيّة، غير صواريخ القسّام؟ ساد الهدوء لثلاث سنوات، فحصلوا الآن على تعاون في التجربة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية: التجربة الأولى ببني البشر. هل الكهرباء لساعة واحدة كافية لحيان الإنسان؟ ربّما تكفي عشر دقائق؟  وماذا يحصل للإنسان بدون كهرباء؟ التجربة بأوجها، والباحثون يضبطون أنفاسهم. متى ستسقط  القذيفة الأولى؟ ومتي ستكون المذبحة التي تعقبها؟

   ستكون المذبحة هذه المرّة أكثر فظاعة من سابقتيها، لقد علمَنا التاريخ أن كلّ "عمليّة عسكريّة" إسرائيليّة تكون أفظع من سابقتها: عملية "الرصاص المسكوب" مع 1300 قتيل فلسطيني، منهم 430 طفلا و- 111 امرأة، مُقابل عمليّة "الجرف الصامد" مع 2200 قتيل، منهم 366 فتًى و – 180 طفلا وطفلة و – 247 امرأة. تقريبا الضعف. كلّ الاحترام للتقدّم وللزيادة بعدد الأطفال القتلى. قوّتنا تتضاعف من عملية عسكريّة لأُخرى. وقد وَعَدَ ابيغدور ليبرمان بأنّه سيكون حَسْم. بما معناه، ستكون المذبحة هذه المرة مخيفة أكثر من سابقتيها، إذا كان من الممكن التعامل بجديّة مع ما يقوله وزير الدفاع.

     لا معنى للكلام عن معاناة غزّة، بدون ذلك لا يهمّ الكلام أحدا. بنظر الإسرائيليين كانت غزّة ولا زالت وكرا للمخرّبين. ليس فيه بشر كالإسرائيليين. كلها أكاذيب غزّاوية: الاحتلال انتهى من غزة، هه هه هه. كل سكانها قَتلَة.. يحفرون الأنفاق بدلا من تدشين  مصانع الهايتك. وحقيقة، لماذا لم تبنِ حماس غزّة، كيف تجرؤ؟ لماذا لم تبنِ حماس صناعة خلال الحصار، هل الزراعة في السجن والهايتك في القفص؟ وهناك كذبة غزّاويّة أخرى: سننهي سيطرة حماس. هذا غير ممكن ولا تستطيع ذلك إسرائيل.

   أعداد القتلى تتراقص بغموض عندنا ولا أحد يقول شيئا، مئات القتلى من الأطفال، مَنْ يتخيّل ذلك. الحصار ليس حصارا، حتى أن انقطاع الكهرباء  لمُدّة ساعة في الصيف الحار والرّطْب عن تل أبيب لن يؤدي إلى شيء من التضامن مع مَنْ يعيش بلا كهرباء، وعلى بُعْد ساعة سفر من تل أبيب، لذلك دعونا نستمر بما لدينا: مسيرة المثليين، أسعار للمستأجرين، المعلم المنحرف جنسيّا. وعندما تتساقط صواريخ القسّام  ستنتابنا الصّدمة، وبفضل الظهور بمظهر الضحيّة المُقدّسة يُقْلِع الطيّارون الماهرون مع الفجر، في طريقهم لارتكاب المذبحة القادمة.

2017/6/15  

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق