لا حاجة لهاج، لدينا  الكريا
24/02/2017 - 08:56:06 am

لا حاجة لهاج، لدينا  الكريا

جدعون ليفي

هآرتس 2017/2/23                                           ترجمة: أمين خير الدين

    وطنيٌّ أكثر من مسرح هبيما، شعبيٌّ أكثر من المسرح الشعبي للمرحوم ا. دشا (فشنل)، يُعَبِّر أكثر من الكنيست، ويعكس أكثر من الاستطلاعات -  حيّوا معي مسرح  جيش الدفاع الإسرائيلي بانعقاده كمحكمة عسكريّة، التّمثيليّة الأصدق انعكاسا للمجتمع، هي محكمة العدل العليا  للدولة. إنتاج عملاق، عشرات من المسئولين، النّقّاد يمدحون، الجمهور يقوم ويقعد، الملابس (الملابس العسكرية) ولا بُد، الديكور، الإنارة والمشهد ليس صيحة أخيرة – أملاك غائبين سواء كان في يافا أو في كسركتين في الكريا. إضاءة نيون ومقاعد حديديّة. مَشْهد مُتمّيّز، واقعي وموضوعي، يعكس ويُعبّر، والنهاية دائما معروفة.

     ليس هناك شيء أكثر إسرائيليّة من هذه المحكمة، وليس هناك أكثر صِدقا وأصالة من قرار حكمها بقضيّة اليئور أزاريا. مرة أخرى شَحَّ العدل، مرة أخرى ظُلِّلتْ، مرّة أخرى كان النظام السوي كما لو ...، مع دفاع، ونيابة وكلمات ختاميّة. مرّة أخرى أحلى تمثيليّة في المدينة، ومرّة أخرى نساير الظلم ونحن نشعر بلا، كأكثر ما يُحبّ الإسرائيليّون، وأكثر ما يحبّونه هو أن يأكلوا الكعكة ويريدونها أن تبقى كاملة. مَن غير هذه المحكمة العسكريّة توفِّر لهم مثل هذه البضاعة. قرار حُكْم يقدح نارا على "قُدْسية الحياة"، قرار حُكْم على سارق درّاجة هوائيّة.

    لا حاجة لمحكمة العدل الدولية في هاج، لدينا الكريا. حقيقة، جندي بكل  برودة وعن قصد وسبق إصرار  أمات فلسطينيّا وهو يحتضر، لا أقول قتله، وقُدِّم للمحاكمة، وعوقب، أرأيتم عدالة كهذه في العالم؟ في أمريكا؟ في أوروبا؟  أرأيتم أخلاقا أكثر من ذلك في العالم، طبعا نحن الأكثر أخلاقا. كلّ الاحترام لجيش الدفاع الإسرائيلي، ولجهاز قضائه.

هكذا يريد مُعْظم الإسرائيليين أن يروا قضاتهم، يتباهون كثيرا بالعدل والمساواة - شريطة أن يكون لليهود فقط، يتكلمون عن قداسة حياة الإنسان – ويعتبرون حياة الفلسطيني أدنى من حياة كلب (إسرائيلي). قرار الحكم  على أزاريا يؤكّد ذلك تماما. خرج أزاريا من المحكمة بطلا، في دولة يُعْتبر فيها ُ قاتل العربي بطل. وتقريبا ليس فيها أبطال لم يقتلوا عربا. مرّة أخرى قالت المحكمة للإسرائيليين ما يُحبّون سماعه: حياة الفلسطينيين أرخص من الرخيص، في بيع نهاية الموسم.

   نفس المحكمة التي أدانت آلاف الفلسطينيين بمُنْتهى الظلم خلال عشرات سنوات الاحتلال. مع كثير من القضاة (والمترافعين)  المستوطنين، أنصار القانون الدولي والمساواة أمام القانون، المحكمة العسكريّة بانعقادها في الأرض المحتلّة تسيء لعنصرية إسرائيل المُكرّرة. هناك في معسكر عوفر وفي مَنْشَأَة عتصيون، بعيدا عن كلّ العيون، قانون لليهودي وآخر للعربي، وبلا تردُّد.

    وهكذا أيضا تصوِّر المحكمة المجتمع، أكثر مما يعكسه هيكل العدالة في أورشليم. أزاريا الفلسطينيّ كان سيُحْكم عليه بالمؤبّد في محاكمة خاطفة، وبدون  "أزمة عائلية"، "جندي مُمَيّز"، مع "ماض نظيف"، و"ظروف خاصّة"، بدون أيّ سؤال بماذا  فكّر، وماذا جرى له. هل قتلت يهوديّا؟ هل حاولت إراقة دم يهودي؟ حكم واحد، لا غير.  

   تعرف هذه المحكمة كيف تُكافئ جنود وقادة ج.د.ا. . وكيف تغطّي عليهم، كما يريد الشعب وكما يتوقع القادة منها أن تعمل، وكيف تُحْرِف محاكماتهم. فقط في محكمة كهذه  يمكن لضابط كبير مثل أوفيك بوخريس، الضابط الذي اتُهِم باغتصابٍ وبلواط أن ينال عقوبة  هكذا قاسية وهي تخفيض في الرتبة. هكذا كانت المحكمة فظّة معه. تماما كما أن موسيقى ج.د.ا. بلا موسيقى، وكما أن غالي صاهل ليست صحافة – هكذا هي هذه المحكمة ليست محكمة. إنّها أكثر فسادا من المثالَيْن السابقين: تبعث بخريجيها  وأتباعها إلى جهاز المحاكم المدنيّة كالمستشار القضائي للحكومة، أبيغاي مند لبليت، المستشار الذي نما في حياض هذا الفساد، ومثله كثيرون  من القضاة. بما فيه محكمة العدل العليا، والقُضاة المقتنعون أنهم عملوا في القضاء على مدى سنين. وأنهم يحملون معهم تراث القضاء الفاخر من كرافانات  عوفر، وقد نُحِتت بهم إلى الأبد.

2017/2/23

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق