"بيبي ليس بوبي"!
11/01/2017 - 08:25:09 am

11-1-2017

"بيبي ليس بوبي"!

راضي كريني

أجد نفسي مضطرًّا للتنبيه من الشطحات الخياليّة المبالغة، والعودة لاستعمال الخناجر  في تمزيق مشاريع الاحتلال، خاصّة بعد مشاهدة هروب عشرات الجنود الإسرائيليّين المدجّجين بالسلاح من أمام شاحنة الدهس في متنزّه قصر المندوب الساميّ، في القدس.

على المؤسّسات الإسرائيليّة التساؤل: لماذا لم يقم الجنود الذين تواجدوا في المكان بإطلاق النار ؟... وهذا شأن لا يعنينا من قريب أو بعيد.، ويجب أن لا يدفعنا لسحب السيوف الخشبيّة أمام آلات البطش الاحتلاليّة، وأن لا يعيدنا إلى مشاهد القيادة الفلسطينيّة التقليديّة التي أخذت تمزّق وعد/تصريح بلفور (2-11-1917) بالخناجر أمام الجماهير الفلسطينيّة، في المهرجانات الخطابيّة، إبّان قيام إسرائيل (وعد مَن لا يملك لمن لا يستحقّ).

لا يعنيني الحرج الذي أصاب المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة ... وللمعلوميّة هذا الهروب للجنود الإسرائيليّين المسلّحين لم يكن الأوّل من نوعه، لقد شاهدناه قبل ذلك في عدّة حلبات.

وردّ الفعل لبعض "القيادات" العربيّة يعيدني إلى حكاية "الجبان المستأسد".

كان أبو حيّة النميريّ جبانا، بخيلا، وكذوبا. وكان له سيف، يسمّيه "لعاب المنيّة"،  لا فرق بينه وبين قطعة من خشب. دخل ليلة إلى بيته، فسمع صوتا غير مألوف له، فاستلّ سيفه وقال: أيّها المُغترّ بنا، بئس ما اخترت  لنفسك، خير قليل، وسيف صقيل، هو لعاب المنيّة الذي سمعت به، مشهورة ضربته. اُخرج قبل العقاب!

وما كاد يفرغ من خطبته حتّى خرج كلب من باب الدار، فقال النميريّ: الحمد لله الذي مسخك كلبا، وكفانا حربنا.

لا يا "إخوان"، بيبي ليس بوبي، ولن يخرج من دارنا باستلال السيف، وبإلقاء الخطب العصماء، وبوعود كوعد بلفور.

هي أفكار معادية ومعيقة  للتحرّر الوطنيّ، أن ننيط الدور الحاسم بالتحرّر، وبصناعة التاريخ ، و... بالقائد السياسيّ. لن يأتي التحرّر السياسيّ بسقوط بيبي عن سدّة الحكم، ولن يستطيع ترامب أن يصنع التاريخ على هواه! ولن يتوقّف تطوّر الدافعيّة الفلسطينيّة للتحرّر على العناية الإ لهيّة، أو على القدر المكتوب.

لن يكون التحرّر، السياسيّ والاجتماعي، الفلسطينيّ إلّا حصيلة نشاط  الجماهير الفلسطينيّية أنفسهم، وهذا لن يأتي بناء على رغبات ودعوات وتصريحات و... ونجاح وسقوط الزعماء السياسيّين؛ وإنّما يأتي في ظروف معيّنة، لا تتوقّف على مشيئة ترامب وبيبي.

بدون الجماهير الفلسطينيّة لن تقوم للتحرّر السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ قائمة.

ولن تلعب الجماهير دورها في ظلّ الانقسام، ولا إذا حشوناها بالسياسة و... وبالحق، وبالوعد فقط. تلعب الجماهير دورها في ظلّ نضال ثوريّ مقرون بحياة روحيّة راقية ومتحضّرة، وفي ظلّ ثقافة إنسانيّة ووطنيّة وعادلة، وفي ظلّ تربية (وتعليم ) عالية، وأخلاق أعلى، وهذا لا ينفي دور القيادات التاريخيّة، التي تستند إلى تحرّك الجماهير، وتؤثّر في تطوّر الأحداث باتّجاه التحرّر والتقدّم.

على القيادات الفلسطينيّة جميعها (نأمل خيرا من اجتماع بيروت) أن تذوّت بأنّ الموقف السياسيّ الصحيح يسبق التحرّر، وهو دليل على اختمار الظروف الموضوعيّة والذاتيّة للتحرّر.

بيبي وترامب، وكلّ القيادات الاستعماريّة والرجعيّة في أزمة، وأزمتهم دلالة عجز، وعجزهم يفتح ثغرة، يتسرّب منها تذمّر واستياء شعوبهم، وبعض النخب السياسيّة؛ فعلى القيادات الفلسطينيّة أن تستغلّ هذه الثغرة متّكئة على وعي جماهيرها.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق