المشحرة والبراغيث بقلم هادي زاهر
2009-04-27 00:12:24
عادت "أمُّ صابر" فجأة، للتحرش "بأبي مدرك"، وكانت تطمح في أن تلد مهراً أصيلاً  يجاري "أبا مدرك" في شكله وقوته وأصالته، ولكنها ولدت "عدسا"ً بعد عدس، مما دفعها إلى التفكير بالمحاولة من جديد علها تستطيع أن تغريه  فتحسن نسلها ؟!!!!.
     وصلت بجانبه وأخذت  تحك  فمها  بعنقه متقدمة نحو رأسه، وما أن نفثت أنفاسها في وجهه حتى أخذته موجة من العطس، نظرت أم صابر إليه معتقدة أن وعكة صحية قد داهمته، فقالت بصوت عال وحنون:
 - سلامتك يا حبيبي!!
لكن "أبا مدرك" رمقها بنظرة اشمئزاز وأبتعد دون أن ينبس ببنت شفة،

تركت أم صابر "أبا مدرك" متظاهرة بتفهم الموقف، لتعود في اليوم الثاني. اقتربت منه وأخذت تحتك به كي تثير به الرغبة!

ابتعد "أبو مدرك" ولسان حاله يقول: وبعدين معاها هاي
   ولكن أم صابر لحقت به هيدبة، لقد ضحك "أبو مدرك" عندما التفت إلى الوراء وشاهدها وهي تحاول أن تقلده في مشيته، وقرر أن  يدخل إلى  الغابة مسرعاً ليبتعد عن ناظريها.
فكرت أم صابر في حيلة تجعل "أبا مدرك" يُعجب بها، وقادها خيالها إلى تغيير لون شعرها، قالت لنفسها:
-        يبدو انه لا يحب اللون الأشقر الباهت الذي صبغتُ شعري به بعد أن غزا الشيب رأسي!
وفورا قررتْ صباغة شعرها باللون البني الغامق، وأخذت تفتش عن بقعة من الوحل، وسرعان ما وجدتها، فأخذت تتمرغ فيها حتى اعتقدت بأنها ستظهر أمامه مهرة أصيلة وعندها سيعجب بها.
إحساس بالسعادة راودها بعد أن تخلصت من قرص البراغيث التي سقطت  من جسمها أثناء عملية التمرّغ، ولكن هذا الإحساس لم يدم إذ توترت نفسيتها بعد أن طال تفتيشها عنه، وما أن رأته حتى انفرجت أساريرها!!

 ولكن "أبا مدرك" لم يتمالك نفسه وأخذ يضحك بصوت عال، فما كان منها إلا أن أجهشت في البكاء وقالت لنفسها:

- ترى هل ذهب كل تعبي أدراج الرياح؟ لماذا يرفض طلبي؟!!
نظر "أبو مدرك" إليها وقد غزت قلبه الشفقة وقرر أن يستجيب لرغبتها، اقترب منها وما أن وصل بمحاذاتها حتى أخذت تدور حوله في حركات استعراضية، ولكن "أبا مدرك" عاد وقال لنفسه: ما لي ولها؟ هل نسيت
أنها ليست من فصيلتي؟؟
ومضي في سبيله فجن جنونها وأخذت تصرخ باكية بأعلى صوتها، فقال: "أبو مدرك" لنفسه: سألبّي نزوتها ولو لمرة واحدة! ولكني لن امنحها مائي حتى لا تحمل وتلد "عدساً"!!
وعاد  مسرعاً وهم بنشبته، ولكنه عاد وتنازل عن فكرته، مما جعلها متوترة أكثر. قالت وقد اعتصر الوجع قلبها: 
- لقد إستهم فلماذا تراجع؟!!

ثم ضربت رأسها بجذع شجرة بقوة فأحست بالدوران وكادت أن تسقط، وما أن خف الوجع حتى عادت تحاور نفسها:

  لقد تنافس عليّ الكثيرون من فصيلته، وحدثت أكثر من معركة في سبيل معاشرتي، فلماذا يرفضني؟!!
وبعد تفكير طويل قالت لنفسها: يبدو أن اللون الأشقر الباهت والغامق لا يغريانه،  سأصبغ شعري باللون الأسود!
وأخذت تفتش عن تربة سوداء ولكنها لم تجدها بسهولة، وأثناء سيرها وتفتيشها الطويل وجدت موقع "مشحرة" كان يُصنع فيه الفحم، فسُرَّت جداً، قالت: سأحقق هدفين في آن واحد، سأنظف شعري من البراغيث، فقد بدأ يعود ويقض مضجعي، إضافة إلى صباغة شعري مجدداً، وارتمت وسط التراب الأسود وأخذت تتمرغ سعيدة،  وما أن أوشكت أن تنهي مهمتها حتى علا صوتُ عويلها، لقد كان بين التراب جمر مدفونا وما زال متقداً فحرق جلدها، أخذت من شدة وجعها تصرخ وتبكي  وتسب على الدنيا  بجمالها وروعتها!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق