لا شعير في المخلاة بقلم راضي كريني
2014-11-26 10:03:09
يستهدف اليمين الإسرائيليّ المتطرّف أن يفضي النقاش الدائر حول تعريف دولة إسرائيل إلى سلسلة من القوانين العنصريّة؛ ليسقط عن الجماهير العربيّة في البلاد أبسط الحقوق المدنيّة والقوميّة والوجوديّة المتبقّية لها، وليفرض على الجماهير اليهوديّة حالة من الإنكار للصراع العربيّ الإسرائيليّ (أو كما يريد سعود الفيصل: الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ!)؛ فينهار حقّ الشعب الفلسطينيّ في المناطق المحتلّةّ بتقرير المصير والاستقلال، وفي العيش بكرامة وبحريّة وبعدل و... 
يصرّ بنيامين نتنياهو-بيبي، رئيس حكومة إسرائيل، ممثّل اليمين المتطرّف، على فرض قانون "الدولة اليهوديّة" كقانون أساس يحدّد فيه هويّة دولة إسرائيل القوميّة، متذرّعا بأنّ غالبيّة الدول الديمقراطيّة تعرّف نفسها بأنّها دول قوميّة، ويُسقط سهوًا أو جهلاً أو استخفافًا قرارات الشرعيّة الدوليّة واستحقاقات السلام، ويجتهد ويغري ويهدّد و... ليكسب تأييد القيادات السياسيّة والأمنية وأصحاب رؤوس الأموال المعارضين لنصّ القانون المتطرّف، وليس للقانون، الذين يتمتّعون بعلاقات جيّدة ومتبادلة النفع مع الإدارة الأمريكيّة ومع القيادات الأوروبيّة؛ فيخرج بيبي فئران التجارب من قبّعته السحريّة بحركات وبأشكال مختلفة، وينتقي حُجَجه العنصريّة المتطرّفة بتأنٍ وبحكمة ليقنع بإخلاصه لليمين الصهيونيّ وبوفائه للمستوطنين والاحتلال، وبخوفه على نقاء الشعب اليهودي وتفوّقه، وبحرصه على سلامته وأمنّه وتطوّره و... لكن الخطيب الذي لا يتقن الحديث؛ يقال عنه: "حمار عليه مخلاة لا شعير فيها".
إذا استمرّ بيبي نتنياهو في الحكم، لا أستبعد أن يستعين ببرنامج حزب "العمّال الاشتراكيّ الوطنيّ" الألمانيّ، الذي كتبه هتلر، ليفرض بنوده كقوانين أساس في دولة إسرائيل،كي يملأ مخلاته بالشعير النازيّ!
كتب هتلر في البند الرابع: لا يتمتّع بالحقوق المدنيّة إلاّ مَن كانت تجري في عروقه الدماء الألمانيّة ...وبيبي نتنياهو يميّز في الحقوق المدنيّة بين المواطنين الإسرائيليّين، ويقونن تمييزه ويشرعنه ويؤمن به.
وكتب هتلر في البند الخامس: يقيم الأجانب في ألمانيا كضيوف في حدود القوانين .... وميّز بين المواطن الألمانيّ المؤسّس والمستوطن الضيف المحافظ والمتخلّف عن الركب الآريّ و... ويكتب بيبي نتنياهو أنّ إسرائيل هي دولة الشعب اليهوديّ، وأنّ اللغة العبريّة هي اللغة الرسميّة والشريعة اليهوديّة هي مصدر القانون والقضاء الإسرائيليّ و...
نجد بين طيّات دساتير الدول القوميّة، التي يستشهد بوجودها بيبي نتنياهو، أنّ هناك بنودا تعتبر أدوات لتحقيق العدل الاجتماعيّ ولإنهاء الاستغلال، وللدفاع عن كرامة الإنسان، ولحماية وسيادة الحريّة والديمقراطيّة، وبأنّها أسس للتنمية والتطوّر والحضارة الإنسانيّة و...أمّا بيبي نتنياهو فيتصرّف مثل "صرّاف أعمى وكيسه مخزوق" ويفتّش عن إطار قانونيّ/دستور يحقّق من خلاله للأكثريّة اليهوديّة هيمنة ديموغرافيّة واقتصاديّة وسياسيّة على الأقليّة العربيّة في البلاد، وليخلّد التمييز العنصريّ والاضطهاد الطبقيّ والقوميّ، وليجعل ملكيّة وسائل الإنتاج في الدولة لليهوديّ فقط، ولينشر ثقافة الاستعلاء القوميّ/العرقيّ المنتجة للهويّة القوميّة الشوفينيّة ولنظام الأبارتهايد/الفصل العنصريّ.
سيفهم بيبي نتنياهو عاجلا  أنّه لا يستطيع أن يحرمنا من وطننا الساكن فينا، لأنّ "العتمة مش على قد يد الحرامي"، هذا وطننا ونحن هنا، و"المبلول ما بيخاف من رشق المطر"، ونحن لا نعيش في محميّات كالهنود الحمر، ولم نعد أيتامًا على طاولة اللئام، لقد شببنا عن الطوق، ولم نعد نتّكل على دول "الطوق" وعلى صديقتنا بريطانيا العظمى! ولن نقبل بأقلّ من المساواة، ولن نتنازل عن تحالفنا مع القوى الديمقراطيّة اليهوديّة "طوق النجاة" من غرق إسرائيل، كلّ إسرائيل بأقليّتها وأكثريّتها، في مستنقع الفاشيّة! 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق