"في خِضمّ العاصفة الأخيرة..."أبوسنان تحت المجهر"
2014-11-24 10:24:03
"في خِضمّ العاصفة الأخيرة..."أبوسنان تحت المجهر" 
بقلم:شريف صعب-أبوسنان
 
أيّها القارئ الكريم،يا أبناء أبوسنان العزيزة!
إلى متى ستبقى أبوسنان تحت المجهر، تستقطب من فَينة إلى أخرى زعامات المجتمع العربيّ الكريم على اختلاف مشاربه،لمنع وقوع المصيبة ولإرساء الأمن والطّمأنينة في ربوعها؟!وهل نحن نختلف إلى هذا الحدّ عن المجتمعات الرّاقية!هل سنبقى عرضةً للدّعايات والأقاويل ودبّ الفتن...ومسرحًا للكراهية والضغينة التي لا رصيد لها ولا أسباب حقيقيّة تُبرّرها الّلهمّ إلا بث الدّعايات والتغرير بحفنةٍ رعناءَ في هذا المجتمع الحبيب!
والّله لقد أصبحنا نخجل من أنفسنا لأنّ..."طبختنا قد شاطت" من كثرة ما"لبّكنا"،حتّى الآن، القيادات السّياسيّة والدّينيّة في أنحاء البلاد!
إلى متى سنبقى هكذا، ومن يعرف ماذا ستكون"نهايتها"فليقف..وليجبني بأدبٍ وبعقلانيّة!
عزيزي القارئ، لقد وهب ربّ العالمين العقل لكلّ مخلوقاته، وكانت حصّة الإنسان أضعاف أضعاف ما أعطاه للحيوان، حيث وهبنا قدرة التّمييز بين الأمور ومتناقضاتها...بين الخير والشّرّ، بين الإحسان والإساءة ، وأعطانا،أيضًا، القدرة على تطوير فكرنا وخيالنا لاختراع ما يخدمنا وما يريحنا من أجل حياة أفضل. وهل عندنا أعزّ من هدية "العقل" هذا الّذي إذا أطعناه هدانا إلى سواء السّبيل وإلى النّور...وإذا خالفناه جلب علينا الويل والعاروالظلام والدّمار. فهل يوجد شيء أعزّ وأغلى على قلوبنا من"العقل"؟!
كيف يمكن،إذًا، بهذه السّهولة أن نقطع الفرع الّذي نقف عليه جميعنا ونهدم البيت الأبوسنانيّ الّذي من شأنه أن يهبنا المحبّة والدفء والأمان!؟
والّله إنّ قطرة دماءٍ من أيّ طفلٍ أبوسنانيّ لأَعَزُّ من الدّنيا وما عليها!هذا إذا حكّمنا عقولنا،وإلا لنزفنا ولسالت دماؤنا هدرًا أمام المغرِضين الكارهين الّذين لا يكنّون لنا إلا النّوايا السيّئة كي يرقصوا على دمائنا...كما يحصل لمن مِن حولنا! إنّنا،كأبوسنانيين،ضدّ أيّ تدخّلٍ خارجيّ مهما كان نوعه ولونه، آتٍ للتّأجيج ولإشعال نار الفتنة بيننا...فأهل مكّةَ أدرى بشعابها!
نحن في هذه البلاد،إسلام ومسيحيّون ودروز،أبناء شعب واحد ووطنٍ واحد تجمعنا لغة الضّاض،عاداتنا وتقاليدنا الطّيّبة وقيمنا الدّينيّة كصوْن الأعراض والحفاظ على الأرض واحترام الحقوق في العبادة،فالّله واحد أحد موحَّدين في عبادته وفي الّلجوء إليه في الضّراء والشّكران له في السّراء...كلٌّ على طريقته،وعندما أوصى النّبيّ الكريم"صلعم"في الجار السّابع، علّمنا بكلامه هذا عِلمًا حكيمًا!
فمن أين لنا،إذًا،يا تُرى هذه الضّغائن والأحقاد والنّوايا ..؟! هل يجب أن نترك فئةً ضالةً قليلةً أغواها الجّشع والبَطَرُ وهي على ضلالٍ مُبين، نتركها تعبث بنا كما تعبث العاصفة بأوراق الخريف؟!...لا وألف لا! ثمّ ماذا مع شعارات:"أبوسنان دوم" و"نحن أبناء بلد واحد" و"كلّ حياتنا مع بعض" و"نحن جيران" و..."نأكل من صحن واحد!" هل هذه كلّها شعاراتٌ زائفة؟ لماذا إذًا الكذب على الّلحى؟!
والّله لو حصل أيّ سوءٍ لأيّ واحدٍ منّا لهبّ الآخرُ لنصرته ومن لا يصدّق كلامي فليذهب وليقرأَ عمّا يحصل في جبل الدّروز الأشمّ في السّنوات الأخيرة من حماية المظلوم ومن إقراء للضيف والدّخيل من إخواننا المسلمين النازحين من ديارهم الّتي هدّمتها براميل النظام وطائرته!
أيّها الأبوسنانيّ الكريم،لا يجوز لنا أن نترك الأمور تسير على عواهنها لئلّا يصيبنا كالّذين أبحروا ثمّ اختلفوا...فقسّموا السفينة فيما بينهم،حتّى قام أحدهم...ليحفر حصّته وليعرّض جميعهم لخطر الغرق! وكما قيل:..إن تركوه لغرق وغرقوا وإن ردعوه،لنجا ونجَوا جميعًا!...فما علينا الآن إلا أن نضرب بيدٍ من حديد على الأيادي الخبيثة المُحرّضة من أجل الحفاظ عليها وعلينا جميعًا، فالحكيم هو من يُداري أمواج البحر الهائجه...ويثبّت الشّراعَ.
فما المشكلة أن نفهم أحاسيس بعضنا وحساسيّاتنا وأن نتفادى وقوع الأخطاء!
إنّ السِّلمَ الأبوسنانيّ والهدوء الدّاخليّ لأهمّ من أيّ اعتبارٍ في هذا الكون...وهل نحن ملزمون لرفع شعاراتنا إذا كان الأمر سيؤدي لتعريض أمننا وأطفالنا وجيراننا وسعادتنا وبيوتنا للخطر!؟...من أين لنا هذه البطون المليئة بالمكيدة والضّغينة، وهل بهذه السّهولة نضع حياتنا ومصائرنا في كفّ عفريت!!
تعالوا نعود إلى المحبّة الحقيقيّة ،إلى الإلفة الصحيحة، لعشرة الأجداد وعطفهم على بعضهم...دون مِنّةٍ فكيفما نتجوّل نلتقي..في الأفراح والأتراح، في المؤسّسات والأسواق، في المدارس والمعاهد، في كلّ مكان فنحن دائمًا مع بعض كالقلب والرئتين، إذا شكى أحدهما يشكو له العضوُ الآخر...فلا غِنًى لنا عن بعضنا وهذا هو قَدَرُنا.
إنّ قلبي مع كلّ المصابين من أبناء بلدي ولا يسعني، باسم أصحاب العقول النيّرة، إلا أن أتمنّى الشّفاء العاجل الأكيد لكلّ من وقع ضحيّةً لهذه العاصفة الهوجاء الّتي كان من المُمكن أن تكون ذات نتائج أصعب بكثير، فما علينا إلّا أن نحمد الّله تعالى وأن نطلب منه الّلطف والتلطيف...وكأنّي بملائكته وبأنبيائه الصّالحين يقولون لنا: كفى،كفى يا عباد الّله...فربّكم واحد!
عندما أقول هذا الكلام يعتصر قلبي ألمًا على المصابين وأهاليهم، أصدقاءنا وجيراننا فكلّنا أبناء عشيرة واحدة وسنبقى نعيش مع بعضنا ولا أحدٌ منّا سيرحل عن الآخرَ.فلا يجوز أن نصبح قصّةً على ألسنة النّاس في كلّ مكان، في الدّاخل والخارج...بسبب وسائل الإتّصال الآثمة الّتي لم تجلب لنا،في هذا الصّدد، إلّا الويْلَ والعار حيث أنّ شبابنا...وشاباتنا أصبحوا"فنّانون" في استعمالها لكلّ ما يُسئُ بالشّرف الرّفيع وبالمشاعر الدّينيّة...ممّا يساعد على تهديم ما بقيَ عندنا من أخلاقيّاتٍ...ضئيلةٍ!!
 فالحفاظ على قيَمنا وعاداتنا وشرفنا يُميّزنا، نحن العرب، خصوصًا أبناء طائفتنا الكريمة وربّما يكون المسّ بها بمثابة القشّة الّتي من شأنها أن تكسرَ ظهر البعير، فلنبتعد كلّ البعد عن الإساءة لبعضنا عن طريق تجريح مشاعرنا.
كنت ذات مرّةٍ مُديرًا للمدرسة الثانويّة في أبوسنان وكنت عشتُ ما آلت إليه الأمور مؤخّرًا بكلّ حواسي في جولاتٍ سابقةٍ. وبما أنّ هذه المؤسّسة العامرة لم تُقَمْ إلّا...لتُقفلَ سجنًا ومن أجل تثقيفنا وتعليمنا... وقد جُعِلت على يد أيادٍ خفيّةٍ مسرحًا للعراك المقيت، السياسيّ والعقائديّ...تعالوا نعيدها إلى سابق عهدها، تعالوا نحوّلها إلى مركزٍللتوافق والمحبّة والتّسامح ولـــــــــنمــــنع أســـــــباب الخـــــــــــــلاف فــــــــــيها!
فماذا يضرّنا لو نقفلها في المنــــــــــــــاسبات الحسّـــــاسة الّتي تُسبّب الصّراع الأعمى والفتن بين الطّلاب كيوم ذّكرى الشّهداء ويوم النّكبة، مثلًا، ولتُعوَّضُ هذه الأيّام الدّراسيّةِ فيما بعد، ذلك أفضل بكثيرمن خلق الصّراع الّذي كاد يُعدمُ التّعايش وإقفالها... كما حصل مؤخّرًا! ثمّ أين لجان الآباء"المُحَــــــــــيَّدة"..ولجان طّلاب الخير والتّسامح....وهم كُثُرٌ،أين الأهلُ وأين دورهم وإشراكهم البنّاء في الأُطر المدرسيّةِ!؟
إنّني ضــــــد كلّ من يطالب بفصلٍ"عنصريّ" في الثانويّة..فذلك ليس حضاريًا، حيث أنّ التربية السّليمة والتّوجيه الصّحيح وإبعاد النّوايا السيّئة عن مؤسّساتنا مع حفظ الحقوق والكرامات والإحتشام...عند الطّالبات والتّعاليم الطيّبة لهي أفضل طريقةٍ لإرساء الطّهر والخير والسّلم الأهليّ والعيش المشترك والإحترام المتبادل.
فإذا عرفنا مواطن الضّعف والقوّة عند بعضنا، نجد الدّواء...لأوجاع مجتمعنا الكريم!
والآن، تعالوا نضع أيادينا ببعضها لنتعاون على حلّ الأزمة الحاليّة ولنضع إتّفاقًا أدبيًّا "جنتلمانيًّا" يرتكز على التفاهم المتبادل، يحفظ حقوق الجميع شعاره التّسامح مترفّعين عن الفوارق الدّينية مبتعدين عن كلّ ما هو عنصريّ، فقبل أن تخلق الدياناتُ والأنبياءُ خُلقت المجتمعات البشريّة وعاش فيها بنو البشَر تحت قوانين وأعراف اجتماعيّة، وضعها الحكام وعقلاء القوم. فالتّربية والأخلاق وحفظ حقوق الآخر،سبقت الدّانات بآلاف السّنين!
أبناء بلدي من مسلمين ودروز ومسيحيين، تعالَوا نُعيد الثّقة والحياة الكريمة والأمان إلى ربوع قريتنا الحبيبة ولنقطع الشّكوك والأوهام ولنقطع الأيادي الضّالة كي نستمرّ على قاعدةٍ من الإحترام والمحبّة، قدرَ الإمكان، فإن حكّمنا العقل الإلهيّ، حَلَلْنا أصعب الصّعاب...أمّا إذا حكّمنا عاطفتنا وعقلنا الإندفاعيّ المتهوّر، فسوف لا نعلم إلى أين ستعصف بنا الرّياح العاصفة في بحر الحياة الهائج والعبرةُ...قبل فوات الأوان!!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق