الهروب من إسرائيل بقلم راضي كريني
2014-10-14 10:34:30
الهروب من إسرائيل بقلم راضي كريني
 
ما زال الإعلام الإسرائيليّ يستعمل اصطلاحات توراتيّة (يريدا وعليا/ النزول والصعود) لهجرة اليهود الفرديّة والجماعيّة مِن وإلى إسرائيل عن طيب خاطر.
في هذه الأيّام، يدور في إسرائيل سجال إعلاميّ حول غلاء منتجات الحليب الإسرائيليّة، وتبيّن أنّ هذه المنتجات الإسرائيليّة تباع في برلين بسعر أقلّ من سعرها في البلاد.
كشف النقاش حول سعر الحليب ومنتجاته عن قضية/أزمة هروب الشباب والشابات اليهود من إسرائيل، رغم القيود التي تفرضها الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة على الهجرة؛ يعتبر اليهودي الإسرائيليّ مهاجرًا بعد أربع سنوات متواصلة من العيش خارج الدولة، (هناك العديد من المهاجرين الذين يعودون لمدّة وجيزة/لزيارة إلى البلاد قبل انتهاء المدّة ومن ثمّ العودة)، هناك حوالي مليون عائلة إسرائيليّة تعيش وتعمل خارج إسرائيل، غالبيّتهم في الولايات المتّحدة وكندا.
 تستميت القيادات الصهيونيّة في مقاومة هذا النزوح المتزايد والمتّبع كحلّ لصعوبة (إلى حدّ استحالة) الحياة في إسرائيل، وفي إخفائه والتعتيم عليه وعلى أساليب حلّها وعلى الكمّ الكبير الراغب بالهجرة والساعي لتحقيقها، وتحذّر النازحين من حدوث كارثة جديدة في أوروبا! (ما زال يوجد في إسرائيل مَن يصدّق؛ أنّ وجود اليهود في أوروبا كان السبب في استيلاء النازيّة والفاشيّة والعسكريّة على الحكم في ألمانيا وإيطاليا واليابان على التوالي). 
تبيّن من استطلاع للرأي أجراه معهد بانيلز (Panels) في تشرين الأول 2013 أنّ الذين يرغبون بالهجرة من إسرائيل هم من الذكور، ومن الأزواج الشابّة، ومن العلمانيّين، ومن الأكاديميّين، ومن الفئات الوسطى ذوات الدخل المنخفض عن معدّل الأجور، وحدّدوا في إجاباتهم أنّ أسباب الرغبة تعود إلى: مستوى المعيشة المنخفض والتوتّر الاقتصاديّ، والتطرّف الدينيّ، والعنف المتفشّي في المجتمع الإسرائيليّ، ووضع إسرائيل الأمنيّ وانعدام السلام، ومستوى التربية والتعليم في إسرائيل، والخدمة في الاحتياط، وانخفاض احتمالات فرص العمل ومستواه المتدنّيّ، وغلاء ونقص دور السكن، والأعباء الثقيلة وغير المحتملة، وضيق فُسح العيش. 
كَتبنا، وكُتب عن فشل الصهيونيّة بتجميع غالبيّة اليهود في إسرائيل (الوطن التاريخيّ والحلم الصهيونيّ) وبربط الهويّة القوميّة بالدينيّة والشخصيّة، وبربط النجاح في تحقيق الذات اليهوديّة بالنجاح في تحقيق الصهيونيّة. لا يحتاج اليهوديّ كي ينجح في عمله وحياته أن يكون صهيونيًّا؛ فثلاثة أرباع اليهود يعيشون خارج إسرائيل وبحياة أفضل من الناحية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنيّة والتربويّة و...ولم تعد تنطلي عليهم دعاية الصهيونيّة في ضرورة بناء الوطن القوميّ المستقلّ في إسرائيل (بلاد الحليب والعسل)، منذ إقامة المنظّمة الصهيونيّة العامّة في سنة 1897!
يعتقد بنيامين نتياهو-بيبي رئيس حكومة إسرائيل أنّ سياسة تسهيل شروط العودة والإغراء بها، والتخويف من تطوّرات الوضع الديموغرافيّ في إسرائيل، والنوويّ الإيرانيّ، وانتشار العنصريّة واللاساميّة في أوروبا، والمقاومة اللبنانيّة والفلسطينيّة و...، التي يتّبعها وقيادات الأحزاب الصهيونيّة، سوف تدفع يهود العالم إلى الهجرة إلى إسرائيل أو إلى دعمها السياسيّ والماليّ والمعنويّ والتظاهر من أجلها وزيارتها كحدّ أدنى.
لا يوجد في العالم رئيس حكومة وزعيم معارضة يتشابهان ويعيشان معًا بدون حلم وأمل بالسلام والرخاء ويتنافسان على نفس السياسة الفكر و... إلاّ في إسرائيل، ربّما نجد في بعض الدول أحدهما كذلك والآخر يطمئن ويحلم ويتأمّل ويدعو الناس إلى عدم اليأس وإلى الصبر والإسهام في التغيير و... إلاّ في إسرائيل!
أتساءل، كما تساءل ماركس، هل لبيبي مؤخّرة ثور كي لا يشعر (مجرّد شعور بدون تفكير وعمل) بدعوة عبد الفتّاح السيسيّ، رئيس أكبر دولة عربيّة، له بقبول المبادرة العربيّة للسلام؟!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق