المنافسة على لقب الضحيّة بقلم راضي كريني
2014-09-23 12:13:15
يجتهد منظّرو ومفكّرو وإعلاميو و... الصهيونيّة أن يزيّفوا التاريخ والوقائع و... والنتائج، قبل وأثناء وبعد كلّ عدوان إسرائيليّ على حقّ الشعب الفلسطينيّ في العيش والوجود وفي الاستقلال وتقرير المصير.

أبدًا، لن يكفّ مسؤولو الدعاية الصهيونيّة عن إلباس إسرائيل ثوب الحمل/الضحيّة ولو كان ضيّقا عليها!
نجح هؤلاء في مسعاهم التضليليّ وكسبوا التأييد والتعاطف العالميّ والدعم العسكريّ والماديّ و...، منذ نكبة 1948 حتى أواخر سبعينات القرن العشرين تقريبا.

لم ينجح هؤلاء نتيجة لضلوعهم في مضمار النظريّة والفكر السياسيّ والأيديولوجيّ، ولا لتوظيفهم الجيّد لعنصر تجربة دور الضحيّة في مواجهة النازيّة، ولا لاسترشادهم بتجربة الشعوب المستعمرة والفقيرة والمضطهدة و...؛ بل لفشل الضحيّة الفلسطينيّة من لبس ثوبها وأخذ دورها!
في الماضي، توقّف نجاح وفشل هؤلاء على لعب دور الضحيّة على موقف الضحيّة الفلسطينيّة من لعب دورها.

عند احتلال فلسطين، زيّفت الصهيونيّة حقيقة الشعب اليهوديّ كأيّ شعب، وطرحت بنفور واستعلاء وبخبث شعار: الشعب اليهوديّ شعب متنوّر ومسكين ومسالم، شعب يحبّ العمل ويمتلك العلم والمعرفة والمال و...، لكنّه بلا أرض ويفتّش عن وطن ليحوّله إلى جنّة غنّاء. وفي الوقت ذاته، رفعت القيادات العربيّة (بدون استثناء وتصنيف) شعار الويل والثبور لليهود المعتدين و... وهدّدت برميهم إلى البحر، وهنّأوا سمك البحر لفوزه بوجبات دسمة من لحم اليهود!
نجحت القيادة الصهيونيّة في هذا إلى حين أعلنت الضحيّة الفلسطينيّة أنّها هي الضحيّة، وظهرت للعالم بثوبها الحقيقيّ، في خطاب ياسر عرفات أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في 13-11-1974.
تفاجأت القيادة الصهيونيّة من الأسلوب الذي استعمله أبو عمّار في عرض القضيّة الفلسطينيّة في دورة الجمعيّة العامّة، لقد أدركت القيادة الفلسطينيّة أهميّة لعب دور الضحيّة عن حقّ وجدارة، وأدركت أهميّة تحميل المجتمع الدوليّ مسؤوليته في تطبيق ميثاق ومبادئ الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان وفي نصرة قضايا العدل والسلام والحريّة والاستقلال والتنمية.
لم تترك منظّمة التحرير الفلسطينيّة القيادة الصهيونيّة لتعلّق وحدها آمالا واسعة على إسهامات المنظّمات الدوليّة، ولتطمح لوحدها بعلاقات دوليّة تقوم على أساس المساواة والتعايش السلميّ وعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة، وتأمين السيادة الدوليّة.

لقد فهمت القيادات العربيّة أنّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة قد شبّت على الطوق لتقود شعبها، وأنّها سوف تقود النضال الفلسطينيّ المنطقيّ والعقلانيّ والفاعل؛ لأنّ بقاء الاحتلال سيعرّض منطقة الشرق الأوسط والعالم لأخطر الصراعات المسلّحة والكوارث الاقتصاديّة والإنسانيّة.

لقد دفعت القيادة الفلسطينيّة ثمنًا باهظًا لتظهر تفوّقها على القيادة الصهيونيّة (المتمدّنة والمتحضّرة) في لعب دور الضحيّة التي تناضل من أجل الحقّ والعدل والسلام و... وضدّ جريمة اقتلاع اليهود من أوطانهم وتغريبهم عن أممهم وتوطينهم على أراضي 385 قرية ومدينة فلسطينيّة دمّرت بشكل تام.

لم تلعب القيادة الفلسطينيّة هذا الدور من أجل كسب عطف المحسنين.

 في ذلك الوقت،لم يكن سهلا إثبات: إنّ دولة إسرائيل هي الجلاّد والشعب الفلسطينيّ هو الضحيّة وهو الذي يطمح بدولة مستقلّة إلى جانب إسرائيل. لم يكن سهلا إثبات هذا في أجواء عربيّة مغطّاة ومملوءة بالشعارات "الطنّانة والرنّانة"، وفي بيئة تنمّي مشاعر الهزيمة والعجز، وفي مجتمع يشجّع التخوين وتراشق التهم ليحقّق الذات الضائعة في إسقاط غصن الزيتون الأخضر من يد الفلسطينيّ لتبقى البندقيّة في يد المحتلّ فقط!

هل تتّعظ قيادة حماس وتكفّ عن الرقص على أنغام النصر والهزيمة؟!
 لنتحقّق ونتثبّت مَن هو مرتكب الجريمة في غزّة ومَن هي الضحيّة!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق