وعي وحدة الوجود بقلم كميل فياض
2014-08-28 09:15:20
وعي وحدة الوجود مطلق غير قابل للدرس وحدة الوجود التي تقول ان الله والكون والطبيعة والانسان شيء واحد .. بل لا يمكن الفصل بين الأشياء ، فالله وحده قائم او ما يسمى كذلك ، اذ التسمية كل تسمية هي من العقل والفكر ، وفيما يتعدى العقل والفكر وجود مطلق غير قابل للاتصاف والتحديد اللغوي ..هذا الكلام ليس فلسفة ولا هو عقيدة او وجهة نظر ، انها الحقيقة والحقيقة المطلقة ، التي لا شك فيها .. نحن نأخذ من هذا الوجود اللاشكلي واللا إسمي واللاصفتي ، أشكالا وأسماءا وصفات ، ثم نرى الوجود والموجودات بمعقولية ومفهومية الأشكال والاسماء والصفات ، وهكذا نخلق التجزئة والانفصال عن الواحد الاحد بتلك الأسماء والصفات . لكن التأمل والتحقيق يبين ان الشيء هو غير اسمه . فالجبال والسهول والبحار ، الكواكب والنجوم ،والطيور والحيوانات ، نحن البشر من عقولنا وافكارنا نطلق عليها الأسماء ، ومن حواسنا نطلق عليها الصفات والجهات ، فهي في عالم افكارنا مسماة ومصنفة ، كما نسمي ونصنف بعضنا لاشخاص وعائلات وطوائف وشعوب وامم ، بينما هي جميعًا في وجودها الموضوعي مظاهر لوجود واحد ولحياة واحدة ولوعي أساس واحد هو وعي الوجود ذاته ، حيث لا يمكن الفصل بين وعي الوجود وبين الوجود ، كما لا يمكن الفصل بين الشمس وضوء الشمس ، هي مرة أخرى أسماء وصفات مختلفة لجود واحد لا يتجزأ . لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هو اذا كان الامر إزاء ما نشعر نرى ونفكر هو هذه الوحدة المطلقة ، لماذا لا ندرك جميعًا هذا الامر ..؟ لماذا لا نعرف لا نرى جميعًا وبالبداهة تلك الوحدة ، كما ندرك نعرف نرى بالبداهة الذهنية والحسية الموضوعات الحسية المحسوسة ؟ في الواقع ورغم ان الوحدة وحدة والوجود التي هي وحدة الوعي ، أساسًا مشتركا في الكل ، فان اندماج هذا الوعي الواحد مع الكثرة البارزة في الحواس ، من أشياء والوان واشكال واجسام ، يترك في الوعي انطباعات بصورة تلقائية ، ان الوجود هو كما تظهره الحواس ، وما الفكر في الحقيقة سوى ظهور الأشياء في الوعي بصفات وأسماء ، حيث بدون الفكر لا وجود مستقل عن الله او وعي الوجود وهما شيء واحد . وما إدراك الحقيقة لدى قلة من البشر الا لكون هذه القلة تنبهت في لحظة ما الى وحدة وجودها مع كل شيء ، وذلك إثر انقطاع الفكر وتوقفه لديها في يقظة فوقية وتمييز عميق ، بين الوعي والاشياء . كما لو ان مرآة تنبهت الى الفرق بينها وبين الصور التي تنعكس فيها ، رغم الاندماج التام معها . هل تفيد تمارين ورياضات معينة للكشف عن هذه الحقيقة المطلقة ؟ اذا لم تحصل الاستنارة واليقظة من تلقائها ، فان كل ممارسة وكل تعبد لا يفيد ، بينما ذلك يفيد بعد الاستنارة واليقظة . فالنائم نوم عميق لا يساعده إشعال الضوء في غرفته لكي يستيقظ ، لكنه يستفيد من الضوء فقط بعد ان يستيقظ . واذا كان بالإمكان ايقاظ النائم نوما بيلوجيًا في العالم الحسي من قبل الآخرين وبوسائل مختلفة ولطيفة ، فان النائم نومًا سيكلوجيا مركبًا من العقل والعاطفة والمنطق والذاكرة واللاوعي الخ . فهذا يتوقف على النائم نفسه . في النوم الحسي يتم الايقاظ من الخارج على يد اي شخص واي منبه وهو سهل ، بينما في النوم الروحي لا يتم الايقاظ الا من الداخل فقط وذاتيًا فقط . وقد يكون النائم أستاذا في العلوم ،معتقدا انه في ذروة الوعي واليقظة . بينما قد يكون اليقظ اميًا كراما كرشنا .. التحصيل العلمي لا يعني شيء في ذاته هنا ، فهناك أطباء وخبراء وأساتذة يقظين كديباك شوبرا ، ايكارت تول ، ووين داير ، ومثلهم عاديين جداً ، والعكس صحيح . الموضوع كله يعود الى التكوين الداخلي للشخص . كميل فياض
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق