منذ بدء الخليقة عرفت الناس على اختلاف انتماءاتها السياسية, الدينية والاجتماعية , نعم عرفت بمواقفها , وكل طبعاً عرف بموقفه , ولا أحد له عليه عتب معين , وإنما يترتب في النظام الديمقراطي احترام كل موقف وكل انسان حسب موقفه أو موقعه الاجتماعي ولا دخل لأحد فيه , وهذا أمر مفروغ منه في المجتمعات الراقية وخاصة الديمقراطية منها والتي حرية الرأي وحرية التعبير لكل فرد من افراد هذا المجتمع أو ذاك , ولا شك أن الديمقراطية في تنوه وتقول تصريح العبارة أيضاً :  " تنتهي حرية الفرد عندما تبدأ حرية سواه " .
  وهذا في نظري تعبير ينطوي على ثقافة اجتماعية حقّة , ينبغي على الجميع ادراكها ومراعاتها وعدم الخروج عنه كقاعدة اجتماعية ديمقراطية .
   إلا اننا نرقب عن قرب انّ الكثيرين في حياتنا قد لا يدركون هذا الأمر ويظنون انّ الديمقراطية , ان تكتب ما تشاء وأن تتصرف ما تشاء وربما تمس من تشاء من خلال ما تقوم به أيها الانسان , ضارباً عرض الحائط كل الاعتبارات الديمقراطية التي تمنح الآخر حق التعبير وحق التصرف واتخاذ الموقف الذي يريده دون الاخذ بعين الاعتبار ما يتخذه الآخر ’ هذه المواقف يمكنها أن تكون صائبة في كثير من الأحيان , إلا انها لا تكون صائبة وقد لا تكون مقبولة بل مرفوضة كلياً
اذا اتت للمس بالآخرين أو مواقفهم دون داع لذلك , أو دون حاجة لذلك , وقد يمنح لنفسه في بعض الأحيان امكانية اخذ موقف لا دخل به مطلقاً طالما يتعلق بشخص آخر له موقفه وله صفاته وله موقعه , فلماذا التعرض والتنكيل بهذا وذاك ؟ ولماذا الكلمات التي قد تصدر من طلرف ضد طرف آخر أو من شخص ضد شخص آخر ؟؟؟ ولماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ 
وربما يظن بعض المتفوهين بأنهم من طينة تختلف عن الطينة التي خلق منها غيرهم , هذا خطأ ثم خطأ . . . 
وما يزيد الطين بلة ويظهر المرء من هذا النوع على حقيقته اتخاذ مواقف مّلونة
ويدّعي انه مرسل من عند الله في بعض الأحيان على حد تعبيره !!!  والعكس هو الصحيح , فلا احد وكّله ولا أحد فوّضه انما يأخذ التفويض من نفسه هو وتخيل له انّه ألأمين والمخلص , والذي يحمل أعباء الغير , وهو الذي يقول الصدق وفي الحقيقة ومن خلال تصرفاته هو عكس ذلك , ألا يظن أمثال هؤلاء أنّ الأمر ظاهراً للعيان لا تخفى الأمور على أحد , فالناس تسمع وتشاهد وتقرأ وتحلل أيضاً وتتخذ موقف من كل هذا , فلا يمكن للمرء الحر الضمير حقيقة أن يلعبها في أكثر من موقف ويطلع فيها رأس !!! لا وألف لا, ولا هكذا تورد الإبل . . .
   لا يوجد حد لعرض مثل هذه الامور لأنها كثيرة ومنتشرة تقريباً في كل مكان وعلينا جميعاً وضع النقاط على الحروف في كثير من الأحيان .
وإلى كل المتغيرين في مواقفهم , وإلى جميع المستشهرين بمشاعر الناس , والى جميع من يَهْوون المس بالغير , والى جميع من يتصورون انهم افضل من غيرهم : هم مدعوون جميعاً لتقييم اوضاعهم الشخصية والاجتماعية من جديد علّهم يقوّموا تصرفاتهم وطرقهم ونهجهم في الحياة, ذلك ليس لمراضاة هذا وذاك وإنما للاستقامة
في النفس والسلوك والمواقف , وفي مواقفهم لا دخل لأحد , لكن ان يتخيل لهم انهم أحرار في تقييم من انهم افضل وأحسن منهم فهذا حرام ! حرام يا سادة ! , اتقوا الله في مسلككم لأنّ الله خلق الناس متساوين , فلا فضل لأحد على الآخر الا بالتقوى ولأن المواقف المتذبذبة لا دوام لها ولا تعطي صاحبها أي رصيد لا اجتماعي ولا ديني ولا ادبي .