"وإذا المقصوفة سُئلت بأيّ ذنبٍ دُفنت" بقلم:شريف صعب_أبوسنان
2014-08-05 19:29:55

"وإذا المقصوفة سُئلت بأيّ ذنبٍ دُفنت" بقلم:شريف صعب_أبوسنان.
أيّها القارئ الكريم!
ألم يحن الوقت بعد ليسيطر العقل العلويّ الذي وهبه الّله، تعالى، لعباده ..أن يسيطرَ على أرباب النّفوس التّائهة الغدّارة العمياء الصّمّاء..! ألم يحن بعد أن يتحكّم الوعيُ والإدراك الإنسانيّ باللّاوعي وبالغباء السفليّ العاطفيّ...وبالعَظَمة الزائفة لبني البشر المُتصلّفين المُتعجرفين الّذين لا يهمّهم السّير حتّى على دماء المَوتى وعلى أشلائهم لينالوا غاياتهم الوهميّة...الشّيطانيّة؟!
إنّني أقصد بكلمة "المقصوفة"، البنت الّتي...يُقصف عُمرها كقصفة حَبَقٍ عَبِقَةٍ تبثُّ من حولها الرّوائحَ الطيّبةَ، نقصِفها غير آبهينَ فتتحوّل،خلال ثوانٍ قليلة،إلى قصفةٍ ذابلةٍ معدومةٍ...لا روح فيها ولا عَبَق،مصيرها الزّوال و...حبّات الرّمال! و"المقصوفة"هي أيضًا الّتي تُقصَف...بِقذائفَ وصواريخ الطائرات والمدافع والدبّابات...دون ذنبٍ ولا "أسيّةٍ"... فتدفع بحياتها خلال ثوانٍ ويتقطّع جسدها،أشلاءً،دونما رحمةٍ!
هل،بالفعل، هذا ما قدّره الّله على بني البشر في شرقنا ليعيشوا أَبَدًا مُعذّبين ومُشتّتين،لا ينامون ليلةً دون هواجس الرّعب والخوف الّتي تُلاحقهم كما تلاحق...ظبيةً مشدوهةً هاربةً من أنياب ضبعٍ جائعٍ جَشِعٍ!
لقد جنّنتني وأرّقتني في الأيام الأخيرة أسئلة حفيدي واستفساراته،الّذي لم يبلغ السّادسة بعد،حول هذه الحرب المقيتة وأنا أُشاهد أحداثها على شاشاتِ التلفاز : "من يضرب من؟لماذا؟مين أقوى،كبّات برزل ...ولّا القسّام؟مين..ببطح؟ليش عمبهبّطو لبيوت..ولي عمبفجّرو النّاس؟"...ولقد عجزت عن الأجابة أو الشّرح أمام أسئلته المُتحدّية...ورحت أُحاول و...أكذب عليه أحيانًا...ولاحظت أنّه كثيرًا ما نجح في التمّييز بين ما هو صحيحٌ...وما هو كذبٌ! وسألت نفسي،ماذا يشرح هؤلاء المساكين لأطفالهم...تحت هذه الرّعود القاصفة...والدّموع والجراح تملؤ عيونهم و...قلوبهم!
حقًا انّنا نعيش بواقعٍ لا نُحسدُ عليه خصوصًا أنّ كلّ طرفٍ يُشير بإصبع الاتّهام على الطّرف الآخرَ...وكلّ المُحلّلين والمُعلّقين والجنرالات  ،مهما عظُمت درجاتُهم وثقافتهم ورتبهم، يعودون إلى عقليّة الطفل الّتي فيهم ويشرعون بتوجيه الإتّهام لبعضهم مُستهترين بعقولنا وبألبابنا،نحن المُشاهدين، وكأنّنا لسنا...من لحمٍ ودمّ!"أنتم بدأتم!" "لا، بل أنتم!"...."أنتم خطفتم!"..."لا بل أنتم قتلتم...وأحرقتم وأغلقتم وداهمتم وقطّعتم!"...وهكذا دواليك.
ويبقى السؤال،إلى متى، وما ذنب كلّ هؤلاء الأبرياء من الطرفين الّذين يدفعون هذه الأثمان الباهظة وماذا يستطيع مواطن بسيط فقير الحال تعصف به رياح الموت أن يفعل مع حاكمٍ ظالمٍ يشهر السّلاح فوق رأسه،آمرًا؟!
أعتقد أنّ أبناء العمومة من الشّعبين جديرون بحياةٍ أفضل،لو عرف كلّ طرفٍ منهما حدود قدراته وحدود...حقوقه المُتاحة، ونظرا نظرةً عقلانيّةً وبقلب واعٍ لغدٍ مُشرقٍ جميل يستحقّه أطفال هذه الدّيار
...مئة عامٍ انقضت وهم يتحدّثون ويفتّشون عن السّلام وعن الوفاق...ولم يجدوه! غريب هذا الأمر حقًا.أعتقد أنّ وضع العراقيل،عمدًا،أمام الحلول المنطقيّة هو نهجٌ ينهجه أصحاب النّوايا السيّئة من المُتطرّفين الطّامعين في الطرفين لأسبابٍ ولأهدافٍ غريبة لا يعلمها أصحاب النّوايا الحسنة،فالقيادة الحكيمة الواعية هي الّتي تُجنّب شعوبها شرّ الشّرور وتوصلها إلى غدٍ أفضل وليس بالعكس.
 إذًا يجب التفتيش فورًا وبشكلٍ حثيث وجدّيّ عن الحلول الفوريّة لأزمةٍ لا يجوز تأجيلها أو التّغاضي عنها بعد إذ لم يعد بالإمكان التّلاعب  بأرواح الأبرياء.
إنّ سياسة إلغاء الآخر لا تساعد إلا على تفاقم الأزمات أكثرفأكثر.
يقولون:"حتّى يمنّ الّله بالفرج!" من قال بأنّ الّله يمنّ بالفرج إذا لم نعمل نحن ونجتهد لإرساء دعائم وأسس هذا "الفرج؟"...وهل الّله يغيّر بقومٍ؟!
كلّنا يعلم أنّه عندما "نوى" أريئيل شارون إحداث تغييرٍ في الوضع القائم،وقبله رابين وبيغن وعرفات وأتباعه، جاء التّغيير وتواضعت النّفوس وتغيّرت الأجواء العامّة، تمامًا. إلا أنّ التّطرف الأعمى هنا وهناك، عطّل وهدّم وهشّم النّوايا الحسنة،وهكذا تعرقلت عمليّة السّلام وأصبحنا نُعاني أكثر!
 والآن هل ستبقى قيادة الشّعبين محكومة لأهواء هؤلاء والمسعورين والمراوغين عَبَدَة الكراهيّة والعنصريّة؟ والّله لقد سئمنا جولاتكم الحربيّة و.....بطولاتكم الوهميّة!!!
رُبّما جاء الّله لهؤلاء المذكورين بأحلامهم وقال لهم :قم يا عبدي حتّى أقوم معكَ!
 وماذا الآن،هل سيبقى التّطرّف هو صاحب الموقف، وهل ستبقى الكراهية والأحقاد والتّحريض هي الوقود لإشعال نار الحروب والفتن؟!هل ستبقى إسرائيل إلى الأبد شاهرة سيوفها ورماحها وأسلحة فتكها، في حين يبقى الطّرف الآخر يعدّ العتاد للجهاد؟!
لقد قال المرحوم"غاندي" مرّةً:"والّله إنّ كلّ ما في هذا الكون لا يساوي قتل نفس طفلٍ بريئةٍ!" فما بالكم بآلاف النّفوس البريئة التي زُهقت دون أيّ سببٍ في السنوات الأخيرة وفي...الأسابيع الأخيرة؟!ثمّ هل فكّر أحدٌ ما في النتائج السلبيّة في نفوس الأطفال الصغار الّذين لا يفقهون بعد شيئًا ممّا يدور حولهم...ويرعبهم ويصمّ آذانهم و...يقض مضـــــــــــــاجعم! هل كُتب على أطفال اليوم أن يكونوا وقـــــــــــــــودًا لحروبٍ مستقبليّة ربّما بعد عشرات السّنين؟! ألم تنتهي كلّ حروب التّاريخ بهدناتٍ وبمصالحات ؟!
إنّ الأرض تتّسع لمن عليها إذا اتّسعت العقول والنّفوس ،ولا حلول لأزماتنا إلا إذا نظرنا لبعضنا نظرة ملؤها الإحترام الحقيقيّ وجلسنا،الواحد بجانب الآخر بنيّة حسنة وبإصرار ثابت...عندها فقط يمكن أن نحلّ غالبيّة أزمات هذا الكون ولنحاول،مرّة، تحويل السيوف إلى مناجل!!!

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق