الطريق الى الله – عز وعلا بقلم رياض حمزة – جولس
2014-06-25 16:15:15

الطريق الى الله – عز وعلا بقلم رياض حمزة – جولس
(متابعةً لمقالتي الأولى , حول السؤال الذي سألني اياه أحد الاصدقاء , فيما اذا كان الله , عز وعلا , موجوداً حقاً أم لا , ومِن خلال التساؤلات وردود الفعل التي تلقيتها مِن العديد مِن القراء على تلك المقالة , رأيتهُ واجب عليَّ متابعة الموضوع بمحاولةٍ متواضعةٍ في بيان معرفة الطريق الى الباري تعالى , علني أصل الى قلوب البعض من القراء الأعزاء  فأصيب منها موطنا يستفيد منهُ صاحبهُ في طريقهِ الى باريه , وأستفيد بحسنةٍ أجنيها في سبيل الله , تقدس جلاله وعلا , وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم ) .
عندما أبدع الباري تعالى الكون تَوَّجَهُ بِخَلقِ الانسان , فجاء , بعونهِ تعالى , على أحسنِ خلقٍ , ولكي تتم البرية كما أراد لها باريها , أعطى مخلوقهِ , الذي فضلهُ على سائر المخلوقات , العقل , وجعل لهُ دستوراً وموازين وقانون , يهتدي بهديها وينهجُ دربها , سُميت ب " الدين " وللتحديد أقول " دين التوحيد " الذي به ومن خلاله يصل هذا المخلوق (الانسان)  الى باريه , وجعل خلاصة هذا  الدين الحنيف تتمحوَر في " أوامِرٍ ونواهٍ " ( أي إعمل ولا تعمل ) , نفعل ما أَمرنا فعله ولا نفعل ما نهانا عنه , وجُلُّها (الأوامر والنواهي)  يقع في خانة " الواجبات " التي القاها تعالى على عواتقنا لنعمل بها في دُنيانا , فنكسب بثواب عملنا , مُبتغانا ومُبتغاه ورضاه , وندخُل جنتهِ التي نروم .
ان الواجبات التي أمِرنا مولانا , جل وعلا , القيام بها , والتي هي الطريق الى جنتهِ تعالى , لا تُعد ولا تُحصى  ولا تُحسب بِالْكَمِ , وإنما تتجسد بالقيمة والوزن , ويمكننا الوقوف بها والتعرف عليها مما يلي :
1 – واجب معرفة الله تعالى والإقرار بوحدانيتهِ (  واحدٌ أحد , فردٌ صمد , لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفءٌ أحد . مُنزهٌ عن الأزواج والعدد , لا تأخذهُ سنة ولا نوم , له ما في السموات وما في الأرض و وهو على كلِ شيءٍ قديرا ) فبتوحيده يتخلص الانسان مِن الشرك , وبالرضى بفعلهِ وبما كتبهُ يسلم مِن السخط , وبالتسليم لأمرهِ يحفظ لنفسه الثواب ويُحسن له تعالى المآب , ومَن عمل بوصاياه وصل الى دار الأمان , ونال الرضى والطمأنينة والاطمئنان .
2 – واجب معرفة رسولهِ , سلام الله عليه , وأداء الولاء والطاعة له , فهو المختار الذي حباه الله بالوصاية على دينهِ الحنيف وإيصاله الى المريدين جميعهم . وبمعرفة الرسول نصل الى المُرسل , باري البرايا , رب العالمين .
3 – واجب معرفة صحابة رسول الله , عليه السلام , إذ أننا بمعرفتهم  نتصل بأسباب الهداية والمعرفة والعلم الذي يُنير دياجير ليالينا ومتاهات هذا الزمن , غريب الأطوار .
4 – واجب صدق اللسان , والذي به تعلو درجاتنا عند الله تعالى , في الآخرةِ , وعند الناس في دُنيانا .
5 – واجب حفظ الاخوان , والذي بهِ يتم الوصل والود , وتسود الألفة والمحبة بين الناس .
6 – واجب ترك عبادة العدم , فبتركها يتعلق المُريد بالوجود الأزلي الكلي الكافي والوافي والمنزه عن التشبيه والتحديد .
7 – واجب البراءة مِن الأبالسة , فهؤلاء وجدوا في الأرض لمحنة الناس وخراب عقولهم , وبالابتعاد عنهم والبراءة منهم نتقرَّب من الملائكة ودعاة الحق والعرفان .
8 – واجب معرفة النفس , فبمعرفتها يعرف الانسان انها حية خالدة , تُثاب إن أقبلت على الخير والطاعة  وأدبرت عن الشر والمعصية , وتُعاقب إن أقبلت على الشر والمعصية وأدبرت عن الخير والطاعة . 
9 – واجب غض الطرف , فمن عمل بهذا الواجب اجتنب الموبقات وسَلِمَ من الانزلاق في مهاوي الشهوات ( فالشهوات , بشكلٍ عام , وليدة العين ) والوقوع في النوائب والزلات .
10 – واجب حفظ الفرج , وهذا الواجب مِن أهم الواجبات التي على الانسان ان يعمل بها , فبِهِ يسلم النسل من الشوائب العرقية ومن الآفاتِ والأمراضِ  ويجود , ويحفظ المرء سيرتهُ وتُحمَدُ سريرتهُ أمام الله وبين الناس أجمعين .
11 – واجبُ صِدق العهد والوفاء بالوعد , فبهما يتم ويُنجز نظام الكينونة البشرية وتآلُف ناسها , ويُحمدُ الفرد منهم بذكرهِ ويُشكر على فعلهِ ويُثاب عليهما من الله ثوابا عظيما .
12 – واجب الصبر على المصائب والمصاعب والنوائب , فبالصبر الجميل ينال الانسان رضى الخالِق وثوابهُ الجزيل .
13 – واجب التوكل , والتوكل على الله , عز وعلا , قمة التقرُّب منهُ تعالى , وبهِ تدوم على الانسان النعمة والعناية والكفاية , وعلينا ان نذكر أن التوكُل لا يجدي نفعاً إلا اذا كان مقروناً بالنية و/ أو بالعمل .
14 – واجب القنع , فالقناعة كنز منحه الباري لعبده ليخفف عنهُ طمعهُ في هذه الحياة الفانية , وهو يغني عن المطامع والوقوع في الشبهات .
15 – واجب الزُهد , وفيه يطالب الباري , تعالى , الانسان بترك كل ما هو غير اساسي وضروري للاستمرار في حياتهِ اليومية , والاكتفاء بما يعينهُ على شق طريقهُ في هذه الحياة دون عوَز أو حاجة . 
16 – واجب التقوى , وهي في الأساس مخافة الله , وتأتي لتُعين الانسان على سلوك سبيل الطاعة – طاعة الباري – وعلينا أن نتذكر دائما أن الطاعة هي عبادة والعبادة تكون لله وحدهُ , جل جلاله ُ .
17 – واجب الاحسان , فبالإحسان يتمكن الانسان من كسب رضى الله وامتلاك قلوب الغير مِن البشر وغير البشر .
18 – واجب كظم الغيظ , فالغيظ هو الد واشد اعداء الانسان لنفسهِ , وبكظمهِ لغيظهِ يستطيع أن يتملَّك نفسهِ ويمتلكها , ويمنعها من ارتكاب الحماقات أو المُحرمات .
ولأنني لا اريد أن أطيل عليكُم أكثر , أوجز القول في أن معرفة هذه الواجبات والعمل بها  والإدبار عما هو عكسها , يرقى بالإنسان الى تبوُّء مراقي الطاعة , والطاعة مُتصلة مباشرة بالعبادة التي لا يُدرَكُ كُنْهَها  , وسبيلها لا ينضب , لأنها مُتصلة بالمعبود سبحانهُ , وكل ما هو متصلٌ بجلالهِ لا يُدرك ولا يُحصر . وقد قال تعالى : " ولو أن ما في الأرض مِن شجرة أقلام , والبحر يمده ومِن بعدهِ سبعة أبحُر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم " .
وعليهِ , جِدّ الخُطى ايها المُريد ,  واستعن بالله , واستنصر بقوته , وتوكل عليه , واعلم أن مَن جد وجد , ومَن لجَّ ولج , ولا حُجة في البطالة , ولا عذر في التواني , وتذكر أن الأنفاس معدودة , والأجسام مفقودة , وكأني بك والكائن قد كان , وكُشِفت الأعمال , وانتصب الميزان , وقام اليهِ صاحب العقاب والثواب في يومٍ تُذهل فيهِ المَراضع عن الرُضَّع , وينكر الأخ أخاه , والوالد ولدهُ والابن أباه , ولا يظلِمُ ربُّكَ أحداً , إنهُ يُجازي كل نفس بما كسبت , وهُم لا يُظلمون .
تقبل الله مولانا منا ومنكُم خير أعمالنا وأفعالنا , وأثابنا وإيَّاكُم الى سراطهِ المستقيم .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق