قيادة "كأنّ" بقلم راضي كريني
2014-05-20 21:11:03

قيادة "كأنّ" بقلم راضي كريني
عندما تضطرب "القيادة" السياسيّة الإسرائيليّة وتعجز عن مواجهة التطوّرات والأحداث الواقعيّة والتكيّف معها؛ فتمارس التقوقع السياسيّ، وتضغط بإتقان وبفطنة وبخبث ماهر للإبقاء والحفاظ على الوضع القائم، وتطرح أمام العمليّة السياسيّة رؤى وحلولا تعرقل تقدّمها و"تشربك" الحلول المطروحة وتعقّدها لتوريط الطرف الآخر بمكاسب اقتصاديّة شخصيّة؛ فإن فشلت تبدأ بالضغط على جميع الأطراف ليمارسوا لعبة "كأنّ"؛  كما يمارسها بيبي نتنياهو في ساعات الامتحان؛ فعصابة بيبي "تخابط وتلابط" وكأنّها تفاوض، وتشنّ الحروب العدوانيّة وكأنّها تصنع السلام وتزرع المحبّة والوئام، وتضطهد وتستغلّ وكأنّها تنشر الحريّة والعدل والمساواة و...
لا تقدّر القيادة الإسرائيليّة مصلحة إسرائيل ومعنى حقيقة صدّ الاتّحاد الأوروبيّ والإدارة الأمريكيّة لطلبها ورفضهما المشاركة في لعبة "كأنّ"،  وتسخير موقفهما من اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس وتجييره لصالح اللعبة البيبيّة. كذلك لم يستوعب بيبي أنّ من واجب القيادة الفلسطينيّة، ولضرورة الاستقلال السياسيّ إنهاء الانقسام الفلسطينيّ والعودة إلى الوحدة الوطنيّة، وإقامة حكومة وفاق مرحليّة من شخصيّات مستقلّة لا تنتمي حزبيّا لفتح أو حماس، إلى حين إجراء انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة ومجلس وطنيّ، ومن ثمّ الانطلاق على درب بناء الدولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقيّة و....
خطّطت القيادة الإسرائيليّة وبنت لنفسها جبالا من الأوهام، ولم تيأس من تغطية مؤخّرة السلطة الفلسطينيّة بمؤخّرة ثور؛ كي لا تقلق ولا تشعر بأوضاع قطاع غزّة المعيشيّة، التي لا يقبلها عدوّ يمتلك الحدّ الأدنى من الضمير!
مَن يهن يسهل الهوان عليه   ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ.
نحن نفهم ونقدّر جيّدا حالة الحرب والحصار السياسيّ و... ولأنّنا كذلك، فنحن نستهجن السكوت عن تجويع وتعطيش و... وتعطيل عقل وحياة الفلسطينيّين في قطاع غزّة، ونتساءل: كيف يمكن لإنسان، أيّ كان، أن يقبل أن يعيش الفلسطينيّ بدون عمل منتج، وبدون فكر حرّ، وبدون غذاء، وبشبه مأوى ومهدّد بالهدم، وبدون حركة سير، وبدون كهرباء؟!
جنّ جنون بيبي نتنياهو، وشنّ حملة هستيريّة على اتّفاق المصالحة الفلسطينيّة، وطالب الاتّحاد الأوروبيّ والإدارة الأمريكيّة بقطع علاقتهما مع السلطة الفلسطينيّة وبوقف المساعدات لها، وعندما رُفض طلبه، طالبهما بممارسة لعبة "كأنّ" مع السلطة الفلسطينيّة، وتمثيل دور الغاضب أو العاتب المهدّد بقطع المساعدات، وبعدما لم يلقَ أذنا صاغية أخذ يمارس لعبة "كأنّ" بمشاركة تسيبي ليفني، وزيرة القضاء مسؤولة ملفّ المفاوضات، يفاوض على تفكيك منظومة الصواريخ في قطاع غزّة كشرط لاستمرار المفاوضات وكأنّه يهدّد ويتوعّد، ويتّفق مع تسيبي ليفني وكأنّها لا تمثّل إلاّ نفسها في لقائها مع الإرهابيّ أبو مازن الذي يريد تدمير الدولة اليهوديّة (كما وصفه المأفون أفيغدور ليبرمان، وزير خارجيّة إسرائيل، ونائبه زئيف ألكين)!
حسب مفهوم اليمين الإسرائيليّ، لا يحقّ لأيّ مسؤول إسرائيليّ من خارج زمرة/عصابة بيبي نتنياهو في المجلس الوزاريّ المصغّر أن يفاوض، أو يمارس لعبة "كأنّه" يفاوض حماس... لذلك يقتصر دور تسيبي ليفني على طرح تطمينات إسرائيليّة على أبو مازن وتعهّدات له بإفشال مساعي محمّد دحلان والحفاظ على الوضع القائم طالما بقي أبو مازن يراوح في إدارة المفاوضات!
سأترك لأبو مازن الإجابة على المحاولات الإسرائيليّة في استثمار مسعى ورغبة محمّد دحلان، علّه يتدرّب على لعبة "كأنّ" الإسرائيليّة ويختبرها، ويعود لنا ضليعًا بها، وننجح معه بكأنّنا نفاوض بيبي نتنياهو!

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق