نحن بحاجة لشحذ الفأس بقلم راضي كريني
2014-04-15 21:29:09

طالما حاول الحطّاب أن يتفادى تناقص المنتوج بالاجتهاد والكدّ والعمل الإضافيّ والمثابرة و...، إلى أن اكتشف أنّ عليه شحذَ فأسه، إذا استمرّ بقطع الخشب بالفأس ذاته!
لا ننكر أهميّة وسيلة التفاوض في مرحلة التحرّر السياسيّ؛ لكنّنا لا نقلّل من أهمّيّة وجدوى الوسائل الكفاحيّة العديدة، الموصلة إلى التحرّر، التي يتقنها الشعب الفلسطينيّ وقيادته الشرعيّة ويقدران على شحذها واستعمالها، إلى جانب التفاوض أو بدونه، لتلتزم حكومة إسرائيل باستحقاقات السلام.
توقّعنا خيرًا من المفاوضات، كما توقّعنا من السلطة الفلسطينيّة أن تستثمر السيّئ الناتج عنها في زحزحة قطاعات واسعة من الشعب اليهودي من حالة الصدام والعداء واللامبالاة و... إلى حالة الإذعان للحقّ أو الاعتراف به والتراجع عن العدوان. لكن ما نراه الآن، أنّ الفلسطينيّ دخل حلبة التفاوض وهو يشعر بالهزيمة؛ فكيف له إذًا أن يقوم بوظيفة المحرّر، وأن ينتزع الحقوق، ويصل إلى الهدف المنشود-إقامة الدولة المستقلّة وعاصمتها القدس، وفقًا لقرارات الشرعيّة الدوليّة والقمم العربيّة، وهو يحارب بسيف من خشب مع عدوّ مدجّج بالسلاح والآليّات في حقل مزروع بالألغام؟!
الضرورة السياسيّة تحتّم على الفلسطينيّ أن يفاوض بحماس وبجدّيّة وبأمانة و...، لكنّ معاناة شعبه تحتّم عليه أن يعتبر المفاوضات مفصلا من مفاصل الكفاح، وليس الطريق أو المخرج من احتلال فلسطين.
نحن نفهم أنّ عدم تنازل المفاوِض الإسرائيليّ عن احتلاله وموبقاته ناتجة عن خوفه من عقاب المصوّت الإسرائيليّ له، وليس نتيجة لتحفّظات أمنيّة ووطنيّة ويهوديّة الدولة و... كما يدّعي ويراد لنا أن نفهم! من الواضح أنّ معارضة المفاوض الإسرائيليّ ليست ناتجة عن شكّ وعدم يقين في الاقتراحات الفلسطينيّة؛ بل ناتجة عن مفاهيم وقناعات انتخابيّة، فحكام إسرائيل أقنعوا المصوّت الإسرائيليّ بأنّ الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة هي أراضٍ محرّرة، وممكن بسهولة وبتكاليف بسيطة استيطانها وطرد سكّانها والاستيلاء عليها. هم الذين فتحوا شهيّة اليمين الإسرائيليّ ليَلْتهم كلّ ما طالت يده من أرض وزرع وضرع وماء وسماء ... قطاعات واسعة من الشعب الإسرائيليّ تشعر بأنّ الاحتلال مكسب ومربح ومريح و...
لذا، لو كان راعي المفاوضات عادلا، لكان أقنع السلطات الإسرائيليّة أن تواجه شعبها، وأن تصارحه بخطيئتها، ولكان ساعد في تغيير مفاهيم وقناعات غالبيّة المصوّتين الإسرائيليّين، ولكان خفّف من قلق الشعب الفلسطينيّ، وأسهم في زرع الأمل لا الألم والضغط والمعاناة، ولو كان صادقًا في وعوده، لكان حازمًا في تحديد بداية ونهاية المفاوضات وبرنامجها وأهدافها، وفي اتّخاذ القرارات وفي كيفيّة تطبيقها، ولكان فتح ثغرة لدخول قوى دوليّة لها نفوذها وتأثيرها ومصلحتها في فرض الانسحاب الإسرائيليّ من الأراضي العربيّة المحتلّة، وفي إقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة.
نحن نعلم أنّ بنيامين نتنياهو وحكومته يقيسون نجاحهم بردّ فعل المصوّت الإسرائيليّ ونشرات الأخبار المتلفزة، ونعرف أنّهم أسرى للمبادئ التكتيكيّة المحضة، وأنّهم يصبّون جلّ اهتمامهم على أهداف قصيرة المدى ذات النتائج الفوريّة، ليجذبوا أنظار المصوّت الإسرائيليّ بتحرّكات سحريّة، لكنّ الواقع المعيش والمستقبليّ هو الذي يحدّد أيّ صنف من الزعامة كان لنا؛ فالناس تحتقر الزعيم الذي يعرض أمامها الأزمات وتفاقمها والأهداف القريبة المدى الساذجة، وتلقي إلى مزبلة التاريخ الزعيم الذي تعدّت طموحاته نطاق قدراته ليشلّ أمل الشعوب بالسلام.
فالشعب الفلسطينيّ الذي خلق انتفاضة السِلام (الحجارة) قادر على خلق انتفاضة السَلام!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق