حكمة اعجبتني حكمة من القنافذ في معنى الإخوة !! بقلم :منير فرّو
2014-04-07 09:57:48
قال تعالى : " انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون "، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمان إلى الماء"، وقال ايضا صلى الله عليه وآله وسلم: "إستكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة"،وقال ايضا : "  "النظر إلى الأخ تودّه في الله عز وجل عبادة"،وعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "فإنهم (الناس) صنفان: إما أخٍ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق"، وعن الامام عن الصادق عليه السلام : "إنما سمّوا إخواناً لنزاهتهم عن الخيانة، وسمّوا أصدقاء لأنهم تصادقوا حقوق المودّة" ، وعن الامام الرضا عليه السلام : " من استفاد أخاً في الله عز وجل استفاد بيتاً في الجنة" وقيل : " الاخوان كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا ".
 يقول بولس الرسول: "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن أو صنجا يرن. وإن كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئا؟ المحبة تتأنى وترفق والمحبة لا تحسد. المحبة لا تفاخر ولا تنتفخ. ولا تقبّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء. وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء." (1 كورونثوس 12: 1-7).
 وقد أوصى يسوع المسيح التلاميذ بالمحبة بعضهم لبعض إذ قال: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض." (يوحنا 12: 24-25). وهذه المحبة كما علم المسيح تتمثل في الغفران غير المحدود، حيث لا يستطيع أحد أن يغفر بلا حدود إن لم تكن محبته كاملة. 
 ولما سال بطرس المسيح وقال: " يا رب كم مرة يخطيء إلي أخي أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات. قال يسوع لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات." (متى 18: 23-26) .
فدل من هذا الكلام ان الاخوة الصحيحة لازمة وواجبة دنيا ودين، فلا يصح لمؤمن دين دون الاخوة الصادقة، التي هي العلاقات الإنسانية القائمة على أسس الخير والصلاح، والتي يكون عنصر الربط فيها نابعاً من الروح السامية والقلب السليم والعقيدة الصحيحة .
قال تعالى : " جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا "، والتعارف عكس التناكر ، وقد خلق جل وعز الخلق عالما ناقصا ليس كاملا، متعددي العيوب، وخلق الانبياء عالما كاملا لا عيب فيهم ليكونوا قدوة للخلق، وجعل للخلق سننا وقوانين حتى يبلغوا درجات الكمال، فحذرهم تعالى من اساءة بعضهم لبعض وطالبهم بالصبر والاحتمال على بعضهم البعض   ليكونوا اخوانا، لان قمة الاخوة ان تصبر على اخيك في كل الاحوال حتى تصح الاخوة بالحلم وطول البال، ولذلك على كل انسان ان يعذر اخاه ولو اساء اليه، لان من مراتب الاخوة العالية المسامحة والعفو والصبر والاحتمال والتغاضي والتراضي والمواساة والمصافاة،  وكل ما يعمله الانسان مع اخيه من احسان واساءة كانه مع الله يفعله، كما قال يسوع المسيح في الانجيل الطاهر: " إنه يوم الدينونة، "يقول الرب للذين على يمينه: كنت جائعا فأطعمتموني، وكنت عطشان فسقيتموني، وكنت غريبا فآويتموني، وكنت عريانا فكسوتموني، وكنت مريضا فزرتموني، وكنت محبوسا فأتيتم إلي. فيجيب الأبرار: متى رأيناك جائعا فأطعمناك؟ أو عطشان فسقيناك؟ أو غريبا فآويناك؟ أو عريانا فكسوناك؟ ومتى رأيناك غريبا أو محبوسا فأتينا إليك؟ فيجيبهم الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتم ذلك بأحد الإخوة هؤلاء الصغار فبي فعلتموه. حينئذٍ يقول أيضاً للذين عن يساره اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته، لأني جعت فلم تطعموني وعطشت فلم تسقوني وكنت غريباً فلم تؤووني وعرياناً فلم تكسوني ومريضاً ومحبوساً فلم تزوروني حينئذٍ يجيبونه هم أيضاً قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً أو عطشان أو غريباً أو عريانا أوً مريضاً أو محبوساً ولم نخدمك حينئذٍ يجيبهم قائلاً الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوا ذلك بأحد هؤلاء الصغار فبي لم تفعلوه، فيذهب هؤلاء إلى العذاب الأبدي والصديقون إلى الحياة الأبدية".
لقد  قيل : "علامة الأخوة الصادقة  كاليدين تغسل إحداها الأخرى، فإذا اتسخت أحدهما بالذنوب أو غطاها شيء من الفتور والملل تنطلق الأخرى إليها لتزيل عنها ذاك الغبار، وكما أن الاتساخ يحتاج أحيانا إلى شيء من القوة والشدة، فكذلك الصحبة الطيبة تحتاج إلى الشدة أحيانا .."
والاخوة اقسام :
1- الأخوّة النّسبية: وهي العلقة بين إنسانين من خلال اشتراكهما في أب أو أم أو فيهما تولّداً، ولها اثار شرعية عديدة كالإرث وحرمة التزويج وغير ذلك.
2- الأخوّة الرضاعية: وهي عبارة عن الربط القائم بين إنسانين من خلال الإرتضاع من امرأة واحدة ولها آثار شرعية أيضاً كحرمة التزويج وغيرها ولكنها أضيق من النسبية لأن الأخوين من الرضاعة لا يتوارثان.
3- الأخوّة الدينية: وهي عبارة عن الاشتراك بين شخصين في الدين والإيمان كما في قوله سبحانه: " انما المؤمنون اخوة" .
قال الحكماء ما من موجود اوجده الخالق جل وعلا إلا وفيه عبرة لمن يعتبر، وفكرة لمن يفتكر، بقوله  جل جلاله : " ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب"،  فكل شيء في الوجود يجعلنا نفكر ونستغرب في كيفية وجوده، ومن اوجده؟ فنستدل انه الله احكم الحاكمين، فالكون كله ملآن من حكم واعتبار في مدى قدرة الخالق، وعلى الانسان العاقل ان يستدل على الله الذي هو الصانع من خلال صنعته، وان يعرف ان وراء كل صنعة حكمة، على الانسان ان يتخذها له عبرة، قال تعالى : " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت . وإلى السماء كيف رفعت . وإلى الجبال كيف نصبت . وإلى الأرض كيف سطحت . فذكر إنما أنت مذكر "، وقال جل شأنه : " إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"، صدق الله العظيم .
 وكان من  تلك الحكم التي قرأتها اعجبتني،  حكمة من القنافذ وهي :
ان القنافذ لا يمكنها أن تقترب من بعضها البعض .. فالأشواك التي تحيط بها تكون حصناً منيعاً لها، ليس عن أعدائها فقط بل حتى عن أبناء جلدتها .. فإذا أطل الشتاء برياحه المتواصلة و برودته القارسة اضطرت القنافذ للاقتراب والالتصاق ببعضها طلباً للدفء ومتحملة ألم الوخزات و حدة الأشواك .. وإذا شعرت بالدفء ابتعدت حتى تشعر بالبرد فتقترب مرة أخرى  وهكذا تقضي ليلها بين اقتراب و ابتعاد . 
ان الاقتراب الدائم قد يكلفها الكثير من الجروح. والابتعاد قد يفقدها حياتها .. 
 ومن هنا علينا الخروج بحكمة  وهي التقريب بين حياتنا البشرية الاجتماعية، وبين ما تقوم به تلك القنافذ .. ولنتحمل بعضنا البعض، فلا كمال للعالم الانساني، ولا مجال للانسان ان يعيش بلا مجتمع، والأسلم له ان يتقبل كل ما يصادفه بالصبر والحلم والاحتمال والرضى والتعقل،  فلا يخلو الواحد منا من أشواك تحيط به  وبغيره.. ولكن لن يحصل على الدفيء ما لم يحتمل وخزات الشوك والألم ..كما قال يسوع في الامجيل المقدس  : " لا تنظر الى القشة التي في عين اخيك بل انظر الى الخشبة التي عينك".   لذالك من أراد صديقاً بلاعيب عاش وحيداً ..  ومن أراد زوجة بلا نواقص عاش أعزباً ..  ومن أراد أخا بدون مشاكل عاش باحثاً .. ومن أراد قريباً كاملاً عاش قاطعاً لرحمه ..
  فلنتحمل وخزات الآخرين حتى نعيد التوازن إلى حياتنا ..  إذا أردنا أن نعيش سعداء فلا نفسر كل شيء ..ولا ندقق بكل شيء .. ولا نحلل كل شيء ...فإن الذين حللوا الألماس وجدوه ( فحماً ) ...!!
          فاعتبروا يا اولي الالباب وكونوا اخوة احباب  
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق