لِنحذر الغرق في التغيير! بقلم راضي كريني
2014-04-01 19:05:22

لا أشكّ في نوايا أيّ من المنادين بعقد مؤتمر استثنائيّ للجبهة الديمقراطيّة لدراسة أسباب التراجع في الانتخابات المحلّيّة الأخيرة واستخلاص العبر والنتائج.
ولإثراء النقاش الدائر أطرح بعضًا من أفكاري في هذه الزاوية؛
 لا مهرب من ردّ الفعل العاطفيّ، الذي يسبق المنطقيّ والسلوكيّ، لكن لنحاذر مِن المبالغة بالعاطفة، ومِن الانفعالات التي في جوهرها دوافع للأفعال؛ كي لا يكون انفعالنا الحاصل نزوعا يقودنا إلى القيام بأيّ عمل مننتج لسخرية ساخطة، أو لتسجيل موقف، أو لنثبت أنّنا على استعداد للعمل، دون أن نحبّ عمليّة المراجعة والبحث واستخلاص العبر ذاتها...لنتلذّذ بجلد الذات؛ يجب ألاّ نغرق في أسئلة لماذا ومَن...؛ كي نُهمل السيرورة/الأسلوب التي أفضت إلى النتيجة؛ لذلك لتكن أسئلتنا كيف سار/مشى التحوّل، وكيف يسير، علينا أن نعرف الكم الذي تحوّل إلى كيف؛ كي نكون على استعداد لعمل ضروريّ وممكن ومرغوب؛ فالقدرة على النجاح هي جزء صغير من أسباب النجاح والفشل، ومهارة البحث لا تضمن النجاح؛ فلنصبر على "طبختنا" كي لا تكون وجبة سريعة، أو وجبة جامدة نعدّها في "الميكروويف"! لنثابر على العمل الفكريّ والسياسيّ و... ولنسامح (ذاتنا وغيرنا) مع ضبط أعصابنا وأنفسنا، وبعد ذلك لنتفاءل بالخير!
لا شكّ بأنّ الأزمة التي كشفتها الانتخابات الأخيرة هي انعكاس لأزمة فكريّة/فلسفيّة وسياسيّة وتنظيميّة وثقافيّة قيميّة حاصلة وديناميّة ومتنامية في مجتمعنا العربيّ (بشكل عامّ وخاصّ)، هذا ما يستدعي أن نستوعب الحالة والواقع الذي نعيشه، بدون تفاؤل كاذب، أو تشاؤم يشلّ الإرادة، فدورنا كمثقّفين أن نساعد على التغلّب على الصعوبات والتحدّيات، لا أن نثير الغبار لندّعي فيما بعد بأنّنا لا نرى شيئا يستحقّ التغيير، ولا أن نثير قضايا فرعيّة هامشيّة ومتعبة ومؤخّرة ومبقية لحالة الترهّل والتراجع... على سبيل المثال؛ سمعت العديد من الرفاق الذين يختصرون الأزمة بالأزمة الإعلاميّة للحزب؛ فإدانة الإعلام لا يفسّر الظاهرة. لا شكّ بأنّ للإعلام دورًا مهمّا في صياغة الرأي العامّ، وهو يتدخّل في حياة أمّة لا تقرأ أكثر من سواها من الأمم التي تستند في ثقافتها إلى أسس ومفاهيم تثبّت قيمًا إنسانيّة وحضاريّة وتقدّمية وتربويّة و...تحدّد للإعلام مدى تدخّله وتأثيره في حياتها.
إنّ انخفاض المستوى الثقافيّ للرفاق أدّى إلى تراجع في مؤسّسات وهيئات الحزب ومفاهيمه، وبالتالي أفقده القدرة على طرح البدائل الأفضل عن السطحيّة الثقافيّة والضحالة الفكريّة المنتشرة بوفرة في ربوعنا، هذا ما جعل الكثير منّا يعود إلى العائليّة والطائفيّة و... والعصابة الغارقة بالأسس التقليديّة وبسياسة الإيداع (كالبنك، "حكّلّي بحكّلّك") لا الإبداع الخارج عن المألوف، وإذا ما بحثنا بجديّة في هذه العودة لوجدنا أنّها اضطراريّة لا اختياريّة، ولم تكن لأسباب ولمصالح ماديّة فقط؛ بل أيضا لمصالح فكريّة وثقافيّة تربطها بالسلطة! لذلك نراها متعصّبة ومنغلقة ومقترنة بالعنف وبالأصوليّة... هذه المشكلة لا تتطلّب من قيادتنا أن تستورد الأفكار؛ بل أن تجيد وسيلة الاتّصال والحوار والإقناع واحترام الآخر مع الإخلاص للأفكار والمبادئ التي تنادي بها.
أرى أنّ انتقاد البعض لقيادتنا قد تحوّل إلى هواية وإلى ثرثرة و...، لكن في الوقت ذاته على قيادتنا أن تتحلّى بنفسيّة المقهور وليس بنفسيّة المهزوم، فمصيرنا لا يتعلّق بنتائج الانتخابات المحليّة؛ فالمهزوم يحسّ بالقهر، لكن يتملّكه العجز واللا قوّة ولا حول إلاّ بالله ويكون جزءا من المشكلة وضحيّة للتغيير الحاصل، أمّا المقهور فيملك قوّة التغيير إلى الأفضل، ويكون جزءا من الحلّ إذا وفقط إذا شارك، بإبداع لا بخداع وبأمل لا بألم، في التغيير الضروريّ والممكن والمأمول عاطفيّا وفكريّا وممارسة وسلوكا.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق