نحن نريد دولة ونحلم بها بقلم راضي كريني
2014-03-25 16:58:42

المفاوضات بالنسبة لبيبي نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، هي لعبة بدون تحدٍّ، لأنّه وصل لهدف اللعبة في كسب تعاطف الإدارة الأمريكيّة، قبل أن يدخل الملعب؛ مقابل أن يغطّي على عيوب السياسة الخارجيّة للإدارة الأمريكيّة الفاشلة، الغارقة حتّى أذنيها في دعمها، وتجييشها وتدريبها وتسليحها وتمويلها و... لحركات الدين السياسيّ الإرهابيّة، الهائجة في سوريا ولبنان و...، وفي فشلها في أفغانستان وليبيا والعراق ومصر و... وإيران وفي شبه جزيرة القرم وفنزويلا.
 يتقاسم بيبي وباراك الأدوار، تلعب حكومة بيبي دور الشرطيّ السيّئ، على أمل أن يتقن باراك أوباما وإدارته دور الشرطيّ الجيّد في رعاية عمليّة المفاوضات ما بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين؛ علّها تنال بعضًا من "بياض الوجه" أمام شعبها، وأمام حلفائها من أنداد وخدّام!
لن تسمح الإدارة الأمريكيّة للسلطة الفلسطينيّة أن تغلق باب المفاوضات، وأن تطرق أبواب الهيئات والمحاكم و,,, الدوليّة؛ لأنّ الإدارة الأمريكيّة تحلم بأنّ المفاوضات، تمنحها الشعور بالقوّة وبالقيادة وبالرّيادة وبالسيادة و... وتعتقد أنّها مخدّرات تُسْكر الشعوب العربيّة، وحبوب مسكّنة لحكّام أوروبا، ومنشّطات للخلاف الفلسطينيّ، وللانشطار وللانقسام و... وللصدام (ربّما العسكريّ)! لكن لن تكون العتمة الفلسطينيّة على "قد يد الحرامي"!
ليست دموع وآهات وعذابات ودماء الشعب الفلسطينيّ بالنسبة للإدرة الأمريكيّة، إلاّّ مثيرة للحظة غضب عابرة، ومن ثم يهدأ الشعب ويعيش حياة الانطفاء والانكفاء والبكاء والتذمّر وندب الحظّ و... والعجز!
لا يستمتع الشعب الفلسطينيّ باحتلال بلاده، فشعبنا يتألّم لسقوط الشهداء وضحاياه، ويعاني جرّاء الاستيطان ونهب الأرض، ويغضب من معاملة الإذلال والإهانة على الحواجز و... وشعبنا يعرف بواطن القوّة والضعف لدولة إسرائيل، ويقدّر التاريخ والزمن والمسافة و...ويرغب بسيرورة مفاوضات توصله إلى نتيجة مشرّفة، ونحن نريد دولة ونحلم بها! وإن لم نحصل عليها بالمفاوضات، سنحصل عليها بأساليب أخرى، وهي كثيرة وبإمكاننا أن نتّبعها؛ فنحن نحبّ السيرورة التي تفضي إلى حلّ للبّ الصراع، وهو ليس رفضنا لوجود دولة إسرائيل، كما يدّعي ليبرمان، وليس عدم اعترافنا بيهوديّة الدولة، كما يدّعي بيبي؛ فلبّ الصراع هو دولة فلسطينيّة مستقلّة وعاصمتها القدس.
فبالرغم من حدة وضغط المشاكل الإقليميّة الكثيرة والمتشابكة التي تستحوذ على اهتمام إعلاميّ وسياسيّ كبير؛ إلاّ أنّ القضيّة الفلسطينيّة ما زالت هي لبّ الصراع في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لحكومات وشعوب العالم قاطبة، وتشغل بال العديد من الأفراد في العالم، ويعتبرونها أنّها مشكلة شخصيّة بالنسبة لهم؛ وهي تؤثّر باطراد على مجمل سياسات الدول، الداخليّة والخارجيّة، هذا ما يشجّع الفلسطينيّ على التمسّك بالحلّ السياسيّ وفقا لقرارات الشرعيّة الدوليّة والقمم العربيّة، خصوصا قرارات القمّة العربيّة في بيروت 2002؛ فليفهم بيببي وحكومته أنّ تمسّك الفلسطينيّ بحلّ الدولتين، هو ليس نتيجة يأس من الحلول الأخرى، أو عجز عنها، وليفهم السيّد الأمريكيّ أنّ الشعوب العربيّة تنظر إليه من خلال نافذة الصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ؛ لذلك يرى العربيّ بالسيد الأمريكيّ أنّه مهدِّد وشريك بالعدوان وليس راعيًا لعمليّة المفاوضات والسلام، وخطيبا محبّا للسلام في جامعة القاهرة.
لن تنجح سياسة بيبي وأوباما وعملائهما من الرجعيّين العرب والأتراك في التأثير على الرأي العام العربيّ كي يعتبر أنّ سياسة إيران وحلفاءها في المنطقة هي التهديد الرئيس لهم، وليس الاحتلال الإسرائيليّ وتداعياته!
يستطيع الفلسطينيّ أن يستخلص العبر مِن فَشل المفاوضات، فهو بذلك يشحن إصراره على حقّه المغتصب، ويشحّم دواليب عجلات الثورة، ليستمتع بمشروع إنجاز الدولة المستقلّة! فنحن لا نحلم بدولة على القمر؛ فنحن نريد أن نصلها بأساليب شرعيّة، ونحلم بها وفق آمالنا، ونبنيها وفق قدراتنا.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق