لأنّني لن أكون إلاّ أنا بقلم راضي كريني
2014-03-04 18:19:59

لأنّني أنا أنا؛ فلن أكون إلاّ مع الناصرة في محنتها، ولأنّني أنا هو أنا؛ فأخترت أن أتحمّل نتيجة الأذى لمحبّي الناصرة على أن أسبّبه لمن سبّبه من نشطاء قائمة "ناصرتي" ومرشّحها للرئاسة في المدينة، هم من أجل غيرهم، أذوا بالناصرة وودّوا أن نفارقها يأسًا، أو أن تفارقنا خطفًا!
 لكنّ الناصرة تسكن فينا قبل أن نسكن فيها؛ فهي لن تغادرنا، ولو غادرْناها وتركناها وحيدة إلى حين، وغضضنا الطرف عن غدرها في ذات الحين. سامحينا يا ناصرة العرب المظلومين على الظالم.
 قلبنا الذي يعيش ويعرف الخوف على الناصرة؛ هو ذاته الذي يجعلنا ثوّارا شجعانا في مقارعة حكومة اليمين المتطرّف في إسرائيل وأذرعها الأخطبوطيّة السياسيّة والاقتصاديّة، ولن نبالغ إن ادّعينا والاجتماعيّة أيضا، وهو القلب نفسه الذي يدفعنا إلى فضح عملاء السلطة ووكلائها الطفيليّين من العرب "الصالحين"، وإلى العمل فوق المستطاع؛ كي نتمكّن ونسهم في إفشال المشروع الصهيونيّ ومخطّطات سياسة الاضطهاد القوميّ والتمييز العنصريّ والاحتلال والاستيطان الكولونياليّ، وفي بناء الدولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس العربيّة.
إن كانت سياسة الجبهة الديمقراطيّة قد تغلّبت على سياسة تحالف قوى الرجعيّة مع المحافِظة المسايرة للسلطة المركزيّة، والمنفّذة لمخطّطاتها بالوكالة؛ فهي لم تنهِ الرجعيّين والمحافظين والطفيليّين أنفسهم، الذين يتربّصون ويتحيّنون الفرص، وتعيد صياغة تحالفاتها مستغلّة البنية الكولونياليّة لإسرائيل، لتغتصب إرادة "شعب الناصرة" (شعب الناصرة من عرب ويهود تقدّميّين)، ولتعتدي على طيبته وبراءته وآماله العريضة، ولتشلّ طاقاته المحرّكة والدافعة نحو التقدّم والرقيّ والتحرّر.
اليوم، تقدّم لنا الناصرة نموذجًا حيّا للقوى التي شأنها إلهاء العرب والقوى التقدّميّة اليهوديّة، وإشغالهم عن ممارسات وسياسات سلطة اليمين المتطرّف والمستوطنين المتوحّشة، بالدين السياسيّ والعربدة وبضرب النسيج الاجتماعيّ والسلم الأهليّ، وبتحقير الثقافة والوعي التحرّريّ والوطنيّ والتنويريّ، وبإعادة بناء نظام العشائريّة والمخترة والمحسوبيّة.
نعترف أنّه جرت تطوّرات في صالح تحالف الدين السياسيّ الرجعيّ مع رأس المال الطفيليّ المحافِظ، الذي نما وترعرع على الاستغلال من أجل تضخيم ثروته على حساب شعب الناصرة، ونقدّر حجم الدعم السياسيّ السلطويّ لمثل هذا التحالف، لكنّنا نعرف أنّ هزيمة هذه السياسة محسومة، لأنّها مناقضة للتطوّر وللمصلحة العامّة، ونعرف أنّ بإمكاننا أن نسهم في سقوطها السريع بالنضال الجبهويّ المتحالف مع قوى لم تصادِم، لكنّها ترفض النفاق والسكوت على سياسة السلطة ووقاحة وكلائها المعميّة أبصارهم عن رؤية المستقبل البعيد.
إليكم الحكاية:
تحطّمت سفينة في عرض البحر، نجا اثنان من ربّانها، وقذفتْهما الأمواج إلى جزيرة قاحلة يسكن في وسطها مارد وحيد... تقدّم المارد من الربانين الناجيّين، وطلب منهما أن يتقاسما الجزيرة بالتساوي... وهو بدوره سيلبّي طلباتهما إذا عاشا بسلام... امتلأت نصف الجزيرة الواقع تحت سيطرة الأوّل بأشجار الفاكهة، أمّا في النصف الثاني فلا، وظهرت في اليوم التالي حسناء "تتمختر وتتغندر" ومن ثمّ السيّارة واللباس الفاخر والتحف والحلي و...، وفي النصف الثاني لا... ومرّت الأيّام إلى أن ملّ الأوّل من عيشة الجزيرة، فطلب من المارد أن يحضر له سفينة تقلّه وحاجيّاته إلى موقع آخر؛ لبّى المارد طلبه... حضرت السفينة وتوجّه إليها، بدون أن يطلب من صديقه أن يصعد معه...غضب المارد، وصرخ به وسأله: لماذا تركتَ رفيقك؟ فأجاب: لو صدق في طلباته لكنتَ استجبتَ له! قال:لكنّه لم يطلب إلاّ الخير لك، واستجبتُ له دائما!
ونحن لن نطلب إلاّ أن تكون الناصرة بخير مع رامز جرايسي. هل يستجيب لنا مارد/أهل الناصرة؟

 


 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق