جدل الحياة بقلم كميل فياض
2014-02-04 15:28:22

جدل الحياة
قد لا يكفي القاء نظرة على الواقع الآني حتى نكوّن رأيا سديدا عما يحيطنا اليوم ، ناهيك عن اتخاذ موقف .. الا ان القصد ايضا ابعد من ذلك .. ابعد من اتخاذ راي او موقف من الواقع المحيط في لحظته الراهنة .. فلو نظرنا الى الماضي البعيد والقريب والى الحاضر ، وتمعنا جيدا بفكر ناقد مقارن للمسلسل التاريخي ،الذي لا تنتهي حلقاته ، وهو يحكي قصة واحدة ، لشعوب مختلفة في ازمنة مختلفة .. بل يحكي قصه واحدة للانسانية كلها بما فيها من شتى التنوعات ..لاستنتجنا ان التاريخ لا يسير بالناس على مبدأ عقلي وضعي صارم ، ولا على مبدأ  ديني صارم – سواء سماوي وغير سماوي -  ولا على مبدأ سياسي ايديلوجي فلسفي الخ .. الاستنتاج ان لا مبدأ يحرك العالم .. ربما هناك قوانين ثابته في العالم الطبيعي الفيزيائي الموضوعي ، لكنها لا تتوافق مع ارادة الانسان بداهة ، ولذلك هو يحاول دائما ان يكيف الطبيعة لحياته بعلومه وتقنياته وادواته  .. لكن لا زال الانسان بكل علومه وتقنياته طفل عاجز عن تطويع الطبيعة لارادته بصورة تجعله سيدها .. لا زال الانسان طفل يحتاج الى عناية من قوى خارجية .. ولذلك هو لا يزال يتشبث بمعتقداته واساطيره وعاداته وابتهالاته وصلواته .. وهو لا يزال يكتب الشعر والفكر ويتفنن ويتفلسف ..
نحن نشاهد تناقضات الانسان بين ايمانه ومعتقداته ، وبين ما يحدث في الواقع من صفاته ومسالكه ..  كراهية احقاد حسد شهوات اهواء اطماع ، صراعات وحروب مدمرة ، تجعل من الاديان والعلوم الانسانية جميعا مسخرة .. هذا ذاتيا ..اما موضوعيا ، براكين زلازل  اعاصير فيضانات ، امراض فتاكة ، فصول سنة لا تتماشى دائما ومصالح البشر .. صيف في شتاء وخريف في ربيع وربيع في شتاء الخ.  بحث لا يمكن ان نقول ان خالقا حكيما رحيما انسانيا، يقصد هذا ، الا اعتقادا ساذجا وافتراضا ..        
 النتيجة التي اريد ان اخلص اليها من كل ذلك .. هي رسالة تحمل صفة فردية لا جماعية ..اوجه كلمتي للفرد هنا .. هو توجه ذاتي شخصي .. والفرق بين رسالة موجهة الى فرد ورسالة موجهة الى مجتمع ، هو الفرق بين قصيدة صنيعة هبوب من مشاعر وخواطر وافكار واختصارات وتجاوزات ، في نظام جمالي .. وبين مقاله منهجية منطقية تخلو من التناقضات .. انا اذن هنا اتحدث الى قصيدة لا الى مقالة ..والانسان عموما قصيدة في هذا العالم وليس مقالة ، هو شبيه بالعالم الذي يعيش فيه ، رغم محاولاته الناهدة لمنطقة وعقلنة وشرعنة شتى مشاعره وتصرفاته .. اقول : لا عليك ايها الفرد كن قصيدة، إلعب في بحر الحياة ، وحاول تعلم اصول اللعب بعقلانية وحكمة قدر المستطاع .. لا تلتفت الى صرامة ومثالية الاخلاق التقليدية ، دينية واجتماعية .. حرر وعيك ومشاعرك منها .. لكن كن انسان ودائما انسان ..التقي مع الجميع بمحبة وثقة ..الجميع ابناء الحياة .. ولا يوجد كافر بالحياة ، هناك كافرين ومؤمنين بمعتقدات ، لكن لا بالحياة التي يعرفون جميعا هواءها وماءها ونارها وارضها ونباتها وحيوانها ، وجميعهم يحتاجونها ..

كميل فياض     

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق