مسيحيّو هذه الديار أذكى وأرقى ممّا تظنّ يا سيّد ليفين! - الآب ابراهيم داود
2014-01-18 12:11:54

*لن يَنجرّوا وراء هذا الدَّسّ السَّخيف ولن يتخلَّوا عن عروبتهم!*
لو كان يريف ليفين يهتم بالائتلاف الحكومي الذي يرأسه، ما كان أحدٌ منا يتعرّض لأقواله أو نشاطاته!.. وبالأصل، فأنا شخصيًّا لم أسمع باسمه، ولا أعلم شيئًا عن وظيفته وكفاءاته. وأعتقد أن كثيرين غيري كذلك! واليوم أقول، حبّذا لو بقي هذا العريس مجهولًا، إذًا لكان أشرف له بكثير من فَوْرَة "مشاريع القوانين القلاووزيّة" التي يُعِدُّ لها سيادته. وهاكُم ما يسعى إليه:

* تسجيل الديانة المسيحية في بند القومية في بطاقة الهوية، لتمييزهم عن العرب المسلمين!.. فهم، المسيحيون،  في رأيه ليسوا عربًا!

* فصل المسيحيين في التمثيل للسلطات المحلية!

* خطوات أخرى تهدف إلى خلق هوية جديدة للمسيحيين تقود إلى الخدمة العسكرية أسوة بالإخوة الدروز!

* فصل المسيحيين كليًا عن العرب المسلمين، والتعامل معهم بشكل مختلف من جانب السلطات في الدولة!

* عزل المسيحيين عن العرب المسلمين، ومنحهم امتيازات في فرص العمل!

ويبرّر هذا المفكّر الجَهْبَذ ذو التفكير العميق برنامجه بقوله:

* "المسيحيون ليسوا مسلمين ولا عربا، بل مسيحيين"!... الله أكبر! مليح اللي قُلْتِلنا يا خواجا ليفين!... انتبهوا يا مسيحيين! أنتم مسيحيون ولستم مسلمين! من اليوم وطالع، بعد ما خبّرنا هذا الخواجا العظيم في المعرفة والعلم والأنثروبولوجيا، لازم تروحوا تصلوا في الكنايس مش في المساجد!... وإنتو كمان مش عرب بل مسيحيين! علشان هيك لازم تتحدثوا وتكتبوا باللغة المسيحية! ولازم تفتشوا عن أكِل مسيحي، وتسمعوا أغاني باللغة المسيحية، وتلغوا اللغة العربية من صلواتكم الفردية والجماعية في الكنايس!! واللي بعرفش اللغة المسيحية ينتظر تشريع، أو بالحري تخريع (من اختراع) هذا العظيم في التخريعات، يريف ليفين!

* المبَرِّر التالي، هو انّ "المسيحيين لديهم طباع مختلفة، ويمكنهم التماهي مع الدولة، والحصول على ما يحصل عليه الدروز"!... لن أتعرّض لما يحصل عليه الدروز، بل سأترك الرد على هذا الجاهل المجهول للإخوة المعروفيين، ليُطْلِعوه على مدى جهله وسطحيّته... أما بشأن "طباع المسيحيين"، فالحقيقة أن هذا الهذيان لا يستحق أيّ ردّ أو تعرّض، لأنه مجرد هذيان!

* ويمضي ليفين في هذيانه، فيدّعي أن"هناك الكثير من المشترك بيننا وبين المسيحيين.هم حلفاؤنا الطبيعيون. وسيشكلون كفة الميزان في مقابل المسلمين الذين يدعون إلى تدمير الدولة من الداخل"!... هذا الكلام الهُراء ليس فقط هذيانًا، بل هو الآن تحريض سافر أرعن على المواطنين المسلمين، يستوجب أن يُقدَّم صاحبُهُ إلى القضاء بتهمة التحريض!..

أمّا بخصوص المشترك بينك وبين المسيحيين، فإنني، أنا المسيحي، أرجو أن أؤكّد لك ولغيرك ممن يقولون قَولَك، إن المشترك بين المسلمين العرب والمسيحيين العرب، ليس فقط أكثر بكثير من المشترك مع حضرتك ومَن تمثلهم، بل لا توجد مقارنة ولا وجه شبه في الحالتيْن سوى أننا جميعنا بشر... أما المشترك بين المسيحيين والمسلمين في هذا الشرق الذي ننتمي إليه، فهو أن لنا ثقافةً ولغةً وعاداتٍ وتقاليدَ مشتركةً. بيوتنا متشابهة، وأراضينا متشابكة. نأكل نفس الطعام، ونلبس نفس اللباس، ونضحك لنفس النّكات. نتعلّم معًا، ونلعب معًا، ونفرح ونغضب لنفس الأسباب. لقد عاش المسيحيون في الجزيرة العربية، وكتبوا باللغة العربية وترجموا صلواتهم إلى هذه اللغة لكي يفهمها الشعب العربي المسيحي. وعندما اعتدى الفرنجة، أو الصليبيون، والصليب منهم براء، وقف كثير من القادة والجنود المسيحيين يحاربون إلى جانب إخوتهم المسلمين، دون اعتبار لانتمائهم الديني...إخوتنا المسلمون يعترفون بالمسيح عيسى ابن مريم نبيًّا عظيمًا، وبوالدته الطاهرة أنها أشرف نساء العالمين.

* ويصل السيد ليفين إلى النتيجة التي يحلم بها، وهي:" أنه إذا ما استطعنا التعامل معهم، أي مع المسيحيين، كما ينبغي، يمكن أن يخدموا في الجيش...فهم يخشون الإسلام المتطرّف، وهو أمرٌ يؤرقهم"!

أولا، يا سيد ليفين! لا وجود لـ "الإسلام المتطرّف"، كما يحلو لك أن تُعَمِّم! يوجد بعض فئات متطرفة مسلمة، أو الأصحّ أن نقول، إنها تنتمي رسميًّا إلى الإسلام، كما توجد فئات متطرّفة يهودية، تنتمي رسميًّا إلى الديانة اليهودية... والذي ينتظر أن أُضيف، بأنه يوجد أيضًا فئات مسيحية متطرفة، أقول له: بأن هذه الفئات ليست مسيحية، إلاّ من حيث ادّعاؤها هي والذين تخدمهم! أما المسيحية الحقيقيّة التي "تعترف بكنيسة واحدة، جامعة ، مقدسة ، رسولية" وتلتزم بقانون الإيمان النيقاوي، (والغالبية العظمى من مسيحيي بلادنا وشرقنا هم كذلك)، فإنها لا تعتبر هذه الفئات مسيحية، والبعض في أحسن حال يعتبرها بدعةً أو هرطقة...

الفئات المتطرفة التي تنتمي رسميًا للإسلام، لا تقلق المسيحيين فقط، بل تقلق أيضًا غالبية المسلمين الحقيقيين لأنها تشوّه الإسلام وتسيء إليه. وفي بلادنا يا خواجا ليفين، لم تَعتدِ فئاتٌ متطرفةٌ مسلمة على كنائس المسيحيين وأديرتهم ومقدّساتهم، ولم يبصق أيّ مسلم كان على راهبٍ أو كاهن أو راهبة!!

من هنا، أيها الخبير في طبائع المسيحيين وأَرَقِهِم واستعداداتهم. أنصحُكَ أن "تُحَطِّط عن بَغِلْتَكْ"! فالمسيحيون في بلادنا عربٌ ولن يتخلوا عن هُويّتهم العربيّة. كذلك، لن يتراكضوا إلى مكاتب التجنيد في الجيش، وليس لأنكم لا تستطيعون التعامل معهم " كما ينبغي" على حدّ قولك!.. إنهم أذكى بكثير، وأرقى بكثير ممّا تظن أو تفكّر، وأنت تُحسِن صُنعًا لو بَلَلْتَ مشاريعَ قوانينك وشرِبْتَ ماءَها "بِالهَنا والشِّفا"...(المكر- إقرث)

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق