تلك هي رحلتي الأخيرة التي قمتُ بها ما بين الثالث والثامن من شهر يناير الجاري، 2014 . نعم هي الرّحلةُ العرضِيّةُ التي لم أُبرمج لها أبدًا وإنما جاءت تلقائيًّا... في لقاء عادي بيني وبين صديقي صاحب شركة "نيتو" للسياحة، الأخ نزيه ماضي، أبو عمري حيثُ اقترح عليّ السّفرَ مع مجموعتهِ إلى موسكو ،عاصمة الجمهوريّة الروسيّة...
استصعبتُ الأمر في البداية ،لأنّني اعتقدت ،كالكثيرين عندنا، أنّه يصعبُ زيارة روسيا في فصل الشتاء القارس وأنّه لا يمكن التفكير حتّى برحلة كهذه إلى الدّولة الشيوعيّة الحمراء،تاريخيا،والتي تميّزت بوضع حواجزَ من الشّكوك والمخاوف والتردّد ما بينها وبين أبناء العالم الرأسماليّ المُنفتح... روسيا القيصريّة...روسيا لينين وستالين وبريجينيف...تلك الدولة القويّة التي لا رحمةَ فيها للضُّعفاء أو للمناهضين،كما علّمونا..! ولكن رغم كلّ ذلك قبِلتُ الفكرةَ السّانحةَ وهذا التحدّي المُتاح و.."بسعرٍ مُغرٍ" وأعددّتُ العدة الكاملة لمواجهة البرد والثلج الروسيَين وخرجتُ مع طابور السائحين،وماذا وجدتُ هناك؟ الغيوم الكثيفة التي تُغطّي سماء البلاد وسماء العاصمة بشكل دائم في الشّتاء،مع تكاثف الثّلوج في كلّ مكان!لقد وجدت موسكو_ غوربتشوف وبوتين ،على النّمط الأوروبيّ الحديث ،مدينةً مُنفتحةً زاهيةً تتلأللأُ أنوارُها وبناياتها بأضواء زاهية تُبهر عيون الناظر إليها، احتفاءً بعيد الميلاد المجيد للشّرقيين الّذي يصادف في السّابع من هذا الشهر!ما أجملها وما أبهاها من مدينة وما أعرقها تاريخيّا وحضاريّا وعمرانيّا! إنها عاصمة البلاد التي أرجعت كلّ الغُزاة خائبين فاشلين...من التّتار والمغول وحتى نابليون...وهتلر في القرن الماضي....!لقد وجدنا موسكو مدينة ككل مدينة أوروبيّة حديثة تختلف تمامًا عمّا ارتسم في ذاكرتنا السّياسيّة، تتميّز بالإنفتاح وبالأسواق التي لا فرق بينها وبين مدن العالم الغربيّ الحديث.
تنفّسنا الصُّعداء وراقت عقولنا وأفكارنا بمُجرّد أن لمستْ أرجلنا ثلوجها وشَعرنا وكأنّنا في بلدنا! لا أجملَ ولا أبهى... مدينة ساحرة عظيمة جاثمة على ضفاف نهر موسكو الكبير...شعبها باسمٌ والأمن فيها عائمٌ...شعبٌ مُؤدّبٌ يُحبّ ويحترم ضيوفه وهي مدينة تتميّز بالكينونات وبالأماكن التجارية الفخمة وبالأطعمة الّلذيذة ...طقسها جميلٌ وهواؤها باردٌ عليلٌ! لم أتخيّل يومًا أنّني ،وبهذه السّرعة سأزور الساحة الحمراء وبناية الكرملين والكنائس الفخمة العظيمة ...وأن أجد نفسي مُسافرًا في ...قطار الأنفاق "المترو" الشّهير المُتميّز بمحطّاته البانوراميّة المُتحفة لعقول المسافرين ولعيونهم! حقّا أنّه يمكن تحويل الحلم إلى حقيقة، إن صدقت الإرادة..... تأثّرت كثيرًا عندما زرت مع المجموعة جسد القائد "لينين"، المؤسّس لروسيا الحديثة ،الواقع في بناية "الكرملين" واقشعرّ بدني عندما شاهدته محفوظًا،على طبيعته، داخل صندوق زجاجيٍ وأعجبني ذلك الإحترام الّذي حظِيَ به الرجل الّذي حكم سبع سنوات فقط وأثّر في الأنظمة الإنسانيّة...هو وأترابه من جنرالات روسيا ورجالاتها  وخصوصًا "ستالين" الذي يبدو تمثاله شاخصًا في كلّ مكان. حاولت مقارنة هؤلاء مع زعماء ورؤساء الوطن العربيّ الكبير، خصوصًا بعد...ربيع الشّعوب، وما آلو إليه!!
 تعجزُ الكلمات عن وصف تلك العَظَمة الروسيّة_ الموسكويّة التي تملأ القلب غِبطة وسرورًا.
 ومهما يكن من أمر فإن الّلذة والمُتعة لا تتمّان في السّياحة إذا لم يكن معك رفاقٌ يحقّقون لك هذه السّعادة حقًّا! فالّلذة في أيّ رحلة لا تتمُّ إلا بشيئَين هامَين:الأوّل ، عَظمة المكان الّذي أنت فيه،والثّاني هو عَظمة الرّفاق...والمُرشد!     وهنا ما بوسعي إلّا أن أكرّس احترامي الكبير للمرشد الزّميل نزيه ماضي،أبو عُمري،على رعايته الكاملة والدائمة للمجموعة،بلباقة مُميّزة ...وإلى أعضاء المجموعة الّذين شاركوا في الرّحلة من الطّيرة ومن دالية الكرمل وعسفيا وجولس ويركا وأبوسنان. فكلّ واحد من هؤلاء الأخوة كان له القسط الأكبر في انجاح هذا الحدث...بخفّة دمهم وبابتساماتهم الدّائمة، ومن شدّة فرحتي ومحبّتي لهم أبا قلمي إلّا أن يرسُم قصيدة أسميتها "أنشودة الرّحلة" حيث ألقيتُها على مسامعهم وزدتُ بذلك لأجواء الرّحلة كثيرًا من الفكاهة والمَرح! بودّي،أيضًا، أن أنوّه إلى الشّئ الأهم الّذي تميّزت به هذه الرّحلة وهو مُرافقة الأخ العزيز صاحب موقع"المدار" الصّحفي "نديم معدي" الّذي غيّر بكاميرته فواصلَ ودقائقَ هذه الرّحلة ومدّها بمدٍّ مُميّز من الأهميّة،بتصويره وبتقاريره وببثّه المُتواصل عبرَ شاشة المدار......ونزولاً عند رغبة المُرشد والصّحفي وأعضاء المجموعة أُنهي إستعراضي هذا بأُنشودة الرّحلة التي طيّبت الأجواء ...كالمِسك الموسكَويّ ...آملاً أن تُسعدك،أيُّها القارئ الكريم !

في لِبلاد الرّوسيّة                      والأراضي الثلجيّة
بدنا نقدّم لنزيه                        تحيّه أخــــــــــو يّه
تْجمّعت كلّ الإخوانْ                    مْن الطّيرة حتّى بوسنان
واشْغلنا كلّ البُلدانْ                     بْحَملة الكترونيّة
حصرًاً موقع المدارْ                    راح اكرّر الأخبارْ
والجار يخبّر الجارْ                    عن رِحله تاريخيّة
مع بو محمّد وابو شادي             زادتْ عِنّا السّعادي
شبّكنا الأيادي                          في وِحده  وطنيّة
يا يركا يا إم الكِلّ                      ريحَه حلوه مثل الفِلّ
معكم والله ما بِنملّ                    باقه في المزهريّة
أهل جولس هالأبطالْ                 معكم حقّقنا الآمالْ
يا عِزوة أبو طلال                    والنّخوه المعروفيّة
الكرمل يا بلاد الأحرارْ             غِيرتكم أقوى من النارْ
بنحيّيكو كبار صغارْ                 داليّه وعسفاويّه
من بو سنان ايجت جاهه          زادت عِنّا الفُكاهه
صوت وحكمه ونباهه              وغناني جبليّة 
عالسّاحة الحمرا جِينا            وكنائس ما خلّينا
راحت تِخربْ عينينا              مْن الحلاوه الرّوسيّه
إتّفقنا مع" بو عنان"              على طول بلا نِسوانْ
إلعب وحدكْ يا فهمانْ           بِدونِ الثُّقليّـــــــــــه
رحله حلوه عَ الأصولْ         أطيبْ من حَبّ المَعمولْ
مَرتِ الجاي "הכל כלול"     عَ دَولـِـــــــــــه أوروبيّه             
وبدنا نقدّم لنزيه تحيّة عربيّه بدنا نقدّم لنزيه تحيّة عربيّه