بَرَد اللُجَيْن والغمام , د / منير موسى
2013-12-26 20:36:09
يا نورَ العيون، يا شعبي  
علّمتَني، يا مظلومُ، حبَّ الشعوبِ

الطّقس شارد بارد حِينًا، وآخرَ دافئ، وبين الجهات رافئ. رياح هوجاء رَعْناء، وأخرى غادية رائحة، ومن بين أفنان الأيكة الغيناء سابحة!

سماء شبه صافية شمّاء، اسم الله عليها، فيها سحائب، وغرائب، وغمامات ترى فيها صورة العبران والغنمات.

يغلب عليها البياض المَشوب بالرّماديّ، وكانّك ترى فيه افترار أزهار الرّياض! والأسوَدُ الغسَقيّ، مثل دُكونة أمواج البحر الأسوَد الّذي لا تزوره الشّمس إلّا لِمامًا؛ وذلك لكثرة الضّباب والسّحب المحيطة بمِنطقته.

نحاول أن نرتاح من الِالتزامات أيّامًا قليلة، وقد تواردت الأعياد، واحسّ بها المتحرّك والجماد، فهل يُذكَر فيها ذو الِاحتياجات، ومن مرّوا في الِانتكاسات، وعبرت عليهم وفوقهمُ الظّلُمات.

الجميع تراودهم نفس المشاعر، وهل نجد من مساعد للمعدمين مغامر، وليس للرّنّان غامدا ؟ وهذه حكمة الله في خَلقه؛ وضعها في ضمير الإنسان ووجدانه. فهل نقتبس منها بصيصا من القَبَس المُشلهِب الّذي يبعث الأمل في كلّ مَن يشرئب عنقه نحو آفاق الحرّيّة ؟

حكمتي من بارئ الأكوانِ
              جهليَ من جفوة الإنسانِ
دينكم لله، أنتم إخوة
                 نوّروا القتاد بالجِنان

الأخبار في الإذاعات والفضائيّات، وما أدراك ما أشواكها وقناديلها، وما تبعثه من السّوء والسّيّئات! إنّها تتركّز على السّياسة الّتي من بعض مركّباتها الحماقة والتّياسة، فهي لا تهمّ المواطن العاديّ، ولكنّها تؤثّرعليه وفيه، شاء ذلك أم أبى، عرف أم لم يعرف.

النّاس منشغلون بالأعياد، والمحزونون يتعزَّوْن بتعاطف المعزّين، حتّى لو كانت التعازي من رؤوس الشّفاه أحيانا؛ مع أنها يجب ان تكون نابعة من القلب؛ كي يتسنّى لها أنْ تزوره .
وهذا، إذا كان القلب مضمَّخا بالمِقَة، والاهتمام بالغير في عصر، تشِفّ أجسام النّاس فيه؛ لأن كلّ واحد يعمل المستحيل كي يسكن في قصر، ويتصوّر في أكثر من مِصرٍ!

ولا يهمّه كيف، ولا من أين له هذا وذاك! الّذي طغت فيه وعليه الأنانيّة، ومرادفها عدم الإحساس، والحساسيّة في المسامات الجلديّة! وساد حُبّ الذّات والأنا، وهو جزء كبير من الشّرور الّتي تجتاح هذا الكون! وهضم الحقوق، وما هو إلّا الغِواية والعُقوق، وكلاحة الضّمير، وهو القابل للتّخدير، لكنْ، عندما يصحو يكون في أسوإ المصير!

وتحييد محبّة المولى، عزّ، وعَلا، الّتي تتلطف وتتعطّف كلَّ وبكلّ الكرة الأرضيّة بالطّوليّة والعرضيّة، والمَسكونة بأسرها المرهونة لمَن نوّرها، ويجعلها تتنفّس، عندما تصحو، وتنعس!

وتلك النّرجسيّة تُخرج الإنسان عن مسار إنسانيّته، وهي هُويّته، والّذي لا منارَ غيره! فماذا يصبح بعد ذلك؟ وهل يبقى فيه من صفات الإنسان شيئٌ غير النّطق؟ والمنطق سعادة!

حذارِ إن كنت مؤتمَنا
                مات الضّمير، تدفع الثّمنا
حُرّ أنت، رُمتَ بهرجة
               لا تنخدع في كلّ من سمنا
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق