ألوفاء في مأزق أليم !!! بقلم د.نجيب صعب – ابو سنان
2013-11-28 22:46:20
كلمة الوفاء قليلة العدد في حروفها , إلا أنها تنطوي على معانٍ كثيرة إنسانية خلاّقة أضعاف أضعاف ما يتصور المرء , خاصة إذا فهم الإنسان معناها كليّاً، ويمكنها إذا فُهمت جيداً وعمل الناس بموجب معناها الصحيح لتغيّرت معالم كثيرة في حياة المرء اليومية ، في العلاقات بين الأهل وأفراد العائلة الواحدة ، وبين المجموعات بعضها البعض ، وكذلك بين المسؤولين والمواطنين خاصة في خضم الحياة وما تحمل معها كل طالع شمس وغروبها من أمور تروق لفلان ولا تروق لعلاّن ، بالتالي تعمل عملها أن كان في الإيجاب أو في السلب عند بني البشر حيث يتأثر بها كلٌ حسب مزاجه وإمكانياته العقلية وقرب أو بعد أفق تفكيره. فمعنى كلمة الوفاء الإيفاء بالوعد ، تنفيذ الالتزام الذي قطعه المرء على نفسه أو أخذه على عاتقه تجاه نفسه أولاً أو تجاه ذويه أو تجاه أقرانه وأصدقائه أو تجاه الناس والمجتمع.. ففي هذه الكلمة كثير من المعاني الإنسانية التي تلزم صاحبها أن يقوم بهذا الوفاء من باب احترام النفس، واحترام الغير والبر بالوعد، وكذلك القيام بما يستوجب القيام به لحفظ ماء وجهه أو لراحة ضميره !!! طبعاً إذا كان الضمير يعمل بشكل جيّد , أو مجرد الوفاء بالوعود وتنفيذ ذلك على أرض الواقع ، وفي الحقيقة عليه ألا ينتظر مديحاً أو شكراً من أحد إذا صدق العزم وضح السبيل وصفت النوايا. إلا انه يترتب على المرء أيا كان هذا المرء أن يمعن النظر قليلاً من حوله وربما أبعد قليلاً في محيطه ، ويلاحظ عن كثب من خلال تساؤلات عديدة قد تتبادر إلى ذهنه فيما يخص الوفاء وتصرفات الناس مع أنفسهم ومع ذويهم ومع بعضهم البعض في التعامل اليومي وفي ألأخذ والعطاء وفي الوفاء بينهم فيما يلتزمون به أو فيما يقطعونه على أنفسهم من وعود والتزامات. فبدون ريب قد يقف هذا المرء في حيرة، ماذا يقول لنفسه، وماذا يجيب على الأسئلة التي طرحها على نفسه أيضا، وكذلك قد يكون مستغرباً لما يراه ويلاحظه من عدم الاكتراث ، من اللامبالاة، من التنكّر والإنكار، من الاستهزاء وغير ذلك من التعابير السلبية التي احتلت مكان الوفاء وأخذت تتأصل في نفوس البشر، فهذا لا يهتم بالوعد الذي قطعه على نفسه، وذاك قد ينكر التزامه ، وآخر قد يسخر مما يسيء الوفاء، وسواه غير مبالي وقد لا يهمه ظهوره بين الناس بشكل غير لائق ولا... ولا... ولا... ، وجميع هذه التعابير تدل على أنّ الوفاء في هذه الأيام في مأزق وفي ضائقة لا تعمل في صالح الناس وعلاقاتها ببعضها وإنما العكس هو الصحيح. وإذا أراد المرء إن يتعمق أكثر في هذه الظاهرة لوجد أن الأمر أقسى ضراوة وان الوفاء بين الناس شبه مفقود ، فوعود بلا وفاء والتزامات خاوية خالية من كل مضمون، وتنكر شديد لوعود قد قطعها المرء على نفسه دون التزام وكما يقول المثل الشائع "ينكر الحلو وأثره"، هذه الأمور وغيرها قد تؤدي إلى خلط الحابل بالنابل، وخلق مشاكل بين الناس، وربما بين الإخوة والآهل ، لان النظم الاجتماعية والثقافة البيتية والعائلية والاجتماعية يترتب أن تكون أصلب من كل المؤثرات والمستجدات، فالوعد وُجِد لينفذ، والالتزام يجب أن يتحقق لا يهم من صاحبه ولا يهم من الذي سيحظى بالوفاء به، فالأمر يتطلب التقييم من جديد للتصرفات المسيئة للعلاقات بين الناس. ومن ناحية أخرى لا يمكن لأحد أن ينكر أن الدنيا مليئة أيضا بالأوفياء الذين هم عماد التعامل الايجابي والإنساني بين الناس ، وهم الذين يحافظون على التوازن في العلاقات بفضل قِيَمهم الخيّرة والتي يشكلون فيها نموذجاً حياً لغيرهم من نوع آخر، فبارك الله في هؤلاء ووفقهم في صيانة المجتمع والحفاظ عليه. وأخيراً من الواجب على كل إنسان وصاحب ضمير حي , أن يتجنب كل تصرف من هذا القبيل ويحث ويعمل على استئصال هذه الظاهرة من صفوف المجتمع والعمل أيضا على الوفاء بالوعود، والبر بها والتعامل بصدق لان الصدق هو أساس الوفاء , لان ذلك يمكن أن يحمي المجتمع من التصدع ويعمل على تعميق ترابط أنحائه وشرائحه في كل حين.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق