لا بُدَّ أَن تَنْهَضَ مَرَّةً أُخرَى بقلم: مارون سامي عزّام
2013-10-29 11:23:31

خلال الانتخابات هبّت علينا بقوّة زوبعة التّغيير، وغيّرت اتجاه البوصلة لدى غالبية الشفاعمريين نحو إسقاط الرّئيس السّابق ناهض خازم بأي ثمَن، لأنه خيّب آمال البعض، لم يُنصِف مقرّبيهم بتوزيع الوظائف... فشوّهوا صورته بشكل مقزّز، فتواصل انتقادهم اللاذع من خلال موقع الفيس بوك، الذي اعتبروه متنفّسهم للتعبير عن آرائهم بحُريّة! وأعتقد أن المعركة الانتخابية التي شهِدتها مدينة شفاعمرو تُعتبر الأكثر شراسةً، لأنها حطّمت المقاييس الاعتباريّة التي اعتادت عليها على مرّ تاريخها.
تحوّل موقع الفيس بوك إلى أداة ترويجيّة لأفكار قسم كبير من الشّبّان، الذين أبوا أن يتعرّفوا على شخصيّة ناهض عن قُرب، يعني تحمّسوا فقط للتغيير، فعبّروا له من خلاله عن آرائهم المسبَقة المشحونة بالكراهية... كثّفوا التّحريض عليه، وتردّدت أصداء التحامل عليه من خلال موقع الفيس بوك حتّى بعد الانتخابات، فشَمِت قسم من الشبّان بخسارته، لأنّه كان عائقًا أمام طموحاتهم!!
ألا يتوجّب على معظم المنتسبين الشفاعمريين إلى الفيس بوك أن يوجّهوا كلمة شكر إلى الرّئيس ناهض على عمله طيلة الخمس سنوات، وتُقدّره على الجهد الذي بذله من أجل إعلاء شأن شفاعمرو بين المدن الأخرى، كما يليق بهم وبسُمعة شفاعمرو، وأعتقد أن المجاملات الأدبيّة تصب أيضًا ضِمن أصول اللعبة الديموقراطية النّزيهة التي نادوا بها، ولكنّهم "فرِحوا" بعد أن أزاحوا عن صدورهم "عبء ناهض" الثّقيل!
انتخاب ناهض في المرّة السّابقة، لم يكُن مرغوبًا به عند بعض دعاة التغيير، رغم أنّه خدَم جميع من قصده بتفانٍ وإخلاص، لم يتوانَ لحظةً عن تحسين الخدمات التي يستحقها المواطن وجعلها من أولويّاته خلال فترة رئاسته، ولكن هناك من قام بتعطيل مسيرة إنجازاته، والمفارقة أن الجميع يعترف أن أيادي ناهض بيضاء، ولكن بما أنّهم فشلوا في تلطيخ اسمه في مستنقع الرّشاوى والمحسوبيّات، لجأوا إلى سياسة فرض الأمر الواقع القذِرة، بتلطيخ البيئة عمدًا، لأنهم وجدوها الأنسب لتلطيخ يديه!!     
هناك من اعتبر فترة ناهض مناهِضة لمآربهم الضّيقة، لأنه انتزَع منهم حريّة دخول مكتبه كما يحلو لهُم، وكأن مقر الرّئاسة بات ديوانًا اجتماعيًا وليس مكتبًا له هيبته واحترامه، يعمل حسب جدول مواعيد محدّدًا مُسبقًا، حفاظًا على خصوصيّة كل مواطن، فقرّر البعض أن ينزع عن ناهض رداء الشّرعية، ولم يتقبلوا إرادة المواطن الشفاعمري.
هناك أقليّة طعنت بسياسة ناهض البلديّة، لأنّها لم تتوافق مع رؤيتهم الخاصّة وليس العامة! شكّكوا بمصداقيّة إنجازاته، لأنها لم تكن ملموسة على أرض الواقع، فهو وَعَد أن تكون عصرية ومتطوّرة، وفعلاً قد بدأ بتنفيذ مشروع العصرنة، بخطوات مدروسة غير متسرّعة، ولكنها لم تكتمل بعد، ولكن للأسف عامّة النّاس كانت تبحث عن تطور غاياتها وتطوير بيئتها.
لقد أفرزت نتائج الانتخابات الأخيرة عن انتخاب المربّي والأستاذ أمين عنبتاوي، رئيسًا لبلدية شفاعمرو، وأومن أن هذه هي رغبة الأغلبيّة، وأحد أهم مبادئ الديموقراطيّة هو تداول السّلطة بشكلٍ سليم، لأن العمل البلدي عبارة سلسلة إداريّة مترابطة بين كافة الإدارات، لذا أتمنّى على الرّئيس المنتخب أن يستمر في مرحلة البناء، كما أتوجّه إلى كل من لم يصوّت له أن يتقبّل النتيجة برحابة صدِر، والرّئيس المنتخب كان أستاذي، كما أعتبره رئيسًا لكل الشفاعمريين، بغض النّظر عن انتماءاتهم العائلية والطائفية والحزبيّة وما شابه.
بصراحة لقد تضايقتُ كثيرًا من استمرار الحملة على ناهض، حتّى بعد ظهور النّتائج الرّسميّة، رَغم أنه لَم يعترض عليها، بل احترمها، ولم يصرّح أي تصريح عشوائي غير مسئول ضد أحد، لذا فإنّه يستحق منّا جميعًا أن نشكره على عمله الدّؤوب ليس من أجل نفسه، بل من أجل الحفاظ على وحدة هذه البلد، وسعيه الحثيث لترميم البنية التّحتيّة قدر الإمكانات التي أتيحت له... يجب أن نشكره على تحمّله ليس فقط حِمل إدارة البلدية، بل على تحمّله لوابل الانتقادات الجارحة الذي تساقط عليه وعلى أهل بيته، فأصابته في الصّميم، لكنه تغاضى عنها، لأنه لم ولن يضمر الإساءة لأحدٍ، بل دائمًا نادى بالتّسامُح، وأنا بدَوري أقول له: "لا بُدّ أن تنهض في المرّة القادمة".   

 

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق