وعد الحر دين!!! بقلم د.نجيب صعب – ابو سنان
2013-10-25 12:19:52

القول الذي يتردد من جيل لآخر " وعد الحر دين " قول ما من ريب نتج أو صدر عن تجربة مر بها السالفون في هذا الكون، وتركها هؤلاء للخلف من بعدهم، لتبقى بمثابة تنبيه أو توجيه في تعامل هذا الخلف في حياته اليومية مع ذويه ومع أقرانه ورفاقه وأفراد مجتمعه.
نعم، حقاً إن وعد الحر دين، ولو كان هذا القول منفّذاً على أرض الواقع لكانت الأمور تسير بخير,  ولكانت المعاملات بين الناس أفضل بكثير،  ولكانت نظرة الناس الى بعضهم البعض تغيرت، وكذلك كان الناس يكن الاحترام الواحد للآخر بشكل يختلف عما يدور بين الناس في هذه الايام الغريبة.
ففي الماضي كان المرء الذي يقطع على نفسه عهداً أو يؤكد على وعد معين تراه يحترم هذا العهد ، ويعمل جاهداً لتنفيذ هذا الوعد الذي كان قد قطعه على نفسه لسبب ما او لحاجة معينة، ولن يهدأ له بال ، أو لن تستقر نفسة الا اذا قام بالوفاء بهذا الوعد أو بالعهد الذي قطعه على نفسه مهما كلّفه ذلك من ثمن، وحقاً نعم هذا التصرف ونعم الوفاء بالوعد وبالعهد.
والناظر إلى الناس اليوم يمكنه التعرف وبدون تعب على ما يدور بين افراد المجتمع ومن كل الأطياف والمِلَلْ ،فقليلون جداً هؤلاء الملتزمين بالوعود، وقليلون ايضاً الذين يصدقون في وعودهم، وكذلك قليلون هم الذين يبّرون بالوعود، وقليلون جداً هم الذين يفقهون معنى الوفاء بالوعد وبالعهد، وعدم ادراكهم لمعنى ذلك تراهم يسرحون ويمرحون وبكل الاتجاهات غير مبالين بما صدر عنهم من قول او وعد او عهد.. ويمكن للمرء ان يلاحظ ايضاً بأن للوعد لم  تعد ركائز كالتي عاشها الاجداد والسّلف في الماضي لأن الكرامة كانت في مكانها ، يعرفها الواعد والموعود ويعملان بموجبها.
 فأنواع الوعود أو العهود تغيرت وتبدّلت كثيراً، فالظروف تغيرت والمقومات ايضاً تغيرت وفي كثير من الاحيان نُظُم التعامل تغيرت الا انه بقي انساناً بجوهره وبتصرفه ان لم تغيّر فيه المستجدات شيئاً، فالانسان الذي تربى ونما على الاصول ، يعرف نوعية التعامل بين الناس ، ويفقه من هو وما عليه ان يفعل وكيف ينظر الى الغير لدى تعامله معه، لا يمكن للمستجدات ان تغير في جوهره شيئاً مطلقاً.
 الا ان الكثيرين في ثنايا المجتمع أخذت المستجدات منهم مآخذها، وغيّرت الكثيرين فيهم وبدّلت الكثير من الانماط والنظم في حياتهم حتى ان نظرتهم للحياة تغيّرت، والغاية الخاطئة والمنفعة الشخصية ، والانانية كلها  أخذت دورها في التسّلط على كل شيء وبكل طرق مشروعة أو غير مشروعة، ولا يهم ان كانت غايتهم نظيفة، نبيلة او عكس ذلك، فالمهم بلوغ الارب وتحقيق الهدف حتى ولو كان ذلك عن طريق الاحتيال والوعود البرّاقة، التي لا تستند الى رصيد اجتماعي ولا اخلاقي، وانما ترتكز في الاساس على الغش والخداع والمراوغة بغية الوصول الى ما يبغيه هذا او ذاك دون الاخذ بعين الاعتبار مدى مصداقية هذا التصرف، علماً بأنه يقطع وعوداً برّاقة لا رصيد لها، ولا يمكن تحقيقها، بل يعمل ذلك لغرض في نفسه، ولا تهمه النتائج، ولا اعتبار لديه بمشاعر الناس فالمهم نيل المكسب الذي من اجله كذب، ومن أجله احتال ومن اجله اطلق الاشاعات والافتعالات لينال ما يصبو اليه، نعم كثيرة هي الامثلة التي يمكن لكل فرد يعي ما حوله ان يلاحظها وبكل سهولة، وفي هذا السياق تطرح نفسها اسئلة لا حدود لها ومنها مثلاً: لماذا  الكذب؟؟؟؟ لماذا الاحتيال؟؟ لماذا قطع الوعود المعروفة سلف امر كاذب؟؟ لماذا التلاعب في ضمائر الناس؟؟ لماذا لماذا؟؟.....
 ألآ يليق بالانسان ان يصارح اخيه الانسان بدلاً من ان يغشه ويتلاعب بالخفاء ليوقعه؟ وألآ يليق بالانسان الواقعي ان يكون صادقاً اولاً مع ضميره ويتعامل بمصداقية وبشفافية؟؟
فعلى المرء العاقل والعنصر الفعّال والايجابي في المجتمع ان ينبذ مثل هذه التصرفات ويضربها عرض الحائط لان في ذلك صدق مع الناس والضمير والمجتمع، وعندها يمكن للمجتمع ان يكون أحسن وأفضل بكثير، والتآلف والمحبة بين الناس تتعمق بصدق وجيوب الشر والكراهية تطرد لتعم المحبة، يخيّم التآخي، ولتطرد الانانية من صفوف المجتمع برمته ليعيش المرء قنوعاً مطمئناً متجانساً منسجماً مع اخوانه أفراد مجتمعه من مختلف الطوائف لان في ذلك من دون ريب صلاح المجتمع وايقافه من استمرارية التدهور في العلاقات وخاصة لدى تيقن الجميع أن وعد الحر دين....!!!

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق