لا اكتب كلماتي ويجر قلمي فوق الصفحات البيضاء لان الراحل ابن عائلتي  , ولا اكتب عنه الكلمات والجمل التائهة لأنه ابن عمتي التي سبقته الى دار الحق قبل اشهر, بل لأننا لا نجيد معرفة الصور والمشاهد الكاملة, ففي الرحيل المفاجئ نكشف ضعفنا في وخزات الدنيا واخفاقها بسعادتنا حتى النهاية .
ولا اكتب عن الراحل فؤاد فقد كان الفقيد فوق اسماء القبائل وشجرة العائلة وفروعها بل ضمة من فل الحدائق والبساتين وحبات الندى على اكف الورق الاخضر ولا يعرف السقوط .
لا اكتب عن الراحل العائد لأنه ترك لبرهة ابناءه التوأم شادي وطارق يلتحقان بمعهدهما العالي ولم يرافقهما هذه المرة فلم ينسى احرف التربية الاولى فأبناؤه يعرفون الطريق والوصية الاخيرة (احبوا الناس )  بوصلة ومنارة من عاشق الحياة وزنبقها لحامل اسمه ووجهه للمحطات الاتية .
لا اكتب واسند افكاري على صفحات بيضاء لان الفقيد المسجى في دائرة الورد قريبي بل لان الانسانية عبقه ونداه فقد كشف موتة المفاجئ  كم كانت تعيش صورته في اشواق القلوب .
 ,والوفود الوافدة من بشر لتقديم العزاء  لا تصل ضفاف النهر صدفة بل لان الراحل ضمة في الفؤاد وجسر من الياسمين  , فظلال الانسانية طوق تقلده وباق معه .
من قال بأن " نهر بردى" لا يعود مائه لمصبه الاول من جديد ومن قال بان عاشق الحياة يموت في القلوب ويغيب ..لا نملك كل الخيارات لكننا نملك اسمائنا وبصماتنا .
رحلت مبكرا نحو الشمس هذه المرة والعصافير ما زالت تململ ريش جسدها من تعب الغصون , وفي رحيلك لم تقلق وجه الندى واسراب الغيوم العائدة لبرجك وظلك كان مثل نسائم الوطن وعقارب الزمن والغدير السائح في ارضنا  يبحث عن وجهك في امتداد الكفن وعاشق الحياه لا يموت بل يسترسل في الارض كالنهر يتكرر وجهه " وخمسة ترافقه مثل الوان الفصول " .
اجمل ما فيك ايها المغادر على وجه الموج بانك بنيت ذاتك من صلبك ومن طالب مميز في ثانوية شفاعمرو ورسمة الاخلاق والادب على جبينك لمحطة اخرى في جامعة حيفا وقمة الكرمل وحيث العصافير تتعب بجانحيها للوصول للقمة ولا تنكسر امام البحر وشقاء النورس وبقايا الرسائل لمحطات تلتها في حقول الدنيا وشوكها وزهرها ومواعيدها لكن الدنيا غدارة وتعرف احيانا ان تخذل بريق فارسها , وفي كل الفصول وعطر الزيت  روحك الصاعدة من نوافذها المشرعة .