الوضع بدو قرار.. لا قسمة ولا نصيب !!
2013-08-24 09:54:37

الوضع بدو قرار.. لا قسمة ولا نصيب !!
بقلم حسين الشاعر – شفاعمرو
جال بخاطري مؤخراً عبارة نرددها بشكل دائم، "الدنيا قسمة ونصيب".. كلنا نؤمن بالقضاء والقدر وبالقسمة والنصيب ولكن احياناً يتطلب الموضع حكمة في اتخاذ القرار، ان الموضوع يحمل تساؤلات فكرية مؤكد أنها تهمنا جميعًا في حياتنا ..
مثلاً : يقال أن الزواج هو نصيب ولكن الطلاق قرار.. الحزن نصيب ولكن ان نفرح قرار.. وجود شخص في حياتك نصيب والاحتفاظ به أو تركه قرار.. ان تصلي وان تكون عابداً وشاكراً لله هذا قرار.. اذاً كلنا نملك النصيب لكنا أيضاً نملك القرار.
الدنيا فصول، هنالك فصل للحزن وفصل للفرح والمشترك بينهما فصل البكاء وفي لحظة ما يكون الإنسان أقرب من أي وقت مضى للسماء.
في هذه اللحظات تساءلت هل حياة الناس مبنية على النصيب؟ وراودني كما يراودكم في هذه الأثناء سؤال عن النصيب... هل نصيب الإنسان في الدنيا معروف ومقدر ولا نصيب له غيره ؟ أم أن النصيب يمكن أن يتغير بالدعاء والعمل؟.
ومن حديث سلمان رضي الله عنه بلفظ‏‏ :« ‏لا يرد القضاء‏‏‏‏‏  إلا بالدعاء» ومعناه‏‏ أن الدعاء سبب في حصول الخير، وأن هناك أشياء مقدرة ومربوطة بأسباب، فإذا تحقق السبب وقع المقدر، وإذا لم يتحقق السبب لم يقع، فإذا دعا الأنسان ربه حصل له الخير، وإذا لم يدعُ وقع به الشر، كما جعل الله صلة الرحم سببًا لطول العمر وقطيعة الرحم سببًا لضده والله أعلم‏ . 
حاولت الإبحار في ما قاله العلماء.. فوجدت في رد أحد المفتين على نقطة "الزواج" مثلاً بأن عبارة "الزواج قسمة ونصيب" تبين بأنها خاطئة، وأن كثرة الدعاء من الله ممكن ان يغير النصيب في أي سياق.
كما استوقفني حكايات جدتي والمسنات بقولهن "أن نصيبك راح يجيلك"، و"الجيزة قسمة ونصيب" و" لليوم ما أجاش النصيب"، إلخ.. من العبارات المنتشرة التي تجعل الإنسان يستسلم تمامًا لمصيره معتبرًا أن هذا هو "النصيب" وأن هذا هو قدره وعليه أن يرضى به ؟ .. فتبينت انها أفكار غير دقيقة.
فهنالك صنف من الناس تقتل النصيب بيدها ومركزها بعملها.. وعجبآ من الناس الذين يبكون على من مات جسده ولا يبكون على من مات قلبه.
أن تكون صامتاً ليس بنصيب، وأن تكون ثرثارا ليس بقرار، ولكن من الحكمة أن  تتعلم الصمت من الثرثار، والاجتهاد من الكسلان، والتواضع من المتكبر.
وان تحقيق النجاح لا يشترى بالأسواق، ونجاحك لن يحقق بالأحلام وأنت نائم، وإنما احلامك التي تراها في بحر النهار وتتخذ القرار، بعد الاتكال على الله.
وعندما نفشل فنقول مباشرة قسمة ونصيب.. فهنا باعتقادي تستخدم في غير مكانها ونستخدمها في جميع الأحداث التي تدور حولنا ونحاول الخروج من مأساتنا.
وهنالك كلمات لطالما سمعناها واستخدمناها في غير مكانها وكأنها أصبحت الشماعة التي تعلق عليها الأخطاء.
وعندما أنظر حولي لأتمعن بما يجري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا أكاد أجزم أنها ليست القسمة وبالتأكيد ليس النصيب بل بالعمل والرؤية في إتخاذ القرار.
أسئلة كثيرة تدور في مخيلتي بما يجري تجعلني أتساءل عن دور القسمة والنصيب.. ويمر أمامي شريط الدنيا الذي مضى والذي ما زال يمضي.. فأخرج بنتيجة واضحة كوضوح الشمس انه ضعفنا وعدم إدراكنا للحياة والإدارة.. يجعلنا في دوامة بين الحظ والتفكير الخارجي والباطني، وبين القسمة والنصيب، وبين القضاء والقدر، وبين الواقع ونسيج الخيال..
كثير منا  يرى أن اللونين الأبيض والأسود مجرد لونين فقط، وأن النظر الى الأمور من خلال هذين اللونين فقط هو إشارة الى عدم نضج الشخصية، ومراهقة فكرية ونفسية! والحقيقة إنهما ملكا الألوان.
لذلك عزيزي القارئ كلنا نعيش في صراع باطني ولا نتجرأ في اتخاذ القرار، وننتظر بالبيت وللأحلام ان ترشدنا وتدخلنا في عالم الانتظار.. ننتظر القسمة والنصيب وننتظر حظ الحياة.
ولكن الحياة علمتني إن الحياة ليست بروفة لحياة أخرى، وانسلالها وسرعتها بالأيام والساعات والسنوات بما معناه أن أعمارنا تضيع وتذهب سدى.. والذكي فقط هو من يمتلك القدرة والحكمة أمام إغراء المادة وطغيانها ان يكبح زمام رغباته بالوقت المناسب، ليقل من اليوم يجب أن أتوقف وأبدأ صفحة جديدة لأن الوضع طال الانتظار وبحاجة الى قرار..

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق