مـا زالـتْ الـحـرْب الـغـيْـر مـعـلـنـة قـائـمـة بـيْـن الأخْـلاق والـتـكْـنـولـوجْـيـا ، ومـا زالـتْ الأخْـلاق بـأسْـلـحـتـهـا الـبـدائـيـة تـتّـخـذ وضْـعـيـة الـدفـاع الـمـسْـتـمـيـت عـن الـنـفْـس أمـام هـجـمـات الـتـكْـنـولـوجْـيـا الـشـرسـة بـأسْـلـحـتـهـا الـمـتـطـورة ، تـكّـبـدتْ خـلالـهـا الأخْـلاق خـسـائـراً فـادحـة فـي الـقِـيـم الإنْـسـانـيـة . ومـعْ هـذا بـقـيـتْ الأخْـلاق صـامـدة فـي حـرْب غـيْـر مـتـكـافـئـة إلـى أن إسْـتـخْـدمـتْ الـتـكْـنـولـوجـيـا سـلاح الـدمـار الـشـامـل الـمـسّـمـى "واتْـسْ أبْ" ، فإخْـتـلـفـتْ الـمـعـادلـة فـي حـرْب غـيْـر عـادلـة ، وبـات شـبـح الـمـوْت يـحـوم حـوْل مـا تـبّـقـى لـديْـنـا مـنْ أخْـلاق لـيـنْـقّـض عـلـيْـهـا ويـخْـطـفـهـا إذا لـمْ نـتـدارك الأمْـر سـريـعـاً !!!.

جـائـتْ تـقـنّـيـة ال "واتْـسْ أبْ" وتـقـنّـيـات أخْـرى شـبـيـهـة ، إلـى الـدنْـيـا تـحْـت شـعـارات كـاذبـة ، كـتـوْفـيـر الـمـال ، وإخْـتـزال الـمـسـافـات ، وتـجْـمـيـع الـقـلـوب ، وتـقْـويـة الـروابـط الأسـريـة والإجْـتـمـاعـيـة ، لـكـنْ سـرْعـان مـا أشْـرقـتْ الـشـمْـس وأسْـقـطـتْ أقْـنـعـة الـظـلام عـنْ تـلْـك الـشـعـارات الـمـزّيـفـة ، فـبـانـتْ قـبـاحـتـهـا ، وظـهـرتْ نـتـائـجـهـا الـعـكْـسـيـة والـسـلْـبـيـة !!!.
ذهـبْـت قـبْـل أيّـام لـلْأخْـذ بـالـخـاطـر ، ومـا رأيْـتـه هـنـاك لا يـمْـكـنْ وصْـفـه بـأقـل مـنْ "مـهْـزلـة" !!!.
كـان الـصّـمْـت الـرهـيـب يُـخّـيـم عـلـى الـمـكـان ، وكـان الـحـزْن الـشـديـد يـحْـتّـل وجـوه الـحـاضـريـن .
وفـجْـأة رأيْـت إبْـتـسـامـةً تـتـسـلّـل مـنْ بـيْـن شـفـاه شـخْـص يـجـلـس بـجـانـبـي ، وبـحـكْـم مـعْـرفـتـي بـه تـجّـرأْت عـلـى سـؤالـه عـنْ سـبـب تـلْـك الإبْـتـسـامـة ! ، فـأجـابـنـي قـائـلا : "وصـلـنـي الآن عـلـى الـواتْـسْ أبْ مـقْـطـعٌ مـصّـورٌ لـلْـشـيْـخ .... يـتـمـايـل ويتراقص عـلى أنْـغـام أغْـنـيـة أهْـواك أنـا لـلْـراحـلـة ذكْرى !!!.
فـسـألْـتـه مـشْـمـئـزاً : هـلْ هـذا الـمـكـان الـمـلائـم لـمـثْـل هـذه الـتـفـاهـات ؟! ، فـأجـابـنـي غـاضـبـاً : " هـلْ أنْـت مـن الـعـصْـر الـحـجـري ؟ ، أنْـظـر جـيّـدا إلـى الـمـوجـوديـن وسـتـكْـتـشـف سـريـعـا أنّـك بـحـاجـة إلـى فـحْـص نـظـر ! " ، وكـانـتْ الـصـعْـقـة عـنْـدمـا رفـعْـت نـظـري وإكْـتـشـفْـت أنّـنـي مـن الـقـلائـل الـذيـن مـنـعـتْـهـم أخْـلاقـهـمْ "الـمـتـخّـلـفـة" عـن مـمـارسـة ريـاضـة الـسـخْـريـة والإسـتـهْـزاء بـالـغـيْـر عـبْـر وسـيـلـة الـواتْـسْ أبْ !!!.
إذأ إسْـتـمّر الأمْـر هـكـذا سـيـأْتـي عـلـيْـنـا زمـنٌ لـعـيـن نـدْفـن فـيـه مـوْتـانـا بـلا مـشّـيـعـيـن ، وسـنـتـقّـبـل الـتـعـازي عـبْـر الـواتْـسْ أبْ ، بـشـرْط أنْ يُـرْفـق مـع لـحْـنٍ حـزيـن !!!.
هَــــزُلَـــــتْ !!!!!!!!!!.
لـعْـنـة الـرّبْ عـلـى الـواتْـس أبْ الـذي تـغـلْـغـل بـيْـنـنـا وتـفّـشـى كـالـوبـاء وحّـولـنـا إلـى عـبـيـدٍ لـكـلِّ مـا هـو خـارجٌ عـنْ الـمـألـوف والـمـقْـبـول والـمـسْـمـوح !!!.
أصْـبـحـنـا عـبـيـداً لـلْآكـاذيـب ولـلْإشـاعـات الـمـغْـرضـة !!!.
أصْـبـحْـنـا عـبـيـداً لـلْـنـكْـتـة الـبـذيـئـة ولـلْـكـلام الـهـابـط !!!.
أصْـبـحْـنـا عـبـيـداً لـلْـصـور الـفـاحـشـة ولـلْأفْـلام الـغـيْـر أخْـلاقـيـة !!!.
أصْـبـحْـنـا بـمـحْـض إرادتـنـا عـبـيـداً لـلْـفـضـائـح !!!.
أصْـبـحْـنـا بـمـحْـض إرادتـنـا عـبـيـداً لـلْـجـنْـس !!!.
لـعْـنـة الـرّب عـلـى الـواتْـسْ أبْ الـذي سـخِـر مـنّـا حـتّـى أصْـبـحْـنـا أضْـحـوكـة عـلـى شـفـاه الآخـريـن !!!.
لـعْـنـة الـرّبْ عـلـى الـواتْـس أبْ الـذي فـضـحـنـا وكـشـف سـتْـرنـا حـتّـى أصْـبـحْـنـا عـلْـكـة تـلـوكـهـا أفْـواه الآخـريـن !!!.
أخْـتـمـهـا فـأقـول :
ألـتـقّـدم الـذي يُـجْـبـر الأخْـلاق عـلـى تـقْـديـم الـتـنـازلات هـو الـتـخّـلـف بـأمِّ عـيْـنـهِ !!!.