فرصة مواتية بقلم كميل فياض
2013-07-06 20:20:51

اقترب الىّ احد الاشخاص  من الذين يقرأون ، ومن الذين احترمهم في لقاء صادف ، وقال لي : أنقل اليك رسالة من فلان وهو ممن يقرأون وممن  نحترمهم ايضا .. " أقصِر في مقالاتك ، كي يتسنى استكمال قراءة ما تكتب في الفرص المتاحة ".. واريد ان اقول : هذه الملاحظة ، او الطلب اولا نابع من اهتمام  مشكور واضح حيال ما نكتب وننشر عموما .. ثانيًا تصلح هذه الملاحظة كمدخل لمناقشة  الطرح العرفاني التحقيقي ، الذي اتعامل معه عموما ويستبطن كل ما اكتب ..
طبعا انا لست من كوكب  آخر واعرف مدى خضوعنا عموما كبشر لواجباتنا الحياتية والمعيشية  والاجتماعية  والمهنية  وو الخ .. وادرك كم نحن كبشر مستسلمون لضغوطات وتأثيرات النظام الدوري لوجودنا في هذا العصر  .. لكن وبالذات من اجل كل هذا يجب الا ننتظر " فرصة " متاحة  للبحث من خلالها عن حقيقة وجودنا .. علما وان الحقيقة تحتاج منا 100%100  اهتمام  ووقت  ووعي .. ولا اريد ان اقول حب ومودة وعشق  .. هذا اذا كانت علاقتنا بالموضوع لا من اجل مجرد حب المطالعة وفضول الاطلاع ، على ما في ذلك من اهمية .. ولا مجال للتواضع او المجاملة هنا .. فليس الطرح العرفاني التحقيقي الذي اتعامل معه ، بضاعة اريد الترويج لها .. كما يفعل اصحاب واتباع العقائد والايديلوجيات  والمواعظ  السوتسيالية ، للنشر والتأثير وجلب الاتباع  والزبائن .. لا ليس في الطرح العرفاني " إقناع " او " تبشير " او عرض عضلات وتحدٍ من اي نوع  كان .. وعندما اقول ان الموضوع يحتاج منا الى 100%100 اهتمام وتركيز ، فلا اعني اننا يجب ان ندير ظهرنا للعالم كليا .. بل ان تكون علاقتنا بالموضوع – اذا اردنا الاستفادة حقيقة – علاقة داخلية حميمة ، ويجب ان تفوق – ومن وراء كل واجباتنا الاخرى – كل علاقة اخرى .. "فليكن عقلنا مع الاشياء وقلبنا مع من نحب " كما ذهب احد العارفين .. وهنا نحن ربما  نحتاج الى تدريب ونظام  وتقنيات معينة تجعلنا قادرين ان نتعامل مع الموضوع في كل الظروف والاحوال ، باعتباره تعامل مع حقيقة الوجود ، الحقيقة  التي هي في جوهرها وعي حاضر لا يغيب ، غير ان كثرة همومنا – سواء التي تستحق ان تكون هموم ، او لا تستحق – تحجبنا وتفصلنا عن هذا الوعي الاساس فينا .. وما دمنا نغتنم "الفرص" للتعامل مع الموضوع .. هذا يعني اننا لم نزل بعيدين عن حقيقة وجودنا ، ولم نراها بعد غاية  ومحور لهمومنا .. وفي الواقع لكي نصبح كذلك ،علينا ان نخوض ربما صراعا جدليا مع انفسنا ،ونحن برفقة ( اشيائنا واحبابنا ) في سبيل تلطيف افكارنا وترهيف مشاعرنا تجاه المعاناة اليومية التي لا تسمح لنا كثيرا بمواجهتها بأكثر جدية وتيقظ .. فاذا كانت الفرصة المتاحة مساحة من الفراغ قائمة بين ضرورة واخرى في مجرى حياتنا  ، فلنجعل البحث عن حقيقة وجودنا ضرورة تتساوى على الاقل مع سائر الضرورات في هذه الفسحة . رغم ان العمر الذي نعيشه هو كله فرصة للتحقق والتحرر من سلسلة تقمصاتنا  ، التي ما هي الا عبودية مستمرة لهموم فارغة في النهاية . وقد اشار الى هذا التكرار  في الاجساد ، القرآن الكريم ، باعتباره  هو الجحيم  .
" وكلما نضجت جلودهم بدلناها جلودا غيرها " اما الحكيم راما كرشنا فقد قال : لقد ولد عبثا ذلك الانسان الذي اتيحت له الفرصة  وولد انسنا على هذه الارض ،ولم يحاول ان يحقق الله في ذاته وهو بعد على قيد الحياة .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق