بطبيعية الإنسان في كل يوم وفي أي عمل أن يعتمد على الباري عز وجل، والركون إليه، والاستعانة به والتوكل عليه دون غيره، باعتبار أنه تعالى هو مصدر الخير، ومسبّب الأسباب، وأنّه وحده المصرّف لأمور العباد، والقادر على إنجاح غاياتهم ومآربهم في الحياة.
نحن مجتمع مؤمن.. نؤمن بالقضاء والقدر.. ولكن اسمحوا لي بالقول انه ليس معنى التوكل أن نقف مكتوفي الأيدي ونغفل عن الأسباب والوسائل والطرق المؤدية الى تحقيق المنافع والأهداف.. ولقد امر النبي صلى الله عليه وسلم الاعرابي ان يتوكل على الله ولكن قبلها ارشده ووجهه الى ان يعقل الناقة.. فقال له : ( اعقلها وتوكل )، فلا بد من الأخذ بالأسباب وإعمال الفكر وبذل الجهد واستخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق الاهداف، ومن ثمّ لا نعتمد على جهودنا انها هي التي تحقق النجاح وانما في الاتكال الحقيقي على الله هو الذي يحققه فالله سبحانه بتقديره يكتب النجاح والفلاح لعباده في الدنيا والآخرة..  وكذلك فان المنطق يقول ان نضع العربة قبل الحصان وليس العكس !!
ما شدني لكتابة هذا المقال هو مشاركتي في محاضرتين في أمسية في دار الثقافة والفنون في شفاعمرو للبروفيسور زاهر عزام والسيد فاتن غطاس، حول امراض القلب وتصلب الشرايين ومرض السرطان، حيث أبدعا في تمرير الرسائل الطبية الهادفة وإثرائنا بقاموس من المعلومات وبمورد من الوقاية وكيفية الحفاظ على أنفسنا من الأخطار من حولنا، ومن هنا استنجت أننا مجتمع لا يعي أهمية الصحة الذاتية وأن الدواء في أيادينا قبل ان نقع بالداء..
ليس سرا وليس جديداً ان التدخين والنرجيلة والسمنة الزائدة، آفات قاتلة وسبب مباشر لمعظم الادواء في أجسامنا فالتدخين هو السبب الرئيسي في التأثير على جهاز التنفس على الرئتين والشرايين وضغط الدم والقائمة طويلة.. اذاً لماذا لا نعقل بحق أنفسنا.؟!
من هنا ندخل في صلب شرايين مقالنا ونسير من خلال أوردته وقنواته التي تقودنا الى حياة أفضل بمشيئة الله..
صحيح أن التغيير في طبيعة المرء ليست سهلة، ولكن بإمكاننا تغيير مفاهيم الحياة وأسلوبها ونحن قادرون على ذلك، اذا عزمنا واستعنا بالله وتوكلنا عليه، إذاً لماذا لا نمنع التدخين والنرجيلة في بيوتنا؟
نحن نقتل أنفسنا ومن حولنا بدخاننا، أتساءل لماذا نحترم قوانين منع التدخين في بلدية كريات آتا؟ ولا نحترمها في بلدية شفاعمرو، طمرة، وفي جميع  بلدياتنا ومجالسنا المحلية ومؤسساتنا!!
يتفاوت الناس في مدارج مفاهيمهم وقدراتهم على التغلب على أنفسهم.. سواء في اتخاذ قرار بحقهم هم أنفسهم وبحق من حولهم.. وما عرض خلال المحاضرتين تقشعر له الأبدان، وللأسف الشديد فان ذلك ناتج من عدم إدراكنا اننا نحن نصنع الأمراض، من تصلب الشرايين وضغط الدم.. الذي نحتاج معه لإجراء عمليات القسطرة والقلب، بل حتى اننا من يتسبب بمرض السرطان!! أوافق الجميع اننا نعيش في ضغط نفسي وجسماني نحن في غنى عنه ولكنه يلاحقنا على مدار الثانية، وهل نتحرر من هذا الضغط بان نلقي بأنفسنا الى التهلكة وجلب الأمراض المستعصية، بل اننا عندما نكتشف انن وقعنا في شباك واحد من هذه الأمراض فان الضغط النفسي سيزداد أضعافا .. لذلك فلا بد من التفكر وأعمال العقل ونبدأ من اليوم ونقوم بخطوة جدية فنكسر النرجيلة ونقلع عن التدخين أو على الاقل نضع خطة نبدأ بالتخفيف حتى نصل الى الاقلاع النهائي في مدة محدودة، أي نعقل ونتوكل، ونقوم بتغيير نمط حياتنا ونخفف من تناول المأكولات الدسمة.. فبإمكاننا ان نجعل السفرة أكثر صحية..
عزيز القارئ.. كل واحد منا يتحمل المسؤولية فبادر بتحمل مسؤوليتك للحفاظ على بيئتنا نظيفة وأجسامنا نقية.. ويكفي فقط ان نضع هذه المعلومة للمدخنين ان السيجارة والنرجيلة تضيف كل يوم 77 إصابة بمرض السرطان في اسرائيل!!
ان أفضل دواء هو ان نحطاط قبل ان نصاب بالداء.. ولذلك لا بد من ممارسة الرياضة والابتعاد عن المسببات..
مرة اخرى نحن نتوكل على الله في كل شيء ولكن علينا ان نعقل ونتدبر الأمور في كيفية الحفاظ على أنفسنا، علينا ان نحاول تغيير نمط حياتنا وأن نراقب أنفسنا، أن لا نخجل ان نتوجه للطبيب وطلب فحوصات دورية، لأن الصحة ثروة والصحة تاج الأقوياء، تماشيا مع القول المأثور "درهم وقاية خير من قنطار علاج".
وأخيراً.. علينا التنبّه إلى جميل ما صنع الله تعالى في خلق الإنسان على أجمل صورة، منذ ان كان جنيناً حتّى آخر الحياة ، وأنّه من توكّل عليه كفاه، ومن استنجد به أغاثه، ونحن بدورنا علينا ان نحافظ على أنفسنا وعدم التفريط بها وان يحاول كل منا ان يكون طبيب نفسه، ولا أنسى ان ادعو الجميع الى المشاركة والاستماع الى المحاضرات الطبية لعلها تكون محفزا لنا للتغيير وبداية العلاج.