مشاعر من الشعائر .. !! بقلم حسين الشاعر - شفاعمرو
2013-04-19 20:57:26

الحمد لله الذي من علينا وبتوفيق منه أن نؤدي شعائر ومناسك العمرة في المشاعر المقدسة.. وها أنا أعود الى عائلتي وأحبابي وقرائي بعزيمة قوية وبثروة إيمانية روحية وسعادة نفسية تشكل وقودا انطلق من خلاله في مختلف وشتى ميادين الحياة كي أحقق أهدافي للعام الحالي.
منذ أن وطئت قدماي الديار الحجازية وسعدت بزيارة بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم والتي لا تقدر بثمن، عدت بشحنات إيمانية وبانطباعات ومشاعر فياضة حول رحلة العمرة، حيث تلذذت بشعور مغاير منذ اللحظة الأولى لوصولنا وحتى مغادرتنا.
إن ارتداء ملابس الإحرام البيضاء والنعل يضع المرء في وضع غاية في البساطة وتخلع عنه كل ما يعبر عن هويته الشخصية ويلغي شعورك بالتفرد ويجعلك واحداً من العامة بلا تميز..
لا اخفي عليكم مشاعري في موقعين.. ولم أتمالك عواطفي الجياشة عند رؤية الكعبة المشرفة وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام لأول مرة، عندها انتابني شعور لا يوصف بالرهبة والعزة في أكبر وأجمل بقعة إيمانية في العالم.
إن أول نظرة للمسجد الحرام تأسر الألباب، وتبين لي أن الصور التي تنقلها وسائل الإعلام لا تقارن بالواقع، لقد لمست حول الحرم وداخله هدوءاً وسكينة وجواً وادعاً وآمناً بصرف النظر عن ازدحامه بجموع ملايين المصلين.. ويبعث المشهد في نفسك شعورا خاصا مميزا ممزوجا بالحب لله والرغبة في رحمته والرهبة من عظمته .. وتحاكي ذهنك وكأنك في حلم وكأنك ولدت من جديد في عالم جديد.. ولقد كان لهذه الرحلة الأثر الأكبر في تقوية الوازع الديني لدي..
ما شدني ايضا خلال تواجدي في الحرم المكي هو روعة التنظيم وعظمة مشاريع البناء والتوسعة، والإنجاز التقني والمعماري داخل الحرم المكي وحوله والمسجد النبوي إضافة لما شاهدته خلال زيارة العديد من الأماكن التاريخية والإسلامية..
ومما شدني كثيراً كذلك واثر بي الصفاء والهدوء والجمال الخلاب حينما رأيت كل المتعبدين والمصلين في حالة انهماك تام في عباداتهم تحفهم السكينة وهم مستغرقون في تواصلهم الروحي بالله.. وشعرت كذلك بحالة فريدة لا تضاهى من شرف المنزلة وعلو المكانة وتميز كل المسلمين بصرف النظر عن اختلاف أعراقهم ومستواهم الحياتي.
كنت أسأل نفسي قبل دخولي الحرم: بماذا تختلف مشاهدتي له في التلفاز عن اللحظات المقبلة التي سأراه وأشاهده بالقرب وأمام عيني... وعندما بدأت بمشاهدة الحرم من الخارج تأكدت من عظمة وروعة من أي صورة ضوئية أو منقولة على الهواء، وكلما تقدمت شبراً صوب الكعبة بملابس الإحرام المتواضعة كان يقفز إلى مخيلتي السؤال التالي: ماذا أطلب في دعائي؟ وعندما بدأت بالطواف حول الكعبة كان يطوف في عقلي منظومة من الأمنيات، فدعوت وتمنيت ما تذكرت.. وعندما اقتربت من الحجر الأسود واستطعت أن المسه غمرني شعور طاغ من التواضع والفخر والزهو والغنى وعزة النفس.. وصرخت في أعماق نفسي: يا الله .. كم نحن ضعفاء أمام الله.
لن أنسى مياه زمزم المباركة والتي بفضلها شفي الكثيرين.. وسبحان الباري عز وجل فان من بركات زمزم ان مياهها تكفي الملايين من المعتمرين والحجيج..
عزيزي القارئ.. أن تأثير أداء العمرة على النفس كبير.. فأنت تشعر حقيقة بأن إيمانك قد تعزز، وأن روحك قد غسلت وتتطهرت وتغيرت، وان كيانك قد تأهب واستعد لما سيأتي بعد العمرة.. إنه جهاد النفس على فعل الخير.
لا شك أن أداء العمرة يساعدك على تيسير أمورك الحياتية بأفضل وجه، فضميرك المتحول نحو الأفضل قد يسفر عن تغيير في أفكارك وسلوكك وتعبيراتك.. وبعد أداء العمرة فإن المهام أمامك تبدو واضحة ومواردك الذاتية تقوى وتتعزز..
وأخيرا لا بد من أن أشير الى أن أنها الرفقة الطيبة الصالحة هي عامل مهم في نجاح العمرة، بل وأي رحلة أخرى.. فان نجاح أي رحلة تتعلق كثيراً بالرفقة، وشخصياً استمتعت بكل لحظة بالرفقة الرائعة والمميزة من الأخوة والأخوات في أداء مناسك العمرة، وأتمنى لهم وللجميع عمرة مباركة ومقبولة..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق