ما الذي نريده من الكتابة والنشر .؟! بقلم كميل فياض
2013-04-07 13:09:14

ما الذي نريده من الكتابة والنشر .؟!
(عنوان مداخلة لم تكتمل)
ما الذي نريده من سعينا الثقافي الحثيث بكل الوانه واصنافه ومستوياته ..؟!
هل نفعل ذلك كرد فعل قسري ، او اختياري على الواقع ، لتغييره ،لإصلاحه ،للتأثير فيه ايجابيا ، لينسجم مع مصالحنا ،مع مزاجنا ،ذوقنا ،عاداتنا ،تراثنا،سياسة حزبنا ،ايماننا الخ .. ام اننا نبحث عن انفسنا ربما فيما ننتج ،لتحقيق ذاتنا في الواقع وفي المجتمع الذي نقيم فيه ..؟!
لنفترض اننا نسعى الى الغايتين، وهذا ممكن جدليًا في شكل ما من الاشكال (إصلاح العالم وتحقيق الذات فيه).. فهل نحن ناجحون فالحون في ذلك – كما نطمح الى ذلك من أعماقنا - ؟!
اقول : ومن منطلق كوني طالب حقيقة وجودية عرفانية ،لأكثر من ثلاثة عقود ،وبقطع النظر عن المستويات المختلفة التي يصلها كل منا الى ما يطمح في عالمنا الحسي المادي والاجتماعي . نحن لا نحقق مبتغياتنا فيه ومنه ،كما يطلب كل منا من وراء سعيه الحثيث لذلك . وهناك سببين أساسيين لعدم التحقيق ،الاول هو كوننا نعيش في عالم يقوم بين حركتين متضادتين على الدوام ،حركة تبني وبالمقابل الاخرى تهدم ما بنته الاؤولى ، حركة تكوِّن وتنشيء وأخرى تحلل وتفسد ..وذلك يجري بحكم قانون موضوعي داخل ضمن جدل وصراع الاضداد في الاشياء ،وعلى جميع الصعد الحسية والفكرية والنفسية .. فكيف يمكن إصلاح هذا العالم ،وما معنى السعي لتحقيق ذاتنا فيه ، ونحن نرى الاستحالة على أجسادنا يوميا ، نرى كيف تتحول أجسادنا وتتغير أمام أبصارنا الداخلية والخارجية ، كلما تقدم بنا العمر نفقد العلاقة به ،وقد يزول كل لحظة بأي من الاسباب الكثيرة ،حيث مع غيابه نفقد الصلة بالعالم الحسي على خط بنائنا الشخصي الطامح فيه .. فهل تعلقنا الخرافي بحياتنا الارضية يجعلنا نطلب الحياة في ذاكرة الآخرين من الاجيال اللاحقة ،بعد ان نصبح لا شيء (هنا والآن) في التيار الزمني ..؟! أو ليس هو الواقع الاستحالي الذي يعيشه معظمنا .. فيقيم التسوية بعد التسوية والمصالحة بعد الاخرى مع نفسه – عبثا واعتباطا – في سبيل التواصل " الانيق الكامل " مع النفس ومع المجتمع الذي يعيش في كنفه ..؟! 
أجل نحن نعيش هذا الخداع الذاتي .. بعضنا أكثر من 50 عام من " العطاء" دون ان ينتبه الى انه يعيش في غمامة من الوعي الزهري ،الاحمر، الاصفر، الاخضر، الابيض، الاسود، وفي المزيج الخ ..
وهذا يدخل في السبب الآخر الذاتي لاستحالة الوجود في السعي لاصلاح العالم، او في تحقيق ذاتنا فيه .. فنحن في معظمنا وفي معظم الاوقات ،نعيش في قشرة الوعي لا في الوعي ذاته .. نحن لا نعيش بوعي كامل لوجودنا .. وتماما كالبنية التحتية التي يقيمها الانسان  : أبنية مصانع منشآت شوارع الخ على القشرة من طبقات الارض – كما يقول الجيلوجيون -  هكذا هو التاريخ البشري بحضاراته وآدابه وفنونه وثقافاته وإنجازاته الايجابية والسلبية ،يجري في القشرة من الوعي ومن ضمن هذه القشرة وباسبابها الظاهرة والباطنة عموما .. وقشرة الوعي هذه هي الفكر ، والفكر ليس هو الوعي ذاته ،انما هو القشرة ويشبه الغمام الذي يحمل فيه ضوءا من شمس غائبة وراء الافق .. هكذا الفكر يحمل ومضات تظهر وتختفي بسرعة مذهلة من وعي مطلق غير محدود، محجوب بستار من غمام فكري منتشر فوقه .. والفكر يشبه ذرات الغاز غير المرئية في ذاتها التي يتكون من جراء تراكمها  في الفضاء ، هذا المصطلح الذي نسميه ( سماء ) فهذا السقف الازرق فوقنا ليس موضوعا " صلبا" يقوم في العالم الموضوعي  ،وانما هو جزء من إدراكنا السيكلوجي الحسي والشِعري ليس أكثر .. كذلك هو التاريخ البشري بحضاراته انه تراكم من كثافة فكرية جماعية، يضيع فيها الفرد عن حقيقة وجوده ..
اننا لا نستطيع لا إصلاح هذا الغيم ولا تحقيق ذاتنا فيه، ولا معنى لسعي البشر فيه لذلك ..!
وعندما نخترع مقولات إيمانية مثل : الرضى والتسليم بالقدر .. أو مقولات فلسفية مثل : " لا يوجد في الامكان أفضل مما كان" أو مقولات شعبية مثل : " ضع رأسك بين الرؤوس " فانما نعبِّر عن بؤسنا وعن جهلنا بحقيقة وجودنا ..
في الحقيقة ان تدفقنا فكرا وشعورا باتجاه الاغراض المعنوية والمادية بصورة متواصلة في اليقظة وفي الحلم ، يضيِّعنا عن حقيقة وجودنا ويحجبنا على الدوام عنها ..  وحقيقة وجودنا هي وعي مطلق ساكن صاف ٍ غير متناه ٍ .. وعندما نخرج من ذاتنا لاصلاح العالم ولتحقيق ذاتنا فيه ،انما نكون قد خرجنا بالكامل الى الناقص ، بالموجود الى المفقود ، بالمطلق الى المقيَّد ، بالحي الى الميت .. والكشف عن هذه الحقيقة يتطلب إعادة تيار الفكر والشعور المتدفق باتجاه أغراض العالم ، الى الذات فينا لنحقق ونبحث ونتأمل فيها .. وذلك يتطلب الهدوء والصمت والسكون حتى يتوقف التفكير في سكون التأمل ليشرق الوعي .. وليظهر انه هو الاشياء التي كان يبحث عنها في الخارج .. هو جميع الصور والاغراض والمعاني المختلفة ..حينذاك وفقط حينذاك يتوقف الوعي عن البحث عن نفسه في العالم . وهذا لا يعني توقف الزمن وتوقف التاريخ بالمعنى "المأساوي والرومنسي " للطامحين العاشقين للحياة ولاغراض الحياة الحسية ، وانما هو كشف عن حقائق كل ذلك وسواه في سيرورة الحياة ،وهو عمل تحرري دائم، من أكاذيب وأحاديث النفس الوهمية ،من خلال ومن وراء جدل الاضداد .. فمرة يأخذنا التيار فيه بشتى تأثيراته .. ومرة نرتفع فوقه لنرى اين نحن فيه ومنه .. وهكذا هو معراج وجودنا التحققي التحرري حتى ..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق