يوم الأرض يبكي..... على الأرض بقلم:- شريف صعب-أبوسنان
2013-03-31 10:06:10

نعم أيّها القارئ الكريم، أستطيع أن أقسم لك، أمام الله والعالم، أن يوم الأرض يبكي اليوم، في الذكرى السابعة والثلاثين، على أمّنا الأرض، تلك الأم الثكلى التي فقدت أبناءها والتي أصبحت تعيش في عالم الخيال بالنسبة ليومها هذا. لقد رأيته في المنام يبكي وينتحب ويذرف الدموع بشغف عظيم على هذه الارض التي ذهبت ونأت بحالها عن أبنائها... الذين فشلوا في حمل أمانتها وصيانتها كما طلب منهم دينهم الحنيف وأمجادهم.
فالأرض وباقي الركيزتين هم من مبادئ المجتمع الأصيل... ولم أدرِ إذا بقي منهم أي شيء. يوم الأرض يبكي على الأرض حيث لم يبقَ لنا من هذا اليوم الا هو نفسه، عارياً، هزيلاً، خجولاً وربّما بدون عاموده الفقري... فهناك مثله ثلاثمئة وخمسة وستّون يوماً، يشبهونه قلباً وقالباً... وهو بالنسبة لنا يوم آخر، نسرح به ونمرح، نأكل ونشرب كل ما لذّ وطاب... فربّما، إذن، إذا إمتلأت البطون، عميت العيون!!
لقد ذهبت الارض كلّها وبقي هذا اليوم 30 آذار للذكرى فقط... عسى أن تنفع، فإلتهام الأرض برمّتها، عن طريق النهش المستمر والمنهجي لم يبقَ لنا أرضاً لنحتفل بيومها، وسياسة النهش لهذا الكيان جاء مع خطّة مدروسة، بعيدة المدى هي سياسة القوى مع الضعيف، الطامع مع المطموع فيه،المتغطرس مع الحمل الوديع المؤمن بالله ورسوله. فالمتغطرس المكّار جاء مُتلبّساً بجلد الوداعة متسلّحاً بالكلام المعسول المزيّف وبداخله ذئب مفترس غدّار، فأخذ كل شيء وكاد ينزع حتّى ثيابنا وليس فقط أرضنا. لقد لاقى هذا المكّار أرضاً رحبة واسعة تعودت على إكرام الضيف، وربّما بدون شعب بل كل سكانها زعماء، تهمهم الفرس الاصيلة والسيف الذهبي والعقال المائل، فراحت الزعامة الزائفة لهذه الأرض تبيعها وتعقد الصفقات الدسمة بألآف الكيلومترات...."بالعصملّي"... وغيره... "وعمر ما حدا ورث"...! فبيع ما بيع... ثم راحوا يبكون على ما باعوه.... فهم "العرب الجيدون"! كما قيل وكتب!! أمّا ما تبقّى منها فراح يُبتلع حسب خطة مرسومة حكيمة بموجب سياسة الحاكم بالمحكوم الذي لا حول له ولا قوة الا الاتكال على الله... وكلمات إتكاليّة هشّة كـ" حسبي الله ونعم الوكيل...!" الا ان الله قالها واضحة وليست بحاجة للتفسير:" قوم يا عبدي... حتى أقوم معك!!"
لقد ذهبت الأرض ومعها يوم الأرض... بالطول والعرض..!!
إن إشباع البطون هي أفضل وسيلة لتمويه العيون وواحدها يأتي على حساب الآخر فتزول التحديّات ويزول معها الطموح.
وقد قال الشاعر الطاغرائي أبو إسماعيل، صاحب "لامية العجم" في ذلك:-
حبّ السلامة يثني همّ صاحبه       عن المعالي ويُغري المرء بالكسل
بإمكاننا القول أن العرب بأكثريتهم تعوّدوا منذ مئات السنين على الخنوع والخضوع والإنصياع للحاكم الأجنبي الذي وجد فيهم لقمة سائغة فالتهمها، وذلك ينطبق على كل قطر عربي. فقد تحكم بهم وبأراضيهم وبمعتقداتهم... ممّا أضرّ بأسلوب حياتهم وبأنماط تربيتهم لأبنائهم وجعلهم عرضة للمعتدين الطامعين ويتجلّى ذلك في القيادات الإسرائيليّة التي جاءت مع معتقدات قديمة، مستعدّة لإبتلاع كل شيء في هذه البلاد.
أمّا نحن، الدروز، فقد توهمنا وانبهرنا بهذا الضيف الجديد وبذلك "القائد" العظيم الذي جاء متمسكناً، في البداية، ثمّ "أطعمْنا أنفسنا لوزاً فارغاً" معتقدين أننا أصحاب شأنٍ وأننا "مختلفون" عن الآخرين... وتبنّينا سياسة النأي بالنفس عن كل قضية تخصّ أقليّات هذا الوطن والتي عشنا معها على مدى العصور... تماماً كما أصاب سكان جنوب لبنان وجيشهم "الجبّار" بالمحتلّ الاسرائيلي خلال ثلاثين عاماً حيث فارقهم بعد ذلك في ليلة ظلماء، ودونما سابق إنذار تاركاً إيّاهم لأنفسهم!!
واليوم، يوم الذكرى نجد أنفسنا عاجزين، مع قيادة ترفع يديها، قسراً، أمام حاكم وحكومة ظالمة أساسها الظلم والتعسّف من منطلق الاستخفاف المتمادي بنا وبمقدراتنا... لقد ذهب العسل وعمت رائحة البصل، والعنف السياسي يعمّ البلاد وآلة الطمع والعنصرية والكراهية في القمّة. فسياسة النأي بالنفس جعلتنا غرباء في مجتمعنا. وحتّى ما تبقى لنا من أراضٍ قليلة حول قرانا... هو ليس لنا بسبب تعثر الخرائط الهيكلية ومنع الحقوق والهدف هو أن نبني ونخالف ونغرم... لأنه لا رخص بناء معنا، وهذه هي السياسة... أن نكون مخالفين ثم مغرّمين ثم مفلسين إلى أبد الدهر!!
فأين الحقوق وأين الأرض... وأين المساواة... وأين وأين وأين؟؟
فالمطلوب هو إعادة النظر ورسم الخطط المدروسة بعقل وإيمان وعزم وإصرار ثم الخروج من تقوقعنا، بوعي الى عالم آخر وذلك لأستعادة كرامتنا وكياننا وثوابنا... مهما كان الثمن باهضاً!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق