بيبي والاسفين وورقة التوت. بقلم اليف صباغ
2013-02-21 00:19:37

"إما تسيبي أو بيبي"، هكذا كان شعار ليفني عشية الانتخابات الاخيرة، بينما وعد نتانياهو ناخبيه ان "تسيبي لن تحصل على أي دور سياسي" في حكومته القادمة. يبدو ان كلام الليل يمحوه النهار، وكلام ما قبل الانتخابات يهدف الى جذب الناخبين من فئة ما بينما كلام ما بعد الانتخابات فهو يتعدى مشهد الناخبين المساكين الى حين تأتي الانتخابات القادمة، وعليه فقد انضمت تسيبي ليفني بالأمس الى حكومة نتانياهو الجديدة، فكانت أول من انضم اليها بعد ان حُسبَت، قبل الانتخابات، انها قد تكون آخر من يمكن ان يفعل ذلك. مرة أخرى يتأكد لكل متابع، ان الواقع او النتيجة الانتخابية وتحديات المرحلة يفرضون أنفسهم،  فتتغير مواقف القيادات ومواقعها، ولكن قد لا يتغير الهدف الحقيقي وقد لا يتغير النهج.
يخطىئ من يعتقد ان بيبي غيّر اهدافه الحقيقية من مسيرة التسوية السياسية ونتائجها، انما، بخطوته هذه، يصر ان يظهر وكأنه في وسط الخارطة السياسية في اسرائيل ولا يضيره ان يُموضِعَ نفسه في يمين الوسط، ولذلك فهو يحتاج الى حلفائه في اليمين الأكثر تطرفا ليبقى امام جمهوره الاسرائيلي "حامي حمى" أرض اسرائيل والأمن والاستيطان، وبالمقابل فهو يحتاج الى قيادات  مقبولة امريكيا واوربيا مثل اهود براك سابقا وتسيبي ليفني حاليا، ليكونوا ورقة التوت التي يغطي بها عورته اليمينية المعادية للسلام، فيسير متباهيا يحسب نفسه محتشِما وهو في الحقيقة عارٍ من كل لباس.
 يخطئ ايضا، من يعتقد، من القيادة الفلسطينية، ان المفاوِضة المخضرمة، تسيبي لفني، ستأتي لهم ب"رأس كليب" وتستطيع ان تجبر رئيسها بيبي نتانياهو على قبول ما لم يقبل به من قبل، حتى وان دعمتها الولايات المتحدة والرئيس اوباما نفسه واوروبا ايضا. ربما يبحث هؤلاء الفلسطينيين عن ورقة توت ايضا ليحتموا بها عند عودتهم الى المفاوضات العبثية مرة أخرى، ليخرجوا منها اذلاء ومهزومين او محبطين في افضل الحالات تحت الضغط الاروربي والامريكي، اكراما لجهود ليفني وحفاظا على عجلات مسيرة التسوية، او خوفا من انتفاضة ثالثة تفضح الجميع. إن مراجعة بسيطة لخطابات بيبي نتانياهو في بار- ايلان والكونغرس والجمعية العمومية، هذه الخطابات التي اعتبرها نتانياهو في مؤتمره الصحفي مع ليفني، بالأمس، أساسا للتفاوض مع الطرف الفلسطيني، وليس قرارات الشرعية الدولية التي تعترف بحق الشعب الفلسطينيي في الحرية والاستقلال، وفي أرضه ومياهه وسيادته حتى وان كانت في حدود العام 1967 فقط ، لا يمكن ان تشكل مدخلا او مرجعية او قاسما مشتركا للتفاوض الاسرائيلي الفلسطيني، اللهم الا اذا كان هناك قيادة فلسطينية مستعدة ان تعلن استسلامها والقبول بما يعرض عليها.
لم يكن الاتفاق مع ليفني مجرد رسالة الى الرأي العام الدولي، الذي صفق للخطوة كما تقول ليفني، بل هي رسالة الى الحلفاء المحتملين في حكومة نتانياهو القادمة ايضا، الى يائير لبيد ونفتالي بينيط. ليس سرا ان نتانياهو يريد حكومة واسعة ومستقرة، حتى وان كان قادرا على تشكيل حكومة ضيقة بجهد اقل، ولكنه يعلم ان أي حكومة ضيقة ان كانت مع حلفائه الطبيعيين من اليمين المتطرف او مع حلفاء جدد مثل يائير لبيد، لن تكون قادرة على المضي لتحقيق مهام متناقضة تنتظر الحكومة، وسيكون رئيسها معرضا للابتزاز والنقد والضغط من كل اتجاه وهو ما لا يريده بيبي نتانياهو، ولذلك يسعى الى اقامة حكومة واسعة كما أسلفت.
 لقد أثبتت الايام والاسابيع الماضية أن جهود نتانياهو لتشكيل حكومة واسعة تصطدم بتحالف صلب بين رئيسي حزبين كبيرين ،وهما يئير لبيد ونفتال بينيط، وهم يساويان 31 عضوا، أي عدد اعضاء حزبي اسرائيل بيتنا برئاسة بيبي نتانياهو، لكن ما ينقص هذين الرئيسين هي الخبرة السياسية، او انهما لم يختبرا، بعد، طريق الخيانات التي يعرفها السياسيون جيدا، ومعلوم ايضا انهما لا يمثلان خطا سياسيا أمنيا مشتركا ولكنهما يشتركان في احد اهم الاجندات السياسة في اسرائيل اليوم وهي حاضر ومستقبل الطبقة الوسطى والازواج الشابة منها وتقاسم العبئ الامني والاقتصادي، وأهمها غلاء الشقق السكنية للازواج الشابة، هذه الاجندة، لمن يتذكر، هي التي غيرت موازين القوى الحزبية في اسرائيل في الانتخابات الاخيرة، فهل يمكن لاحد ان يتجاهلها؟  من هنا نرى ان نتانياهو بخطوته للاعلان عن التحالف مع تسيبي لفني، وباعلانه ايضا ان كديما (عضوان) في طريقها الى الائتلاف وكذلك الاحزاب المتدينة (الحرديم 18 عضوا) انما يبعث برسالة واضحة الى كل من الحزبين انه عازم وقادر على تشكيل الحكومة دون الرضوخ لمطالبهما، وهو في الحقيقة غير قادر،  ولكنه يحاول دق الاسفين بين هذه الحزبين او رئيسي الحزبين، لبيد وبينيط، ومعلوم ان دق الاسافين هي نهج معروف لم يتنازل عنه نتانياهو يوما، هكذا شق حزب العمل وأخذ اهود براك الى حكومته وهكذا شق كديما وجعلها، بشقيها، تركع على ركبتين، وهذا ما يعرفه عنه  نفتالي بينيط جيدا، وعن قرب، حين كان مديرا لمكتب رئيس الحكومة سابقا. ويبقى السؤال، هل ينجح بيبي نتالنياهو في فك هذا التحالف؟ واي من الزعيمين الشابين سيخون حليفه أولا؟ وأي منهما سيدير ظهره لناخبيه أولا؟ علما ان ناخبي بينيط ليسوا من المستوطنين والمتدينين فقط، وان كانت هذه الفئة هي المتنفذة، وانما تفيد الدراسات ان اكثر من اربعة اعضاء من بين اثني عشر عضوا وصلوا الى الكنيست في قائمة بينيط كان بفضل ناخبين من مدن المركز وهم علمانيون يحملون أجندة يائير لبيد الاجتماعية والاقتصادية، وان كانوا يحملون اجندة بينيط الامنية. من هنا، لم ينته بيبي من تشكيل حكومته بعد، اما سكاكين الخيانة فهي جاهزة، ولعبة دق أسافين الشقاق مستمرة، وبيبي اكثر من يتقنها وقد اثبت ذلك.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق