لا جديد تحت الشّمس سامي أسعد
2013-01-26 11:16:11

بالرغم من إمكانية حراك لبيدي ملحوظ وبأجنداته التي قد يفرضها  على السّاحة السياسية الاسرائيلية في الفترة القريبة ، الا أن اللاعب الأول على السّاحة يبقى نتنياهو المُتعنّت والمُتغطرس!
مع انتهاء استحقاق الانتخابات البرلمانية بضجيجها ونتائجها شبه المتوقّعة فإن الامور ستؤول في نهاية المطاف الى قيام حكومة يمينيّة جديدة، يرأسها مجددا بنيامين نتنياهو.
  حصول حزب يئير لبيد على 19 مقعدا في الانتخابات الأخيرة هو الى حدّ ما مفاجأة ولكنها ليست بالمفاجأة التي تستطيع ان تأتي بواقع سياسيّ جديد في البلاد وذلك لسببين رئيسيين:
   الأول هو أن نتنياهو ماضٍ في رئاسة الحكومة، وذلك لا يبشر خيراً بمعنى ان الرجل مستمر في نهجه حتى ولو فُرضت عليه شروط ومطالب ائتلافية هنا او هناك الا انه على سلوكه وقناعاته وايديولوجيته الاساسية ماضٍ.
  والسبب الثاني، كون يئير لبيد بارائه وأفكاره السياسية والاقتصادية يُعتبر يمينيا أكثر منه يساريّا وبالرغم من تصريحاته المطالبة بالمساواة في حمل العبء الاقتصادي وتركيزه على دعم الشريحة الوسطى في اسرائيل فبالرغم من كل ذلك هو من مؤيدي التوجّه الاقتصادي الرأسمالي الحر الّذي يؤمن به نتنياهو ويطبّقه على الأرض.
   إضافة الى ذلك يتوجب التنويه الى ان أكثرية الناخبين الذين دعموا  لبيد هم من اليمين الاسرائيلي، فبالضرورة سيصون الأخير توجهات ناخبيه لضمان استمرارية مشواره السياسي على المدى القصير والبعيد.
إذا وبالرغم من إمكانية حراك لبيدي ملحوظ وبأجنداته التي قد يفرضها على السّاحة السياسية الاسرائيلية في الفترة القريبة الا أن اللاعب الأول على السّاحة يبقى نتنياهو المُتعنّت والمُتغطرس!
نتائج الانتخابات الأخيرة هي في الأساس بمثابة حجب ثقة جماهيري عن نتنياهو وحكومته المتغطرسة اقتصادياً والمُتعنتة سلمياً. وللدقة أقول ان المجال الاجتماعي والاقتصادي هما الأساسيان في بلورة نتائج الانتخابات، فقد ضاق المواطن الاسرائيلي من الخناق الاقتصادي والفوارق الطبقية الآخذة بالاتساع في المجتمع الاسرائلي ( طبعا من ضمنه الوسط العربي).
  لتوضيح مدى الخناق الاقتصادي الحالي فمعطيات مؤسسة التّأمين الوطني تشير الى أن 20% من العائلات في اسرائيل هي تحت خط الفقر، ونسبة الأشخاص الفقراء في اسرائيل تصل الى 25% وهم بمثابة 1838600 شخصا. 36% من أطفال اسرائيل هم تحت خط الفقر. 54% من العائلات في الوسط العربي هي تحت خط الفقر!!
  هذه المعطيات المأساوية الّتي هي وليدة النهج الاقتصادي لحكومة نتنياهو تزيد المواطن في هذه البلاد ذلّا وفقرا وبشكل يوميّ فدولة اسرائيل أضحت صاحبة نسبة الفقر الأكبر مقارنة بباقي الدول المتطورة في العالم وأكثرها فوارقا طبقية.
بالرغم من ادّعاءات نتنياهو ووزير ماليته بأن الاقتصاد الاسرائيلي مستمر بعملية النمو وبشكل مميّز الا أن هنالك من يدفع ثمن هذا النمو وهو المواطن البسيط  المتورط في مأزق اقتصادي خانق لا يُمكِنه من ممارسة حياة اعتيادية وشريفة في هذه البلاد.
عندما نتحدث عن خط الفقر في اسرائيل والّذي تمّ تحديده حكوميّا فتعريفه كالاتي: الحد الأدنى للمدخول الشّهريّ لعائلة مكونة من 4 أشخاص ( والدين+ ولدين) هو 6200 شاقل، علما بأن معدل الدخل الشهري لعائلة مكونة من 4 أشخاص في اسرائيل هو 12000 شاقل ومعدّل نفقات نفس العائلة يصل الى حد 14000 شاقل.
تجدر الإشارة الى ان الجمهور الذي اشترك وسار في مسيرات الاحتجاج الجماهيرية العارمة قبل عامين في تل-أبيب ومدن أخرى في البلاد كان جمهور الطبقة الوسطى الّذي يصل مدخوله الشّهري الى معدّل الدّخل العام في البلاد ( 12000 شاقل) والذي تذمّر وما زال يستصعب العيش بكرامة في هذه البلاد مع كذا مدخول فكم بالحري عائلات الطّبقة الفقيرة في البلاد التي لا يصل مدخولها حتى خط الفقر ( 6200 شاقل) فالحديث هنا عن طبقة مستضعفة صوتها غير مسموع أصلا، ونحن كأقليات في هذه البلاد نشكّل جزءا أساسيا في هذه الطّبقة الهشّة فنصف عائلات المجتمع العربي متواجدة تحت خط الفقر الاسرائيلي.
  ما هو مدى انعكاس الحراك السياسي في الفترة القريبة على الأقليات في اسرائيل؟! الحقيقة أن الوضع لا يبشّر بجديد بل أكثر من هذا ففي تقديري الأيام المقبلة القادمة ستزيد من الطّين بلّة، ففي ظلّ التّحديات الاقتصادية المعقدة التي ستواجه الحكومة العتيدة ( العجز المالي الحكومي يصل الى 40 مليار شاقل) ومع احتمالات فرض ضرائب جديدة على المواطنين مما سينعكس سلبا على المجتمع العربيّ والّذي سيبقى بعيدا كل البعد عن سلم أفضليات حكومة نتنياهو القادمة فسيقبع على هامش الهامش.
بما لا شكّ فيه هو أن إفرازات وأبعاد الاحتجاج الجماهيري تجسّدت في الانتخابات الأخيرة ولكنها وللأسف لم تصل الى حدّ الإطاحة بنتنياهو . والسّؤال الذي يبقى مفتوحا: هل سيستطيع لبيد التّأثير جوهريّا على حكومة نتنياهو على الصعيد الاقتصادي وصعيد عملية السلام أم أنه سيكون في موقع الشّريك المطيع للسّياسة البيبيّة؟  تساؤل يبقى مفتوحا فلنرى ما تحمله لنا الأيام القادمة من تطورات.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق