الله يسامحك!! بقلم حسين الشاعر - شفاعمرو
2013-01-12 12:14:41

كثير من البشر لهم ميل عجيب وغريزة قوية لتوجيه اصابع الاتهام الى الآخرين وبشكل تلقائي وكأنهم أسوأ الناس، ونحن في زمن احوج ما نكون الى مرآة تكشف لنا ما نحاول إخفاءه من أخطائنا وسيئاتنا، ولذلك علينا ان نحسن الظن بغيرنا، وان نداوم على فتح صفحات بيضاء جديدة.. وكذلك على كل واحد منا ان يقوم بجرد حساباته الماضية لتكون عبرا للأيام القادمة..
مع نهاية العام الماضي، قبل ايام، قررت ان أصدر عفواً عاماً عن كل من أساء لي بأي نوع من أنواع الأذى، وأن افتتح العام الحالي بشعار" الله يسامحك".
لماذا لا يكون شعارنا هذا العام "التسامح"؟.. لماذا لا نمتشق سلاحا جديدا هو الصدق في المحبة ونلقي عنا سلاح الكذب والفتن والطوشات.. لماذا لا نجدد في بيوتنا الحديث حول توطيد معاني الأخوة فيما بيننا.. ونتعاهد معا على لعن وطرد الفتنة والكذب من اجندتنا ونفتح دفتراً أبيض ناصعا كالثلج !!..انه عام جديد، فليكن تعاملنا فيه وافتتاحنا له كأننا خلقنا من جديد..
كلماتي هذه أوجهها للكبار وابناء الشبيبة وكافة افراد المجتمع على حد سواء ودون استثناء.. علينا استخلاص العبر من أحداث السنة الماضية التي راح ضحيتها الكثير من أبنائنا وأحبائنا بدم بارد.. وان نعمل جاهدين بكل ما اوتينا من قوة لوقف هذه الآفة وبكل الوسائل المتاحة على انه ينبغي للقانون ان يأخذ مجراه ومعاقبة المعتدين ليكونوا عبرة لغيرهم..
يجب ان ننتبه كثيراً لتصرفاتنا وما يصدر على ألسنتنا.. فنفكر جليا قبل ان ننطق باي كلمة، ونتوقف مليا قبل أن نفعل، ثم لا بد ان نعرف كيف نعتذر اذا اخطأنا وفي الوقت المناسب الذي ينبغي فيه الاعتذار.. وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يرشدنا ويوجهنا الى قاعدة ذهبية في التعامل بندّية مع الآخرين خاصة في مجال توجيه الانتقاد أو الاتهام فيقول: ( يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ويعمى عن الجذع في عينه)..
أذكر في هذا السياق ما قاله شكسبير: "لا توقد في صدرك فرناً لعدوك فتحترق فيه انت".. وللأسف الشديد في ايامنا هذه لا يتسلح كثير من الناس بالتسامح نحو الآخرين، بل يعتمدون الكراهية والحسد والكذب منهجا في تعاملهم.. وبدلا من ان يعمروا قلوبهم بالعفو والصبر على أذى الآخرين، يتوقد الحسد فيها فتشتعل نارا لا تنطفئ الا بعد ان تأكل الاخضر واليابس، بل ويكون صاحبها اول الناس احتراقا!!
ان محاسبة النفس هي إفطار العظماء.. فلماذا لا يكون شعارنا هذا العام التسامح متسلحاً بالمحبة والتآخي؟.
تخيل عزيزي القارئ.. لو كل واحد منا حمل هذا العام (2013)، شعار "الله يسامحك" بحق، لابتسمت له الدنيا، ولابتعد هو وابتعدت عنه "الطوشات" العمومية التافهة.. فتعالوا نشارك الكون ببهجته فيضحك لنا.. كما تضحك النجوم.. ونتفاءل كما تتفاءل الطيور.
عجبت لأحد الأشخاص عندما أشرقت الشمس في يوم ماطر.. بعد ان مزق شعاعها الغيوم المتلبدة  فشكى من حرها.. ثم قطف زهرة فشكى من شوكها.. ان قلوبنا من الممكن ان نفتح ابوابها لتسع الجميع بالمحبة والتسامح، ولكننا ربما نحولها الى جحور لحيات الضغينة وعقارب للحقد وأفاعي الحسد.. وهذا بالتالي أعظم دليل على ضعف الإيمان فينا، وعدم رؤيتنا الصحيحة لحياتنا، مع أن عمرنا قصير فلماذا نضيعه بتصفية الحسابات مع الخصوم وتسديد فواتير العداوة؟!
يقول ربنا جل وعلا في كتابه العزيز: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }.. اذاً قابل ربك يوم القيامة بعفو.. حتى يعفو ويتجاوز عنك فرب العالمين أولى بالعفو منك..
أخيراً .. الإنسان المحبط المتشائم مسكين.. لانه انسان ناقم على نفسه أولاً وعلى الناس وحتى على الحياة، ويقضي عمره كأنه في جحيم، ويتوقع وينظر الى كل شيء بسلبية.. ولكن المتفائل مهما كانت قسوة الحياة عليه، ينظر الى الجوانب المشرقة في الحياة والطرف الجميل منها.. وبإيمانه سيبقى هو الأتقى والأبقى والأغلى والأعلى..
فليكن وليبق شعارنا :" الله يسامحك".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق