عيد الاضحى-أين نحن من التضحية؟ هبة إبريق- أبو سنان
2012-10-20 17:31:48

نحتفلُ في هذه الايامِ المباركةِ بعيدِ الاضحى المبارك ، هذا العيد الذي يُذكّرُنا سنةً بعد أُخرى بذاك الحدث العظيم ـ عندما استجابَ سيّدنا ابراهيم دون تردّد وامتثلَ لنداء ربّه الذي أمره بأمر عظيم بأن يُضحي بابنه  إسماعيل  ، هذا الولدُ البكرُ العزيزُ ، والذي جاءه على كبرٍ. نجح إبراهيمُ الخليل عليه السلام بالامتحان الالهيّ فاستجاب لطلب ربّه وسارع إلى طاعته ،  لينال الجائزةَ الالهيّة حين أرسل له الملاك كبشًا ليذبحهُ مكان اسماعيل...
والسّؤالُ الذي يتبادر إلى أذهاننا ونحن نحتفل بهذه المناسبة المباركة هو : أين نحن من هذه التضحية العظيمة وأين هو استعدادُنا للتضحية في هذه الأيام؟
عندما نُمعنُ النظرَ في أحوال مجتمعنا نجد بأن هذه الكلمة الهامة آخذة بالتلاشي من قاموس حياتنا اليوميّ ، بل هي آخذةٌ بالانقراض رويدًا رويدًا ...
ويتجلّى هذا الامرُ ، للأسف ، في جميع مجالات حياتنا اليوميّة ، فعلى صعيد الأسرة نجد أن بعض الاباء والأمهات غير مستعدين للتضحية حتّى من أجل أولادهم ، فيبخلون عليهم حتّى بالوقت المطلوب للجلوس معهم من أجل اسداء النصح والإرشاد...
والزّوجُ غير مستعدٍ للتضحية من أجل زوجته ، كذلك الزوجةُ ترفضُ التّضحيةَ من أجل زوجها ، ممّا أدّى ويؤدي إلى التفكّكِ الأسريّ في كثير من الاحيان ، بل وإلى ازديادِ حالات الطّلاق في المجتمع...
وعلى صعيدِ المجتمع نجدُ بأنّ المواطنَ لا يُضحّي ما فيه الكفاية من أجل بلدته ومجتمعه ، والعاملُ لا يبذل جهدًا ولا يضحّي من أجل مكان عمله...
والسّؤالُ الأهمّ الذي يتبادرُ إلى ذهني في هذا السياق : ما هي تضحيتُنا اتجاه اللهِ سبحانه وتعالى ؟ ماذا نُقدّمُ لله الذي خلقَنا ورعانا بحمايته وأنشأنا بأحسن صورةٍ ووهبنا من نعمهِ التي لا تُعدّ ولا تُحصى؟
يتّضحُ مما ذكرتُ أنّنا أصبحنا  "  بخلاء "  بكل ما يتعلق بالتّضحية اتجاه الاخرين واتجاه ربّ العالمين - فإذا كان ربُّ العباد قد منح سيدنا ابراهيم الجائزة على نجاحه في الامتحان الالهيّ  حين افتدى اسماعيل بكبشٍ ليضحى به مكانه ،   فكيف سنحصلُ على الجائزة ما دمنا عاصين ؟  كيف ستسود علاقات أسرية سليمة ما دمنا لا نُضحّي من أجل زوجاتنا وأزواجنا وأولادنا ؟ كيف سننجح في مكان عملنا ما دمنا نهتم بالأجر آخر الشهر ولا نهتم بجوهر وجودة عملنا ولا نتعامل مع عملنا كرسالة هامة ؟ كيف سيرضى الله سبحانه وتعالى عنا ويُوفقنا في عملنا وأعمالنا ما دُمنا " نبخل" عليه بالمحبة والتضحية وأداء واجباتنا الدينية والدنيوية؟
لقد سيطرت الأنانيّةُ وحُبُّ الذاتِ على نفوسنا وأصبحَ " الأنا " يتمركز في أوّلِ سُلّم أفضليتنا . لقد أضحينا نُضحي بالآخرين ولا نُضحي من أجل الآخرين ، بحيث ندوس بأرجلنا كلَّ إنسانٍ يُحاول أن يقف عثرة أمام برامجنا وتقدمنا في الحياة ، حتى لو كان اقرب الناس إلينا...

حريٌّ بنا في عيد الأضحى المبارك أن نعود إلى المعاني الحقيقيةِ والجوهريّة الكامنةِ في خفايا هذا العيد الكبيرِ وأن نفهم معنى التّضحيةِ قبل أن نُضحّي وقبل أن نحتفلَ بالعيدِ...

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق