مجدي حلبي .. لا يموت من عبأ جسده بعبق الكرمل
2012-10-19 22:36:44

شخصيا اعرفك واعرف رسمك من الصور المعلقة في محاذاة  مفارق البر في المفرق الممتد من "المنصورة"  والجسور حتى اول سرب من اسراب شجر الكرمل, واعرفك من ساحة بيتك في الممر القريب لغرفتك السائلة عن صاحبها ,واعرفك من وجه والدك الحزين منذ سنوات وعندما اخذت تكبر احلامه ليراك عريسا في ساحة بيته ودائرة الحنة بلونها الاحمر الداكن, واعرفك من دمع امك الذي لم يتوقف من سنين ماضية في انتظارك على الشبابيك النضرة.
ترخي الظلال على وجهك الاخير وقد كبر العشب على قامتك وقميصك العسكري وتسلق في كل الانحاء ليغطي جسدك الطاهر بالون الاخضر وروحك ونفسك وشهقة باقيات في صدى الايمان وجواهر العقيدة الثابتة,  وامتدت ابتسامتك  في طوق الياسمين وتحول الجسد لشجرة لا تعرف الذبول وغادرت اليها وسكنت على اغصانها قُبرات الكرمل وطيورها المهاجرة وانتصبت نحو السماء في صلاة المغيب تودع شمسا ذهبت لتستحم في البحر المقابل وتستقبل شمسا في فجر كرملي لا يشبهه فجرا في انحاء الدنيا, وهناك جلست امك على اخر النافذة والنوافذ اصبحت تعرف وجهها ونظراتها الاتية وتعرفها النسائم الاتية من طوقك الاخضر الزهري وفصول البرقوق وخصر النحل, وهناك سمعت امك صدى الصوت الاخير وشهقتك قبل وداع الشمس وسقوطها الاخير في وجه الامواج العاتية وقبل العناوين الدامية.
مجدي .. انت حالة القمر والبحر والورد وحالة الاعتذار الاخير لامك بل لوالديك الجالسين على نوافذ غرفتك في هجرة الأسرب نحو الشمال ونحو كرمل اصبح هدوئه حالة تخاف منها اسراب العصافير.
نام اسمك على جناح السنونو ووجه القمح والحلم الازرق, وانت الوجه العائد لمرايا الغدران في كرمل بحث عن احبابه وقد فروا من هالة وجهه ,وانت حبيب امك ووالدك وكل امهات واباء يعرفون الشوق والحنين لأولادهم.
مجدي ..لا يموت من عبأ جسده بعبق رائحة الكرمل , ولا يموت من سكن قلب امه في رسم اللوحات الاخيرة ونخيل الارصفة المؤدي لبرج الجامعة وهو الباقي شاهد على خاصرة الخليج المقابل لحيفا وشاهدا على حريق اخير في فصول تغلبت فيها زهوة اللوز في تلال اصرت الموت ورفضته انفاس الكرمل.
الجائزة الاولى والاخيرة انت.. لان عطرك باقٍ في مساحة الغرفة ونوافذها ,والجائزة لوالدين اختارا  الله حصتهم  وتعلم الصبر من صبرهم وتعلمت الدموع من وجههم, والجائزة الاولى والاخيرة ايمان ثابت وعقيدة ثابتة ,ومجدي حلبي غصنٌ من اغصاننا لا تعرف شرايينه الموت.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق