في ذكرى وفاة شقيقي رحمه الله بقلم محمد بكرية
2008-10-12 16:59:46
في شهر تشرين الحزين يعوي القلب إليكَ يا أخي شوقاً وحنين.
في شهر تشرين امتطيتَ فرسَ الغيب. بلا وداع ودون أن توْدِعَ فينا وصاياك الأخيرة والسلامات, انحَدَر فيك الزمان فذهبتَ وحيدا في ترحال بلا عودة بعيدا بعيدا. عشتَ شارداً وشريداً وحيداً حالماً وحزيناً.
في أخر مرة سمعتُ صوتك على عجل شكوتَ لي حالك.
قلت لي ليلك ونهارك سيان حالكان. لا درب في دروبك. تهيم في نهارك إلى حيث لا تدري حتى تصحبك خطاك إلى غرفةٍ مظلمة في ليل طويل طويل فيأخذك تعبُ مسير النهار في السبات حتى الآتي من أيامك.
وشكوتَ لي حالِك. بكيتَ وأبكيتني
قتلني ألم وحدتك كما قتلك
أوجعتني غربتك كما أوجعتك
عرفت يا أخي أنك تعبت في دنياك وأرهقك المسير.
وأتذكر أتذكر أنني استجديتك أن تعود لتغفو في حضن أمك.
أتذكر جيدا حينما قلتُ لك حضن أمكَ ملجأي من عبوسة الأيام وملجأك.
حضن أمي مضجعي ومضجعك.
استجديتك كما فعلتُ دائما أن تحمل حقائب سفرك وتعود إلى إخوتك فهم في باب الدار بانتظارك. توسلت لك عد يا غريب الدار إلى دارك.
بكى. بكى, ثم بكى واشتكى
لم أدرك أنه يبكي عمرا قد مضى وانقضى. ولم أدرك أن قلبه يعزف نشازاً نبضاته الأخيرة.
فلِما تعجلتَ الموت يا أخي؟؟؟
هل أتعبتك الدنيا وضاقت عليك بما وسِعَت؟؟
لم تعجلتَ موتك ((فكلنا في البحر ماء))
وقد أرهقنا اللهاث خلف عربة هذا الزمان.
فلِما لم تتريث قليلا لنستريح سوية كما يفعل الفرسان. لِما تعجلت واستعجلت قدرك؟؟؟
كان ممكنا أن يرنو إليك زمانك ليمهلك استراحة المقاتل فتترجل عن صهوة جوادك.
وتلقي همك علي وعلى أهلك.
قلت لك يا أخي إنها غمامة سوداء ظللت سماءَك.
وهي زائلة إذا لم ينفذ صبرك.
فلِما تعجلت منيتك؟؟؟
أهي قسوة الأيام أقصمت ظهرك؟؟
قيل ((ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فُرجت وكنتُ أظنها لا تُفرج)) فلِما سافرت بعيدا بعيدا؟؟
ألم تشفق على قلب أمك؟؟
ألا تعلم أنها في كل يوم تشرب من كأس حسرتك؟؟
لماذا لم تنتظر؟؟ وأنت تعلم أن الزمان يغير عاداته أحيانا وينصف من ظلم.
وأنت تعلم أن الفجر ينبلج من الليل.
ذهبت وحيدا بعيدا. هل كي تحملني في لياليَّ ما لا طاقة لي به.
لِما ذهبت بعيدا يا غريب الدار؟؟
وجعلتني أسير أسئلةٍ تهيم في رأسي
كيف هو الآن؟؟ جوعان, بردان, تعبان؟؟؟
زارني يا أمي,
قبل موعد نهوضي من نومي بسويعات
كان بدرا وجهه, مبرقا, كما لم أعهده.
وقد اعتنت أيادي الغيب بلباسه وشعره.
جلس القرفصاء بعيدا عني كما يجلس في لقاءاتنا القليلة السريعة
خصني بنظراته دون إخوتي وسأل عن أحوالي وبيتي. كنت مستأنسا معه, مسترسلا, مسرورا, وبعد الكلام والسلام سألته أين أنت الآن؟؟؟
لم يجبني. أعدت عليه السؤال فقال بنبرة شبه غاضبة أنا هنا.. أنا هنا. وأشار إلى (مَجَنّة العائلة) ولما تجرأت يا أمي لأعرف هل يدرك أنه ميت.
غاب عن عيني بلمح البصر.
هرب من سؤالي ليبقيني حائرا. ويقتلني عنفوان السؤال.
ترى يا أخي أين الآن مكانك؟؟؟
هل متَّ بعد الموت؟؟؟ أم حملَتكَ الغيوم إلى سدرة المنتهى بجوار ربك؟؟
فسلام عليك أينما سكنت يا أخي
سلام عليك يوم مت ويوم تبعث حيا.

سلام عليك واقرِأ سلاماتي لأحبائي هناك وأحبائك.      

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق