لقد وعدت نفسي وتعهدت أمام ربي والتزمت أمام أطفالي أن أكون جندي في الحرب ضد الطائفية والطائفيون ,ضد التجارة بالعنصرية. وكما قال الشاعر "ابن عربي" :

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي

                           اذا لم يكن ديني الى دينه داني

فأصبح قلبي قابلا كل صورة

                           فمرعى لغزلان وديرا لرهبان

وبيتا لنيران وكعبة طائف

                          وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب إني توجهت

                           ركائبه فالحب ديني وإيماني

ولهذا عبّرتُ بالسنوات الاخيرة وبكل فرصة أُتيحت لي عن حبي لمكة وكعبتها,وللناصرة ويسوعها ,ولحطين وشعيبها ,وللقدس وحائطها ,وكنيستها,وصخرتها.
إن غرض الانبياء عليهم السلام أجمعين هو غرض واحد ,ومقصد واحد,وإن اختلفت شرائعهم,وسنن مفترضاتهم . فالغرض واحد وهو الله ,والمقصد واحد جل جلاله. فالله الواحد الاحد ,أرسل لخلقه أنبياءه حجة على العالمين ,وبعدهم أرسل الاوصياء ,وإصطفى منهم خمسة: نوح ,إبراهيم ,موسى,عيسى,وخاتمهم محمد (صلعم).

وإن تمعنا بأسماء الانبياء نرى أن كل خلق الله ينحدر منهم ,ويتبعهم ,ويؤمن بدينهم .

وإن درسنا دياناتهم نرى أنه على مر الزمان ,ديانه أكملت ديانة ودين تبع آخر ,والكل اتفق على توحيد الله .

فالدين واحد للكل ,لأن هدف الدين والانبياء واحد ,ومسلكهم  واحد ,ومقصدهم واحد وغرض واحد وان إختلفت شرائعهم .

فالدين هو طاعة الله في ما يأمر وينهي ,فالطاعة واحدة مهما إختلفت الاوامر والنواهي .

وفي القرآن الكريم, قال تعالى : "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً سورة المائدة ". ثم أعلم أن إختلاف الشرائع ليس بضار , ففي القرآن كُتب عن جميع الانبياء والاديان وهكذا نرى ذكر جميع الانبياء "شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً,والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم ,وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه ".

وهكذا يعلمنا القرآن أن كل رسول يرسل وكل كتاب ينزل قد جاء مصدقاً ومؤكداً لما قبله. فالانجيل مصدق ومؤيد للتوراة ,والتوراة مصدق ومؤيد للإنجيل , فمثال الشرائع السماوية هو مثال الاطباء الثلاثة الذين جاءوا لطفل ,فالاول قرر له الحليب واللبن في مرحلته الاولى ,والطبيب الثاني قرر له طعاماً ليناً ونشوياً في مرحلته الثانية ,والطبيب الثالث قرر له طعاماً قوي كامل في مرحلته الثالثة.

وهكذا نرى الشرائع السماوية تصدق وتؤكد سابقها ,فالتوراة إهتمت بالمبادئ الاولية السلوكية "لا تسرق ",لا تقتل ....... ونرى طابع تحديد الحقوق ,العدل والمساواة ,ثم أتى الانجيل المقدس وأكد على هذه المبادئ الاولية وأضاف عليها آداباً مكملة فيها التسامح والرحمة والاحسان ,وأخيراً جاء القرآن الكريم وأقرّ المبدئين :"إن الله يأمر بالعدل والاحسان" سورة النحل.

فأي إنسان مهما كانت ملته ودينه فإن شتم نبي واحد فشتم جميع الانبياء,وشتم جميع الخلق ,وعلينا كلنا كواحد إستنكاره ,وإبعاده وعزله وإن لزم الامر رجمه بالحجارة ,والعبارة,وإبعاده عن كل مجلس بشري ورميه بين الحيوانات .

فيا شاتم رسولنا خسئت ,يا انذل مخلوقات الارض,يا من تطاول على رسول الله ,فيومك قريب إن شاء الله ,ومكانك جهنم بإذنه تعالى ,وعقابك النار اللهابة الحارقة.

وأما لبني البشر على إختلاف دياناتهم أقول :إفتحوا قلوبكم,أحبوا بعضكم,أحبوا لغيركم ما تريدونه لنفسكم ,لا تحكموا ولا تقاضوا في أوقات غضبكم .

نمر اليوم بأوقات عصيبة ,ورهيبة ,على الصعيد العالمي وعلى الصعيد العربي ,والمحلي وما علينا إلا ان نحاول ان نفعل خيراً في مدارنا ,وفي البيئة القريبة منا ,وإن فعل كل واحد هكذا ,نخلق دون تعب عالماً سالماً,جيداً يطيب العيش به.

كونوا إيجابيون في تفكيركم,أعمالكم,أقوالكم,وتصرفاتكم لخلق من قرانا جنائن فواحة,جميلة,هادئة وإذا رأيتم أشواكاً بهذه الجنائن فإقلعوها من جذورها,وإزرعوا مكانها ورداً وريحاناً.

فهدف إنسانيتنا وحياتنا هو خلق عالم سلام ,بين الإنسان ونفسه,بين الإنسان والإنسان ,بين الشعوب والامم .وإن نجحنا بهذا فلا يبقى مكان للخلاف والحروب,ولا يبقى مكان للعنصرية والكراهية ,ولا يبقى مكان لأتباع الشياطيين إلا لمن يوحد الله,ويبجله,ويخشع له ويركع, وتبقى الارض لمن يؤمن كل الإيمان بدينه ويحترم دين غيره.

قال من أفضل البّر ثلاثة : الصدق في الغضب,الجود في العسره, والعفو عند المقدرة . فلمن أراد أن يعيش بهذا العالم الانساني فأمد له يدي ومن يريد غيره الله يهديه.  اخوكم :د.عمار مرزوق