التربية والشباب في المجتمع بقلم طه دخل الله عبد الرحمن البعنه
2012-09-25 00:11:02

أيها الأب الحبيب، لا تحرم ابنك من لفظ بابا..
دعه يشعر بها، ويحسّ بدفئها..
دعه يرقد في أحضانها فهي مراده..تلك هي التربية الصحيحة السليمة، مع اقترانها بالعبادات، والتنشئة عليها.
وحاذر يا أخي الحبيب؛ أن يأخذ ابنك أكثر من حقّه، فيصل لمرحلة الدلال فلا يعرف كلمة (لا) فيخرج إلى المجتمع، حيث لا يرحم، وعندها ستنقلب الموازين، ويحدث ما لم يكن في الحسبان، وتعضّ أصابع الندم.
إنّ هذا الكلام ليس نابعاً من فراغ أو توقّعات، ولكنه واقع مشاهد، وقد رأينا بعض الآباء وقد ندم على ذلك، وصرح بهذا الندم، والبعض أخفى، ولكن ظاهر أفعاله أثبتته، وهذا من سوء تربيته، فمنه بدأ الخطر، وتوالت المشاكل. وعكسه أشدّ منه، وهو ما سبق ذكره من الجفاء والقسوة.
يقول السباعي رحمه الله:
"القسوة في تربية الولد تحمله على التمرد، والدلال في تربيته يحمله إلى الانحلال، وفي محاضن كليهما تنمو الجريمة، فهل هناك يا أخي من معتبر؟ وهل هناك من يفكر في القادم، ويعدّ له؟! إنّ ما تبذره اليوم ستحصده غداً، ولن تجني من الشوك العنب"
فيا أخي الحبيب؛ إياك والتقصير في تربية الأولاد والبنات، وإليك بعض مظاهر التقصير، فمنها وأعظمها: حرمانهم من العطف، والشفقة، والحنان، مما يجعلهم يبحثون عن ذلك خارج المنزل، لعلهم يجدون من يشعرهم بذلك، ومنها: الشدة، والقسوة عليهم، سواء بالضرب، أو الكلام، وأيضاً: المبالغة في إحسان الظنّ بهم، والمبالغة في إساءة الظن بهم، والتفريق بينهم، كمن يفضل الأصغر على الأكبر، والولد على البنت، ومنها مكث الوالد طويلا خارج البيت، وتربيتهم على سفاسف الأمور، وسيء الأخلاق، ومرذول العبارات، كتشجيع الأندية، وتقليد الكفار، والكلمات البذيئة، وكجلب المنكرات للمنزل، كمن ابتلاه الله بالتدخين، فيمارس ذلك أمام أبنائه، وكثرة المشكلات بين الوالدين، وتناقض آرائهم، وعدم وجود المصداقية في كلماتهم، ومواعيدهم؟، وكاحتقار الأولاد، وقلّة تشجيعهم، ومن ذلك إسكاتهم إذا تكلموا، والتشنيع إذا أخطأوا، ولمزهم إذا أخفقوا في موقفٍ ما، أو تعثروا في مناسبة، مما يولد الخجل والهزيمة، ويشعر الوالد بالعجب والكبرياء، فيتكون بذلك الحاجز النفسي بين الطرفين، فلا يمكن للوالد بعده أن يؤثر في أولاده، وأيضا كثرة لومهم على أخطائهم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لأنس بن مالك رضي الله عنه عندما كان خادماً عنده وهو صغير في عمل علمه ولم يعمله لِمَ لَمْ تعمله وهذا مما يروي أنس بن مالك رضي الله عنه: "خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا لم صنعت، ولا ألا صنعت " رواه البخاري (6038) ومسلم (2309) وأبو داود (4773) والترمذيّ (2015). وهذا ناتجٌ عن أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإنسان المربي الناجح، الذي يدرك خطورة كثرة لوم الأطفال على أخطائهم.
فبعد هذا يا أخوتي:
هل من رأفة بهؤلاء الشباب المساكين؟!..
إنهم يتعذبون، ويتأملون، ولهم آهات تتلو آهات..
يبحثون عمن يعترف بهم.. يقدرهم.. يشاركهم همومهم.. يشجعهم على صوابهم.. ينصحهم على أخطائهم.. يساعدهم على العبادات، والواجبات، والنوافل.. يفرح لفرحهم.. يجيب نداءاهم.. يدفعهم للذي ينفعهم.. يمنعهم بأسلوب سليم عن الذي يضرهم.. يفهم مرادهم.. يشعر بواقعهم.
وحتماً إذا وجد ذلك فستنتهي الرذيلة، وستحيا الفضيلة، وتموت الجريمة، وسيذهب الحقد، والحسد، وأمراض القلوب، وستبقى الأخلاق، والحب، والحنان وخصال الرجولة، ويبقى الأمان بفضل الواحد المنان. فهل آن أن ندرك، لماذا نحرص على أطفالنا وشبابنا؟ ولم كل هذا الاهتمام؟!
أقول: لا لأنهم أبناؤنا، وإخواننا، وأصحابنا فقط، ولكن لأنهم من تنتظر الأمة، ولأنهم الغد المشرق، والأمل والمجد القادم، ورجال المستقبل.
فلنكن يداً واحدة مع الشباب، ولنعقد معهم أقوى معاني الصداقة، ونشعرهم بأسمى معاني الحبّ، ونمنحهم أدفأ محاضن الحنان، ونعطيهم أرقى عبارات الشكر، مع التحية على كل ما يبذلونه، تشجيعاً لهم، حتى لا يقول أحدهم:


أعاني في حياتي ما أعاني
وأسمع بالسعادة لا أراها
وأبحر مهموماً وسط بحرٍ
فأرجع خائباً، لا لست أدري
إذا ما الليل أقبل هلّ دمعي
وباتت ذكريات الحزن تروي
وتزداد الهموم لأن مثلي
فأمي لم تسل والله عني
وذو الصدر الحنون دعته دنيا
وأصحابي حسبت الخير فيهم
فهذه قصتي لم تبق عندي
وأقضي العيش مفقود المعاني
أيبصرها حسير الطرف عاني
من الأحلام مهجور الموانئ
علام النحس يرصد لي زماني
وأظلم في عيوني الخافقان
على قلبي أحاديث الزمان
رماه في شقاه الوالدان
ولم تدري يومـاً ما أعاني
وألهته المجالس عن مكـاني
فكانـوا ثلة كتبت هواني
رجاءاً غير راحلة الزمان
فرويداً.. رويداً بالشباب

اخوكم طه دخل الله عبد الرحمن البعنه == الجليل

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق