شكراً دراجتي بقلم بشارة يعقوب – كفرياسيف
2012-09-19 23:20:38

لسان حال أسرى الكراسي المدولبة . ألفنا في السنوات الخمس الأخيرة ظاهرة لم نعهدها في السابق , في أزقة وشوارع قرانا العربية .. أجل إنها لحركة نشطة للدراجات الكهربائية  "كلنوعيت " يمتطيها كبار السن ذوي القدرات المحدودة بسبب كبر سنهم وعدم قدرتهم على المرونة والحركة للوصول الى الأماكن المختلفة  لقضاء حاجتاهم اليومية . .
من يجوب قرانا يشهد ويراقب عن كثب هذه الشريحة من مجتمعنا المتمثلة بكهولها , واللذين وصلوا في حياتهم الى منعطف يبغون به العيش بكرامة دون ان يكونوا عالة على اقربائهم وذويهم . وسنبقى نجلّهم ونسعى لتوفير سبل العيش الكريم لهؤلاء اللذين أرى فيهم ركيزة وسند واستمرارية لمجتمع حضاري .
أجل إن هذه الدراجة التي اراحت وأسعدت هؤلاء الناس المحدودي الحركة في سنينهم الأخيرة , هي بالذات التي اسعدتنا جميعاً في ايام الطفولة والشباب . فهذه الدراجة المتحركة والمتنقلة هي استمرارية لطفولتنا المفعمة بالبهجة والفرح .
إن هذا الإختراع وبالتأكيد قد خفّف مما يسمى بالوحدة القاتلة التي يعيشها عجزنا , والتي من  شأنها أن تكون كفيلة في تقصير اعمارهم . وقد أظهرت دراسة أن الأشخاص فوق سن الخامسة والستين عاماً هم عرضةّ لتدهور صحي أو الموت في حالة شعورهم بالوحدة أو عدم العناية الكافية لهم .
ما أن ندخل قرية ما إلاّ وتنصبّ عيوننا على هؤلاء المتنقلون بعرباتهم , خاصة في ايام الصلاة الأسبوعية وكأنهم أهلة تدخل المساجد وأجراس متلألئة تعمّ شوارع القرية في طريقهم الى الكنيسة . والبسمات تغلو ثغور هؤلاء المسنين اللذين كانوا في السابق عاجزين عن الحركة ولم يقووا على أداء واجباتهم الدينية في أماكن العبادة المختلفة , بسبب تقدمهم في السن وعدم قدرتهم على الحركة والتنقل , فأصبح كبارنا في عهد الدراجة ينعمون بشىء من الإستقلالية ولم ولن يكونوا عالة على أحد . فبمقدورهم مساعدة أنفسهم والشعور بالراحة والطمأنينة وليشعر كل منهم بالإنسان الحقيقي الداخلي اي عمر الشباب , البراءة , المحبة , الصداقة والإخلاص . فتظهر الإبتسامات على الوجوه ولينعموا بالرضا والهناء .
تقام في معظم قرانا نوادي خاصة بهؤلاء المسنين " بيت المسن " . أجل إنه محط ّ للترفيه وقضاء الوقت . وأن لحاجتهم كبيرة لمن يسليهم ويعمل على توفير راحتهم .
ولكن يجب ألاّ ننسى أن الكثير من هؤلاء الكهول  وفي مرحلة متأخرة من عمرهم , يقبعون في البيوت عاجزين عن المثول والحركة . فهؤلاء مرضى مزمنين يجب على المجتمع القيام بدور فاعل لزيارة هؤلاء المقعدين . فلنسعى لزيارتهم ومعاينتهم ومعايدتهم في المناسبات والأعياد وعدم تركهم فريسة لوحدتهم .
ومن تجربتي الخاصة في السنوات الأخيرة حيث قمت بواجبي الإنساني في زيارة العديد من هؤلاء ابناء عشيرتي وبلدي حيث رأيت دموعهم  تسيل على خدودهم مترحمين على موتاي شاكرين زيارتي لهم ومنهم من أخبرني أن سنوات طوال مضت دون أن يزورني أحد من ابناء بلدي ناهيك عن أولادي وذويّ.
أجل إنها لظاهرة تستحق  لفتة جدية من مؤسساتنا التربوية لمساعدة هؤلاء الناس سواء عاجلاً أم آجلاً . فالتهلكة لا بد قادمة والعناية لمثل هؤلاء تضفي شيء من العزة و الإجلال . إنها شريحة أشد ما تكون بحاجة الينا , فكل زيارة بالنسبة لهم هي أملاً جديداً لهم في هذه الحياة يستمدون منها القوة والتفاؤل بغد جديد يزرع في نفوسهم المحبة والأمان .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق