اردت دائما ان اتجاوز الواقع لعالم الحقيقة .. لعالم اكثر نظافة ولطفا ورحمة وجمالا .. ولا اوهم نفسي ولا اقبل خداعها بان ذلك ممكن تحت ثياب اللحم والدم ،الا في لحظات عميقة صافية استثنائية خارجة عن هم  ووهم المألوف ، يصح استشراف ذلك العالم من خلالها ، مع التحقق بان دوام تلك اللحظات مستحيل رغم كونها الباب الوحيد الذي منه تستطيع الروح الخروج لعالم الحقيقة وتحررها من عالم الشر والعذاب الذي نعيش فيه مرغمين مكرهين باسباب نجهل بعضها ونعرف بعضها ، احداها سوابق اعمالنا الماضية .. اجل ما اثمنها وما اندرها وما ابخلها تلك اللحظات .. وقد قال فيها " نشيد المولى" ان اهميتها الفعلية اكثر تكون في ساعة الموت والمفارقة ،فهي حينها تكون ضامنة للخروج من الدنيا الى عالم الحقيقة بقلب سليم ،حيث آخر افكار تمر في الذهن تقرر للنفس طبيعة الوضع الآتي الذي ستكون عليه ،ومن هنا تأتي اهمية التزام فكر الحقيقة كتطبيع عرفاني وجداني ارهاصي مسبق ،  لا بد منه قبل الاحتضار او الفجاءة ،  اذ كما تفكر كذلك تكون وانت هو الذي تتصوره – سواء كان حقيقيا واقعيا ام وهميا وسواء كان ايجابيا ام سلبيا .. ان سيكلوجية التحرر تقضي بتفكيك شيفرة العلاقة الوهمية  للروح بعالم الجهل والظلام والمتناقضات .
أغمض عينيك ، أحصر فكرك بين حاجبيك وركز على القلب وهو خالٍ من كل رغبة ومن كل خوف ومن  كل شيء ، تظهر لك الحقيقة وتخرجك من الدنيا كالشعرة من العجين ، بل كالجوهرة من الاوحال .. نعم عالم تغمره الشهوات والرغبات والاطماع والاحقاد والخداع والتلون والكذب هو الجحيم بعينه بزمانه ومكانه .. عالم يطمع فيه الاخوة ببعضهم وينهش الاقارب لحوم بعضهم هو عالم مقرف يستوجب التفكير عميقا في سبيل ايجاد مخرج منه .. عالم يطغى فيه الحاكم على المحكوم لدرجة اجبار الاخير او تبرير اجباره لتقديسه وعبادته من دون رب العالمين ،يدفع للهروب الى الواحد الاحد .. نعم ليس بجديد ما نشاهده هذه الايام على شاشات التلفزيون والانتر نت من وحشية وقسوة ، تمثل بعضها بما يقوم به النظام السوري تجاه المتمردين على حكمه وطغيانه ، حيث تم - وعلى موقع المدار تحديدا -  نشر صور حية لشبيحة النظام وهم يدفنون شخصا على قيد الحياة ، يهيلون عليه التراب بمعاولهم الجاهلية  حتى يشهد بان "لا اله الا بشار" بينما هو يصرخ من اعماقه  لا اله الا الله .. لقد تغلب هذا المتمرد البطل المؤمن الشريف على قاتليه من الشياطين الجبناء الانذال وهو يستشهد لا اله الا الله لا اله الا الله .. الله اكبر الله اكبر الله اكبر على كل مشرك متجبر طاغٍ  حقير .. أقول ليس بجديد ما نشاهده اليوم من اعمال وحشية يمارسها النظام السوري في حق ابناء سوريا ، وان كنت ارفض الرد بالمثل من قبل حركات المعارضة والمتمردين ،الا ان البادىء اظلم ويستوجب تحرك القوى الحية والضمائر الحية في العالم لانقاذ هذا الشعب الذي ينزف منذ عام ونصف ،حيث يتمادى النظام ومرتزقته ومؤيديه امعانا في تخريب وتمزيق وتدمير سوريا على اصحابها الشرعيين ،الذين يحق لهم رفض النظام  ورفض طغيانه واستبداده الذي دام عشرات السنين ،يحق لأبناء سوريا اختيار قادتهم ،وان يختاروا نظام حكمٍ  يحتكم القادة له كسائر افراد الشعب ، اجل يحق للشعب تقرير مصيره ، اسوة بالشعوب الحرة .. قلت وكررت ليس بجديد ما نشاهده من فظاعات على يد بشر اضعف من ان يستنقذوا ذبابا يسلبهم شيئا ، ما يساهم في ايقاظ طلاب الحق والحقيقة على بعض حقائق هذا العالم .. عالم الكون والفساد .. العالم الاسفل . الذي يجبرنا على قول ما لا نحب قوله  وان ننشغل بما لا نريد ،ونحن في غمرة مواجهتنا لأنفسنا وللعيش ولكثرة همومه ومفارقاته .. أتذكرون ياسر بن عمار الذي اجبره الكفار على ان يكفر بدين رسول الله وهو تحت التعذيب ؟  فكم ياسرا قضى بعد ياسر وكم ياسرا يجب ان يقضي تحت التعذيب ليكفر بدين الله ..؟! باسم هذا الصنم اللعين الزنيم ، الذي مرة يلبس صفة الدين والايمان ،ومرة صفة العلم والعلمية ، ومرة صفة الوطن والوطنية  كأن الظلام هو الظلام والطغيان هو الطغيان والجاهلية هي الجاهلية ولم يتغير شيء ..