تأمّلات بقلم الكاتبة امال ابو فارس
2012-08-14 12:10:18

بالعقل يدرك وجود الخالق عز وجل!
هذه العلبة المحكمة الإغلاق، هذه العلبة التي تجري بها الدماء، هذه العلبة التي إذا فتحتها لا ترى فيها سوى لحم ودم! إنها جهاز عجيب. إنه يعمل بدون كبسة على زر، أو اتصال بالطاقة! هذا الجهاز اللحمي الدموي، يفكر، يبدع، يصور، يقرر، ويعطي الاوامر للأعضاء لتقوم بوظائفها، ولنشعر، ونحس. أليس عجيبا هذا الجهاز؟ لو ادرك الإنسان قدرة هذا الجهاز الذي يسمونه العقل على الإبداع والخلق لعرف قدرة الخالق عز وجل.
كم من فنان مبدع ألف لنا السيمفونيات الخالدة؟ كم من لوحة تظنها صورة فوتوغرافية رسمت بريشة فنان؟ كيف اخترع الكمبيوتر؟ كيف اخترع الهاتف الخلوي أو الأيفون؟ قد تكون في مكان ما، وتتحدث به مع الذين يبعدون عنك مسافات عبر البحار والمحيطات، وتعرف كل اخبار العالم من هذا الجهاز الصغير الذي تحمله بيديك. هل هذا امر بسيط؟ كيف اخترعت الذرة؟ كيف اخترعت الطاقة وكل ما يعمل بالطاقة؟ انظر الى الطائرة التي تطير في السماء وتحمل مئات بل آلاف الاطنان! لا يوجد شارع تحتها ولا خيط يثبتها! اليست هذه معجزة؟ ؟ أليس هذا قمة الخلق والإبداع؟ من اخترع كل هذا؟ اليس هذا الجهاز الدموي اللحمي الذي قام بهذه المعجزات؟
لقد خصنا الله بهذا العقل ليكون وسيلة ندرك بواسطتها عظمة الله وقدرته. لقد خلق لنا هذا العقل لكي يميزنا عن الحيوان. هل يستطيع الحيوان ان يبدع كالإنسان؟ الحيوان يأكل ويشرب، يمشي ويركض، يتكاثر كما نتكاثر، ترضع الانثى صغارها كما ترضع الام صغارها، يولد ويموت كما نولد ونموت. ايستطيع بناء بيت مثلنا؟ ايستطيع تاليف مقطوعة موسيقية مثلنا؟ ايتكلم مثلنا؟ إذن ما الفرق بيننا وبينه إذا انعدم وجود العقل؟ فلولا العقل لا تستطيع ان تدرك حقيقة الوجود، فبه يدرك كل شيء.
اتعرف الآن أيها الإنسان مدى حب الخالق لك؟ لقد أتاك علما لتدركه به. فأنت مخلوق وخالق في نفس الوقت. لا يعرف الانسان قيمة ما يملك، فيظن أن وجود العقل هو من المسلمات. لقد وهبنا الله هذا الجهاز لنخلق به الاشياء ونبدع به الاشياء التي نعجز ان نصدق انها من خلق انسان عادي، لتكون معجزة تستدل بها على الخالق عز وجل. فهو الذي يهدي على كل شيء. ولو اراد عكس ذلك لفعل. تقول الاية في سورة الكرسي: " ... ولا يحيطون من علمه شيئا إلا بما شاء...". فبحكمته عرّفك به وأرشدك الى طريقه لتعترف بوجوده ليس لأنه بحاجة اليك، بل لحاجتك اليه. فلو اراد لسلبك هذا العقل لتصبح كالحيوان.
لا أرى أن العلم والدين يتناقضان أبدا؛ فالعلم هو الذي يدلك على باريك، وبدونه لا تستطيع ان تعرف مادة الاشياء التي من حولك، هذه المادة هي التي تساعدك على الابداع. فحتى تصنع السيارة أو القطار تحتاج الى المعدن والى النفط المأخوذين  من الأرض، وحتى تصنع الهاتف عليك ان تدرك خواص المواد من حولك ليتم تطويعها وتكريسها لحاجاتك، ولكي تنتج الطاقة يجب ان تعرف استغلال طاقة الريح والماء. ولديك الكثير من الامثلة التي تبين لنا أن العلم يكمل الدين ولا يسير عكسه.
الانسان خالق فانٍ، لكن ما يخلقه باق. انظروا الى التماثيل العظيمة التي صنعها فنانو الرومان واليونان! انها مازالت منتصبة في المتاحف لتكون دليلا على قدرة الانسان على الخلق والإبداع. لكن اين الذين صنعوا هذه التماثيل؟ لقد ذهبوا دون رجعة. وهنا الحكمة الإلهية جاءت لتقول: مهما ابدعت ومهما خلقت أيها الإنسان، تبقى أمامي لا شيء! استطيع ان اقلب لك الاشياء رأسا على عقب، وأدمر كل شيء بنيته لتعترف بوجودي. انظروا ما حدث في اليابان ام اتكنولوجيا! في اقل من رمشة العين هاج البحر وغطى اليابسة جارفا كل ما صادفه في طريقه من سيارات وعمارات وبشر دون رحمة!. ما زلت اذكر الشاب التايلندي الذي ظهر في محطة تلفزيونية وقص على المشاهدين ما رآه عندما هاج البحر هناك، لقد قال: "عندما رأيت الموج فوقي عشرة امتار او اقل صحت بأعلى صوتي: يا ألله! يا الله!". كيف لا؟! وهل يستغيث الانسان إلا به؟ فمهما خلقت ايها الانسان وأبدعت، ومهما كبرت وعلوت في هذه الدنيا، لا يسعك إلا ان تقف امام قدرة الله عاجزا ضعيفا لا حول لك ولا قوة!

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق