مَماريع الأرض وعروسة التّركمان بقلم د.منيرموسى
2012-07-22 19:02:22

الأغاني تغاني، وتناغي مهجة الإنسان، وشعوره إذا كان لها برق وبريق، لحنا كلمات، وصورا. فتلك المتّشحة بالمجون، والتّهتّك، والخلاعة، وهي التي تشوق النّظر من نواظرَ حسيرة في تمييز ماهو جافٍ عن الخُلُق، وما هو صاف للجَنان. هي تجتذب أفئدة الأزهار اليانعة الفاغية التي أخذت أفواحُها تضمّخ منتديات وحلقات القوم؛ هذا إذا كان خير منادم في الأنام قرطاسا، يراعا، وكتابا، وليس الصّهباء، ولا الهاتف اليدويّ، أو المحمول، مع كلّ حاجاته المفيدة،  والمفتعلة أحيانا، والمضرّة غالبا. فرقراق الحُباب في كأس الشّراب يخز، وينخس بأنصال قَتاده البِلّاني والقندوليّ. هي تظهر بِبُردها، وإزارها المغالي في الإغراء، ولكنّها ،بالحقيقة، هي الخافية المخفيّة الطّائشة على وجه الأمواج، مشابهة لمِنخاس السُّمّ الزُّعاف. وهذه هي سرعة، وتسارع التحضّر المشتقّ المعنى من الحضر والحضارة، ومن هزرفة التّمدن المحتطبة من المدنيّة الحمقاء في تهوّرها الواعي الدّعِيّ المدّعي. هي لا ترحم حتّى نفسها؛ ولا تترحّم على المفتونين بها، وهم أشقياؤها. التّهالك نحو الأفضل، والأحسن، والأربح، والأغلى، والأكثر غرورا، والأتفه، وهذا التخلُّق يحرم أصحاب الذّوق الرفيع، بشرط ألّا يترفّعوا وينغرّوا، من تشنيف آذانهم بأصوات الحجل، والفِرّ، والزّراعي، واللّامِيّات، والشّحارير، والجآجئ، والصّيديّات،  والبراقش، والهداهد، والنّوارس، والقعاقع،  والسّمرمرات،  والتُّدرجات، والعنادل، وعصافير قوم الدّواري، وتلك الواقعة على أشكالها. هذه التّشكيلة العفويّة هي جزء يسير  من أصناف لا تُحصَى، تزركش الوديان والسّفوح، والآكام، والآجام. ومنها ما آثر الغناء، والتّغريد على شِعاف فروع أغصان أشجار الوعور، من سنديانها حتّى سَنطها، وودّ مجاورة الصّخور، والقندول، والهوام، ودبّابات الغبراء الفائحة الفيحاء، وأكناف المنتجعات. الخُضَيريّ عصفور، ريشه أصفر ضارب إلى الخُضرة ، ولا يضاهيه إلّا الحسّون، عروسة التركمان. هو عصفور، ريشه مشكّل من الأصفر، والأسود، والأبيض، والرّماديّ، والأحمر. إنّها تمتطي صهوة الخيول القانية المحجّلة الجامحة في القفار والسباسب، مُحمحِمة ؛ ومِهارها المرمارة الهزرافة تبرطع بحذائها، منجذبة إلى فوح حنان الأمومة . الصّخور الصّمّاء التي يثوي عليها عشّاق القطعان السّارحة لملاقاة الغدران ؛ وحُداة العِيس الملتاحون  المحسّرون الذين يحثّون الخطى أمام القوافل؛ وكلّ مغرم برومانسيّة النّسائم المتّشحة ببرقوق اليفاع، وهي وُكُنات القبّرات، والسّماني،  والصّفاريّات، والصّرود، والصّرارات. تلك الصّخور يأوي إليها كلّ من خاف القِلى، وسرى راغبا، أو راهبا من أبناء جلدته عن وعي وإدراك. أشكالها عجيبة، وقماشها مزخرف ماسيّ حريريّ مخمليّ مخشوشن محدّد . وهذه من مماريع الأرض، وهي التي ، تباهي بها أحلى الرّسوم، والمنحوتات، والتّماثيل التي لم يألُ الفنّانون جهدا في صياغتها على مرّ الحضارات والأحقاب.
     عشقت الوعور صغيرا                 فكنت للشِّعاب   أسيرا
     صحبت جِداء  وحُملانا                شردت، وسقيت  الطّيورا
     ودامت  شبّابتي    خِلّي               ترقّص مُهرا وعصفورا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق