أمانة المهنة الطبيّة بقلم: د. نجيب صعب- أبو سنان
2012-06-13 00:04:08

مهنة الطّب من المهن ألأنسانية التي تعتبر في نظري من أقدس ما يتعامل به الانسان ، لما تنطوي عليه من أهمية خاصة.. حيث انها تخص الناس جميعهم، فهذا يتألم، وذاك يشكو ولكل من هؤلاء اسبابه وعلاّته، ومهنة الطّب هنا تتجلى بألأخلاص، تتجلى بالامانة، تتجلى بالاستقامة، تتجلى بالمعرفة، تتجلى بالموضوعية والتجدّد، تتجلى بالعطف في بعض ألأحيان، وتنمّي روح الشفقة والاستقامة في التعامل مع كل من يطرق باب هذا الطبيب أو ذاك، والحقيقة ان جمهور ألأطباء يستحق كل التقدير وكل الاحترام لأن ألأغلبية الساحقة من هذا الجمهور هم أوفياء لذويهم ولمهنتهم ولعملهم ولجمهور المراجعين.
وهنا لا بد من ألإفصاح عن أمر أخذ طريقه وبدون حق وبشكل شاذ وغير مقبول، وأنا أيضاً أشكك في ذلك: ألا وهو التعامل في الطّب كسلعة، أو كأداة ربما يستعملها البعض لتحقيق غايات وأهداف غير سامية، هذا إذا كان ما حدثني به أحد ألأصدقاء بهذا الصدد صحيحاً ,  وأورد ما قال لي هذا الصديق الذي أثق به كل الثّقة حيث قال:
يا زميلي استغربت ماذا أفعل، ماذا أعمل وكيف أتصرّف، وأنا أترقب أن يتفوه بما يعاني منه، فأردف قائلاً: مرض صديقي يوماً ولا يزال يعاني من وعكة صحيّة ربما تكون مؤلمة، وعلى أثرها رقد في إحدى المستشفيات في ألبلاد، ومكث للعلاج متألماً، ودلّت الفحوصات الطبية والصور التي قام بها انه عليه أن يجري عملية معينة، ولا مفر من ذلك، وهو كما أعرفه يا زميلي ضعيف الحال بالواقع، وهو راقد في المستشفى، واذا بأحد الاطباء الذين يعالجونه يزوره في ساعة متأخرة وبدأ يحادثه بكل صراحة، وخلال حديثه عرض عليه قائلاً: نحن مجموعة نقوم بمساعدة المرضى وتقريب أدوار العمليات الملحة والضرورية مقابل مبلغ معين من المال، وإذا رغبتَ بذلك، حيث أن وضعك لن يتحمل الانتظار ، ومن شدة حاجته وإهتمام بصحته وافق على طلبه... قال زميلي:  اتفقنا ورتّب له دوراً قريباً تماماً بعد أن حصل على ما طلبه، وبعدها بمدة وبعد تشخيص الألم الذي أصابه أصبح بحاجة لعملية أخرى، وأعاد الكرّة، وهذه المرة حصل على مطلبه كاملاً...
وراجعه هذا الطبيب مراراً الى أن أمنّ له مطلبه الكلي ،ورتّب له على الفور موعداً قريباً لأجراء العملية ..... وتمنيت لزميلي الشفاء العاجل أضاف صديقي.. لم أورد هذه النادرة كي أنتقم من أحد لا سمح الله، وكذلك لم أوردها للتشكيك بأحد أو للمس بأحد من جمهور ألأطباء الذين نقدّرهم جميعاً ونكنّ لهم كل ألإحترام على خدماتهم القيّمة والخلاّقة مشكورين. وهذه النادرة بدون شك تخص قلّة شاذة جداً في حقل الطّب والتي في نظري لا تستحق ان تكون في عداد معشر ألأطباء فهي تنم عن نفسها بدون مواربة.
وتطرح نفسها بهذا الصدد عدّة أسئلة تستحق الاجابة وبصراحة:
أين الوفاء المهني؟؟ أين الرسالة السامية التي تعتبر من أقدس الرسائل في الحقل الاجتماعي؟؟ أين ألأمانة؟؟ أين ألأخلاص!!؟ أين ألأخلاق التي يتحلى بها ألأطباء؟؟ وهل ما تعلّمه هذا النفر في المعاهد العليا وخرج بعدها لخدمة الجمهور وتأدية الرسالة بأمانة ووفق الميثاق الطبي الذي وقّع عليه، أين هؤلاء من أنفسهم؟ أين هؤلاء من ضميرهم؟؟؟ أين هؤلاء من مهنتهم؟؟ وكذلك أين هؤلاء من بني البشر؟!!.
وبدون شك أن هذه القلّة من أصحاب المهن التي لا تستحق لقبها مطلقاً، عليهم محاسبة ضميرهم وأعتزال المهنة فوراً او التغفير عن الذنوب ، واتقاء الله أولاً وعدم تناسي مبادئ هذه الرسالة السامية التي يجلّها كل أنسان ويجل العاملين في مجالها بأستثناء الاقليّة الضئيلة التي لا ضمير لها، ولا انسانية عندها، ولا تؤتمن على شيء،هؤلاء يجب أن ينبذوا من صفوف المجتمع، ويتعرّون كليّاً ، لأنهم يفتقرون الى الاخلاق والى صفات وركائز هذه المهنة الانسانية، ويترتب عدم ربط اسمهم ونفسهم وذاتهم مع ذوي هذه المهنة الخلوقين الذين يؤدون رسالتهم بصدق وبأمانة وبإخلاص مع النفس ومع الضمير ومع الناس وقبل كل شيء مع الله سبحانه وتعالى ويعتبرون نموذجاً للأنسانية.
معاً أيها القرّاء الأعزاء معاً ايها ألآدميين، معاً ايها ألأطباء ألأوفياء، معاً يا معشر ألطب ، معاً يا أصحاب ألضمائر الحيّة، معاً يترتب العمل وبكل صدق لوضع حد لمثل هذه الظاهرة التي تعتبر مرضاً فتّاكاً للاخلاق، وتعتبر عملية شاذة يجب إقتلاعها من ألأعماق، لأنها تتنافى وكل المبادئ الانسانية، وربما تؤدي الى أمور وعواقب وخيمة لأنها قد تحط من قيمة المتعاملين بها وقد تمس ايضاً صرحاً عميقاً من ألأنسانية ومن مؤدي هذه الرسالة السامية، فكلنا معاً نحارب مثل هذه الظاهرة كي لا تطغى المادة على كل شيء، ولنحافظ معاً على صيانة الامانة والرسالة كل في موقعه لنحظى بالتالي بجتمع صالح يخلو من مثل هذه الشوائب المدمرة للأخلاق، المدمرة للتعامل الاجتماعي والتي قد تسيء أولاً وقبل كل شيء لهذه الرسالة المقدسة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق