أنا حزين اليوم يا أمي بقلم الياس سمعان - ألمانيا
2012-03-19 09:34:14

اليوم يصادف يوم وفاة أمي وأردت أن أذكرها على طريقتي وأرجو منكم المعذرة والعفو....إليكم ما جاش في خاطري:
انأ الياس يا أمي ... تسألينني ان كنت أذكرك .. وهل نسيتك كي أذكرك يا أمي.... كلماتك ترافقني ليلا نهارا، لا تفارقني... (الحسرة علي بموت يمّا) كنت تردديها بعد كل أجر. كنت تقولين لي، الدنيا أم وانا اليوم يا امي لا دنيا لي. أهيم في الفضاء، لا أثبت في أي مكان، ابحث عنك في مساراتي وتجدينني أخاطبك في شرودي، يا امي دليلي ضاع.
أنسيت ما قلتيه لي يوم ظهورك الاخير لي في المنام بأني لا استطيع مساعدتك وطبت مني ان أصلي لك لا أكثر ولا أقل. منذ ذلك الحين وانا أصلي لك يوميا، مرتان ابانا ومرتان السلام على الاقل ولكني، كما تعهدينني أنسى احيانا فأصلي الضعف في اليوم التالي. من يومها اختفيت ولم تظهري لي بعدها. كنت ليليا أفيق من كابوس يرعبني ويشلني ويعقد لساني، الى ان سمعت وصيتك بالصلاة. الكل يعلم يا امي اني لست متدينا ولكن لك صليت وأصلي وسأصلي حتى اخر رمق في حياتي.
اليوم 16.03. يصادف يوم وفاتك. وانا أكره كل هذا الشهر منذ الصف السادس حين تعلمنا في درس التاريخ، ان يوليوس قيصر قتل في منتصف اذار وهذا اليوم مشؤوم عندي منذ ذلك الحين، ارتعب لذكراه وما زلت اخشاه، وقد وصلني في هذا اليوم المشؤوم خبر إصابتك بالجلطة وكنت في جزيرة غران كناريا. غادرت توا الجزيرة، ووصلت البلاد في اليوم التالي لكنهم اوقفوني في المطار يا امي وموظف الأمن كالمعتاد احتجزني لأني اشكل خطرا على أمن الدولة وكان علي ان اوقع بأن لا سلاح بحوزتي والخ من هذه المراسيم الجميلة التي يحبها قلبي...وما ان أعفوا عني ووصلت المستشفى، حتى وجدتك جثة هامدة وقد غادرت الحياة قبل وصولي اليك ب 20 دقيقة. لو لم يوقفوني الاوادم في المطار لأكثر من ثلاث ساعات لاستطعت رؤياك على قيد الحياة. كنت اريد ان أقول لك الكثير يا أمي. صدقيني يا امي.. كان حلمك يا أمي ان تشاهدي لي ولدا، ولكني تأخرت. مريم بنتي تحمل اسمك، ولدت خمسة أشهر بعد ان فارقتينا وهي تشبهك. وسمعان ابني فهو عربي في طبعه والماني في مظهره ويجيد اللهجة العيلبونية. أردت ان البي لك ولو هذا الطلب لكني لم افلح حتى في ذلك.
كنت تقولن لي: البعد جفا يا الياس. حبذا لو كان ذلك، فأنا ما زلت العب الزقيطة في أزقة البلد القديمة واستذكر وجوه أهل بلدتي عيلبون، فلا يغيبون عن بالي واغفو تحت الدالية واحفظ ما سمعته من سوالف من حياة ابو أديب والمختار جريس وابو لبيب، وابو أسعد وووو. أجلس على ضفاف نهر الراين وأرى بعيني وادي السلامة. وأسير في الجبال والويزية لا تغيب عن عيني والقعدة تحت الخروبة.
يا امي كنت تقولين: كل شي احسن من بنادم. صحيح، فأنا ما زلت احتفظ بكيس قماش من صنع يديك وما زال يبدو كأنه "بالورقة".
يا أمي اني أحفظ أقوالك عن ظهر قلب واقتبسها في حديثي وأدخلتها لغتي الألمانية.
قصتي معك يا أمي طويلة. لقد عانيت الأمرين حتى ولدت بعد تسع بنات. وكنت تحبينني حبا لا يوصف. كنت أشعر بذلك وكنت انت تجاهرين في ذلك. وكم مرة قلت: "لو الياس دعس ببطني، على قلبي زي العسل".
أنا لا أستحق كل هذا الحب وأشعر بالذنب اتجاه أخي وأخواتي. أنا عاجز ولا أستطيع أن أرد لك الجميل وكل ما أطلبه ان تسامحيني وأنا اعرف جوابك مسبقا: غالي والطلب رخيص يمّا.
لن أطيل عليك يا أمي وسأقول جملتي الأخيرة وسأخمد: أنا حزين اليوم يا أمي......

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق