ابني لك بيتاً في كل بلد بقلم د.نجيب صعب –أبو سنان
2012-02-15 11:54:47

    المثل والقول المذكور "ابني لك بيتاً في كل بلد" ورد في الامثال العاميّة، وتتناقله ألألسن على مدى الأجيال، وسمعناه ونسمعه نحن اليوم من كبار السّن المدركين ، وهذا المثل لم يأت بالصدفة الى عالم ألأمثال والى صفوف المجتمع ما لم تكن هناك حاجة أو نادرة او امر معين ادى الى وجوده بين الناس، فهو ينطوي على معانٍ عدة في النواهي ألأجتماعية وتوطيد العلاقات بين الافراد ومن بلد الى بلد، وكذلك للتفاهم والتعاون واستمرار ألاتصال والتواصل بين الأفراد والأصدقاء والأقرباء والمعارف.. وبحد ذاته هو أداة إجتماعية إنسانية تعمل بالنهاية بشكل ايجابي في المجتمع.
    البعض من بني البشر لا يكترث بهذا القول، علماً بأن هذا القول له أهمية في ترسيخ أواصر الصداقة والتفاهم والتعاون بين ألأفراد والمجموعات، فبناء البيت في كل بلد يعني أن يكون للمرء صديقاً على ألأقل في كل بلد، هذا الصديق يكون مرجعاً لصديقه عند اللزوم، يكون عنواناً لصديقه أذا قصده في أي موضوع كان، وربما يكون صاحب كيان إجتماعي ومرتبة انسانية مرموقة قد تعود بالفائدة ليس على بلده فحسب وانما خارجها ايضاً.
وهنا لا بد من التنويه الى انه ينبغي وأقولها بكل تواضع على المرء أصطفاء الاصدقاء اينما كانوا، ذلك من أجل تأهيلهم ليكونوا بيتاً في هذا البلد أو ذاك، يجب عدم التّسرع، التروي ، ألأخذ والعطاء، وكذلك الاختبار في بعض ألأحيان , لأن الصديق  أو البيت كما يورد في المثل المذكور يجب ان تكون فيه صفات الرجولة، ويُثبتُ عند الحاجة وألا يكون في مهب الريح، يصادقك لغاية معينة ومحدودة، وتزول صداقته بزوال الفائدة التي جناها منك، عليه أن يكون معهوداً في ألأنسانية، عليه ان يكون وفيّاً ولا يصادق لمجرد صداقة ولهدف ما، أو لتحقيق إنجاز معين،
 يمكنه أن يقف أمام التحديات ومجريات ألأمور في هذا الزمان، تحديات كثيرة ومتعددة.. فإن لم تكن عنده القدرة على الثبات والحفاظ على أصدقائه فلا يمكن ان يكون بيتاً لصديقه ومحطاً لأنظاره عند اللزوم، عليه ان يكون ذا مبدأ يحافظ على مبدئه في الثبات، يحافظ
على كرامته، أن يكون مستقيماً في نهجه , وكل ما ذكر وغيره يمكن ان يؤهله ليكون بيتاً لصديق من هذا البلد أو ذاك.
الصفات والمقومات التي ذكرت ليس القصد منها ان يفتح المرء مدرسة لذلك او يقوم بإجراء بحث مطول في هذا المجال , وإنما القصد أن يكون المرء حذراً ومدركاً للأمور والتجارب الحياتية كانت قد أخذت مأخذها منه وخاصة في انتقاء ألأصدقاء في كل مكان، لان الصداقة في غالب ألأحيان آخذة في التبخر ان لم يتولاها أصحابها الحقيقيون.
    فهذه المهمة ليست صعبة بالمرة فالمرء العاقل، الحكيم، ألأمين، الصادق، والمتزن غير المتهور, يمكنه بناء شبكة إنسانية مع أصدقاء في كثير من القرى والبلدان من اقصى البلاد الى أقصاها، يعيشون في ظل الأمانة والإخلاص والوفاء، وإذا نجح المرء في هذا الامر حقاً يمكنه عندها ان يتمتع ويتفاخر بأن في كل بلد له بيت ،أي له صديق… صديق، هؤلاء يقومون معاً بتوطيد ركائز المجتمع عن طريق التعامل ألأمين، التعامل ألإنساني فيما  بينهم من أجل حياة ملؤها ألأخلاص والوفاء، حياة تزخر بعمل الخير، حياة مليئة بالمعروف، تقاوم السلبيات التي تزفها للمجتمع مستجدات الحضارة والتي في كثير من الأحيان تعمل على تراجع العادات والأصوليات التي نما عليها المجتمع، وقد تذوّب بدورها أيضا الكثير من القيم التي تعتبر عماد المجتمع وركيزته.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق