عندما يتمكن الضمير من تأنيب صاحبه بقلم: د. نجيب صعب أبو سنان
2012-01-18 12:59:26

 الحديث عن الضمير بشتى اشكاله المتنوعة  والمتفاوتة من شخص لآخر ومن إنسان لآخر ليس بالأمر السهل , حيث يترتب على الكاتب ومن ثم على القاريء ان يكونا دقيقين في التقييم والدراسة العميقة , كي لا يخطئ المرء في اتخاذ موقف من هذا وذاك من بني البشر وبين ضمير هذا وذاك أيضا  , وعليه  فالأمر يرتكز في هذا السياق على ركائز عديدة ومتنوعة, وكذلك يمكنها أن تكون متجانسة ومتنوعة وكذلك يمكنها ان تكون متجانسة او متباينة في كثير من الظروف والأحيان .
    الضمير الحي الذي يتوّج صاحبه والذي ينبع عن اصالة متناهية , وكذلك الجينات التي تحلّى بها المرء آنذاك وتبقى راسخة في نفسه وفي ضميره  لا يمكن إلا أن توجه صاحبها نحو العمل الطّيب , العمل الأنساني , العمل الأيجابي الذي قد لا تشوبه شائبة , فتحية من الأعماق لأمثال هؤلاء .
     والضمير الحي ايضاً يمكن ان يكون فعالاً بشكل محدود ولا يمكن دائماً القيام بواجبه كما يجب لأسباب لا تتعلق به , وربما تكون هذه الأسباب مفروضة عليه , او ربما تكون موجهة عمداً لأغراض لا يعلم بها سوى الله وصاحبها .
    وكذلك يكون الضمير الحي في بعض الأحيان قد دخل فترة من السبات او السبات العميق الذي يصعب عليه  التحرر منه او يصعب عليه ان يصحو لأضطراريات قاهرة , تجعله مغلوباً على أمره , فلا يحرّك ساكناً رغم انه قد يكون في بعض الأحيان غير راض عما يحدث وعما يدور في جواره وفي محيطه  الا انّه عاجز عن القيام بمهامه , فلا بدّ يوماً من الأيام لهذا الضمير ان يستيقظ ويستأنف مزاولة مهامه كما يجب الا انّ الله سبحانه وتعالى يعرف السر بكامله .
     ومن ناحية أخرى نلاحظ عن قرب أو عن بعد أن الضمائر الحيّة  لا يمكن أن تفقد مصداقيتها مهما تبدّلت الأحوال , ومهما غلبت على آمرها , ومهما تعرضت لمضايقات من ذوي النفوس الشريرة وكذلك من ذوي الضمائر الخاوية والخالية من كل إنسانية ومن كل أخلاق حيّة والتي تعطي الإنسانية زخماً إلى الأمام .
     إلا أنّ الإنسان من خلال ملاحظاته ومراقبته الأمور ومواكبتها يرقب ويلاحظ ويتيقن بشكل لا يقبل التأويل إن كثيرين من الناس يكون ضميرهم في إجازة لا تعرف الحدود , إذ يكون ضميرهم حاضراً غائباً , في بعض  الأحيان يكونون واعين لما تقترف أياديهم من
ارتكاب أخطاء أو القيام بما ينافي النظم الاجتماعية والتقاليد والعادات التي نشأ وتربى عليها الآباء والأجداد ونراهم مصدراً لكل شر , مصدراً لكل مشكلة في خلط الحابل بالنابل  في القيام بأعمال بعيدة كل البعد عن الضمائر الحية , بعيدة كل البعد عن النظم الإنسانية 
والسمات الطيبة , فيكون الفساد والخداع والمراوغة والخيانة والإنكار مبدأهم في حياتهم وتصرفاتهم , الأمر الذي يسيء للكثيرين عن علم مسبق , والأنكى من ذلك أنّ هذا المرء آو ذاك ينكر الحلو وأثره  جازماً ألا علاقة له بهذا الأمر أو ذاك وهو يعلم علم اليقين انه
يكذب ويتجنى في أعماله على الغير دون أن يحسب لا للضمير ولا للإنسانية ولا للأخلاقيات ولا لالتزاماته أي حساب.

     وأخيراً في مثل هذه الحالات يبدأ الضمير الحي الذي يسكن في هذا المرء وكان مكبوتاً  ومغلوباً على آمره يبدأ بالتحرك لأنه لا يمكنه التحمل , لا يمكنه السكوت , عندها يثور هذا الضمير , ويصرخ من الأعماق , الى متى ؟ الى متى  يستمر الحال على هذا المنوال ؟ ومع كثرة التساؤلات والصراخ يكون جواب الضمير عندما يبدأ بتأنيب صاحبه , فعليه أن يفهم ويتيقن صاحبه أنّ الأمر  لا يحتمل ولا يطاق  أبدا وفاعلاً ما يمكن فعله , مذكراً صاحبه انّ الله سبحانه  وتعالى يمهل ولا يهمل  وأن كل عمل لا يرضي الله والضمير فتعود نتائجه على صاحبه عاجلاً ام اجلاً , والمطلوب عزيزي القاريء ارضاء الله والضمير الحي في كل عمل لما فيه صلاح النفس والمحيط والمجتمع . والا فلا شك ان العواقب ستكون وخيمة حيث لا مفر من ذلك .                           

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق