((النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح ))
2011-12-29 23:36:50

 لماذا لا نسامح ؟ولماذا تبقى المواقف السلبية ومشاعرنا المؤلمة حاضرة لفترة طويلة حتى بعد انتهاء الموقف السلبي ؟
لأننا ببساطة لا نعرف كيف نسامح وفي نفس الوقت نمنع الآخرين من الإساءة لنا !!
لا نريد أن نتلقى نفس الضربة ويعود نفس الألم فكيف نسامح؟
التسامح ليس سهلا لكنه ليس مستحيلا، فقط يحتاج إلى ارادة وتدريب وهناك بعض الدورات التدريبية والكتب الخاصة بآلية التسامح المفيدة.
يقول العلماء إن الذين يتلقون تدريبا على التسامح والغفران يتحسن لديهم تدفق الدم إلى القلب مما يساعد على الوقاية من السكتة القلبية.
لكن الصعوبة ليست في قناعتنا بالتسامح فديننا أوصى به وما من نموذج أكرم من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حين سامح وعفا عن قريش لما فتح مكة
لكن المشكلة في فهمنا للتسامح حيث يعتقد بعضنا انه ضعف فلا يمارسه ويعتقد الاخرون أن المسامح ضعيف فيزدادون في أساءتهم.
في الحقيقة التسامح فن ،كيف تغفر للآخر لكن لا تسمح له أن يكرر الإساءة إليك .
وليس كما يعلم بعضنا أطفاله الخنوع والاستسلام مدعيا انه يعلمهم العفو.
التسامح قوة وليس ضعفاً وهو مهارة يمكن تعلمها في أي وقت من عمر الإنسان ولكنها إرادته في أن يقرر أن يسامح الآخرين دون استثناء،أن يصل إلى مرحلة من السلام الداخلي تمكنه من غسل ما بداخله تجاه الآخر حتى دون أن يتواصل معه.
عندما نسامح نفعل ذلك لأجل روحنا التي تستحق السلام فنحن لسنا مسؤولين عن أخطاء الآخرين أو طباعهم التي تزعجنا .نحن مسؤولون عن روحنا التي لا تستحق التوتر والحقد وأي مشاعر سلبية أخرى
التسامح كلمة جميلة باتفاق اللغات والأعراق، والأمم كلها، ولذلك علينا أن لا نضع أيدينا على قلوبنا، وأن لا نخشى من طرح هذا الموضوع، بل يجب أن نلح عليه لنكسب أنفسنا والآخرين .
“التسامح يعني الصفح عمن أخطأ عليك أو تجاوز حده، أو اختلف معك اختلافاً غير أخلاقي، فالمفهوم بهذا الاعتبار قيمة أخلاقية عظمى، وانتصار لروح الخير والأخلاق في النفس الإنسانية على روح الشر من الاستجابة لنزغات الشيطان.
“التسامح هو أساس التعامل الذي يفترض أن يحكم علاقة الناس بعضهم ببعض، أما الإصرار على رفض التسامح  فهو إصرار على إلحاق الأذى بالنفس قبل الآخرين، وهو إصرار على المعاناة الشخصية في مواجهة قلب يموج بذكريات مؤلمة عن الآخرين .
وكثيراً ما نسمع عن التسامح في التعامل مع الأديان الأخرى ونحن نجد أن نبيّ الإسلام صلى الله عليه وسلم يقول : (ألا من ظلم معاهداً أو انتقض أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) أخرجه أبو داود.
ومن المتواتر المشهور أن أصحاب الديانات من اليهودية والنصرانية والمجوس والصابئة عاشوا في ظل الحكم الإسلام قروناً طويلة محفوظةً كرامتهم، مرعيةً ذممهم وعهودهم، ولو شاءت الحكومات الإسلامية عبر العصور لصنعت معهم كما صنع (فرناندو) مع المسلمين في الأندلس حينما قام بطردهم وقتلهم خلال مجزرة بشعة سموها (محاكم التفتيش)، أو كما صنع لويس الرابع عشر الذي اعتبر البروتستانتية ديانة محرمة يعاقب عليها القانون أو يصفي أهلها، أو كما صنع البريطانيون الذي حرّموا على اليهود أن يدخلوا إلى أرض بريطانيا لأكثر من ثلاثمائة وخمسين سنة، بينما المسلمون لم يستخدموا في تاريخهم هذه اللغة ولم يقوموا بمثل هذه التصفيات، مع أنهم كانوا أسياد الموقف عبر قرون طويلة تزيد على عشرة قرون، فأي قيمة عملية ونظرية أعظم من هذا التسامح  الذي جسّده الإسلام، يقول الله تعالى: ” قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ ..”[الجاثية:14]، فالمؤمنون يغفرون للمشركين الذين لا يرجون أيام الله، يقول الله جل وتعالى: “فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ”[الزخرف:89]، وقال سبحانه: “فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ”[الحجر:85]، وقال سبحانه وتعالى: “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ”[الأعراف:199]، وقال عن صفة عباد الرحمن المؤمنين: “…وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”[الفرقان:63].
فهذه معاني قرآنية محكمة من قطعيات الدين تدل على أن  التسامح لغة إسلامية أصيلة، ومعنىً أخلاقي شرعه الإسلام، وحث عليه قبل أن تولد فلسفة  التسامح في الفكر الغربي الحديث.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم  التسامح ويستعمله حتى مع المنافقين الذين يعرف أنهم كذلك، ومع أنهم يمثلون أعداء الداخل فلقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن  ابن أبي سلول مراراً، وزاره لما مرض، وصلى عليه لما مات، ونزل على قبره، وألبسه قميصه، وهذا الرجل هو الذي آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه يوم حادثة الإفك؛ فيقول عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصلي عليه وهو الذي فعل وفعل؟ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عمر، إني خُيّرت فاخترت قد قيل لي : “اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ”، ولو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت) أخرجه البخاري، فنسخ جواز الصلاة عليهم بقوله تعالى: “وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ”[التوبة:84]، لكن  التسامح لم ينسخ أبداً.
ولما جاء رجل ورفع السيف على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني يا محمد؟ ثم سقط السيف من يده، ثم أخده النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من يمنعك مني؟) أخذه إلى أصحابه وأخبرهم الخبر، فتعهد للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربه، ولا يكون مع قوم يحاربونه، ف التسامح أحرجه وأخذ منه كل قلبه.
وفي الصحيحين يقول ابن مسعود: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”.
والإمام أحمد بن حنبل يقول أشهد أني قد عفوت  عن  المأمون، وما يضرني أن لا يعذّب أحد بسببي.
وإذا أردت أن تعرف قيمة العفو والصفح  والتسامح تذكر الأخطاء التي وقعت منك تجاه الآخرين وحاجتك للعفو من الله عز وجل: “أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ”[النور:22]، وقد نزلت هذه الآية في قصة الصديق وإيلائه ألا ينفق على مسطح بن أثاثة بعد وقوعه ومشاركته في حادثة الإفك.
إن على العلماء والدعاة وأصحاب الخطاب الإسلامي أن يقوموا بإشاعة هذا المبدأ الإسلامي العظيم: مبدأ “ التسامح“، وتطبيعه بين الناس بشرائحهم وتياراتهم وصنوفهم وأشكالهم وحاكمهم ومحكومهم، في الخطب والدروس والمحاضرات والعلاقات؛ ليكونوا مضرب المثل في التسامح والتدرب على هذا الخلق النبيل.
إن من المهم أن نتحدث مع الذين نتفق معهم، وأيضاً مع أولئك الذين نختلف معهم أو ننتقدهم، فيجب أن نسامحهم.
أنت محتاج إلى المسامحة من نفسك ومن الآخرين، وكثير من الناس يتألم لأخطائه الماضية ويظل يحملها، فلا بد أن يكون متسامحاً مع نفسه، وقادراً على نسيان أخطائه الماضية، ومسامحة كل الناس، وجرّب أن تتصدق بعرضك عليهم؛ فسوف تجد أن قلبك يتسع ويمتلئ بالسرور، وسوف تتنفس الصعداء، ولا تأنف من قولهم، فقد لا يقابلونك بالمثل ولكن اعلم ان الله يحب التسامح والمتسامحين إذا لم تجد عدلاً في محكمة الدنيا، فارفع ملفك لمحكمة الآخرة
فإن الشهود ملائكة والدعوى محفوظة والقاضي أحكم الحاكمين وعند الله لا يظلم احد وكل انسان سوف ياخذ حقه كاملا اذا لماذا لا نتسامح في هذه الدنيا الفانيه فالتسامح من اجل نفوسنا وارواحنا لان الانسان المتسامح دائما ضميره مرتاح ونفسه مرتاحه بعكس الحاقد او الغير متسامح فانه دائما متوترا ومشاعره سلبيه  لان الانسان الغير قادر على التسامح يكون بداخله مقهورا حاقدا فالتسامح محبه وسلام وراحه للنفس البشريه التي لها حق  علينا وليعلم الانسان ان الله يحب التسامح والمتسامحين واعلم انك كيف تريد من الله ان يسامحك عليك ان تسامح وانك  عندما ترجوا رحمة الله عليك ان ترحم واعلم ان الظلم حرمه الله على نفسه لماذا اذا  نتظالم ولا نتسامح قال الله تعالى يابن ادم قد حرمت الظلم على نفسى وجعلته محرما
بينكم فلا تظالموا وقال ايضا الله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
 عزيزي القارئ عزيزتي القارئه عالمنا اليوم في أشد الحاجة إلى  التسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس أكثر من أي وقت مضى، نظراً لأن التقارب بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب، حتى أصبح الجميع يعيشون في قرية كونية كبيرة وهذا يعني بعبارة أخرى أن هذا المجتمع الإنساني المنشود لن يتحقق على النحو الصحيح إلا إذا ساد التسامح بين أفراده، بمعنى أن يحب كل فرد فيه للآخرين ما يحب لنفسه
ولا شك في أن وعينا بأننا خطّاؤون  يواكبه في الوقت ذاته وعينا بمسؤوليتنا التي ترتكز عليها كرامتنا الإنسانية، الأمر الذي يمكّننا من السلوك القويم المتسامح حيال الآخرين الذين يشاركوننا في الإنسانية، والذين ينبغي أن يربطنا بهم رباط التضامن الإنساني المشترك. والتسامح -كما ذكرنا- يقوم على الاعتراف بحرية وكرامة كل إنسان. ونحن مطالَبون أخلاقيّا ودينيّا أن نكون متسامحين مع كل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والثقافية والدينية والأيديولوجية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق